الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

التصنيف العمري للمسلسلات ...هل يحمي مجتمعنا ؟

التصنيف العمري على المسلسلات

5-6-2022 | 07:46

 

ولاء جمال 

«+ 12».. «+ 16».. «+ 18».. جمهور عام.. إلى غيرها من تلك التصنيفات العمرية، وذلك المصطلح الجديد على الدراما التليفزيونية  سواء هذا العام أو الأعوام السابقة، والذى أصبحنا نراه جلياً فى السنوات الأخيرة. فقد كان المتعارف عليه.. لافتة «للكبار فقط»، على أفيشات الأفلام السينمائية؛ لتنبيه مرتاديها إلى وجود بعض المشاهد أو الألفاظ التى لا تلائم ما دون السن المناسبة.

 

فيما انتقلت هذه اللافتة للمسلسلات مع تحويلها إلى فكرة الفئات العمرية المحظور عليها مشاهدة أو الاستماع إلى بعض ما تقدمه هذه المسلسلات، ويتسم بالجرأة على أقل تقدير.

فى البداية إذا اتفقنا أن الهدف الأول والأخير من هذا التصنيف العمرى هو حمايه أبنائنا مما قد يؤثر عليهم سلباً جراء مشاهدة بعض الأشياء غير المرغوب فيها.. فكيف للأسرة أن  تكمل هذا الدور وتحمى ابنائها مما قد يتعرضون لمشاهدته خاصة مع قيام الجهات المعنية بدورها كاملاً فى هذا الإطار؟

 ودعونا نبدأ من الإشارة إلى البيان الصادر عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هذا العام خلال شهر رمصان الماضي، والذى أوضح فيه المعايير والمحاذير الواجب اتباعها كالتالى..

الأعلى للإعلام:

  ضرورة الالتزام بالكود الإعلامى الصادر عن المجلس منذ سنتين، والمنشور فى الجريدة الرسمية من منطلق مسئولية المجلس القانونية والدستورية المتعلقة بحماية حقوق المشاهدين والحفاظ على حرية الإبداع.. وعدم التعرض للنواحى الفنية للأعمال الدرامية.. تم وضع معايير الأعمال الدرامية والإعلانات التى يتم عرضها على الشاشات وإذاعتها على محطات الإذاعة وهى:

الالتزام بالكود الأخلاقى، والمعايير المهنية والآداب العامة.

احترام عقل المشاهد والحرص على قيم وأخلاقيات المجتمع، وتقديم أعمال تحتوى على المتعة والمعرفة وتشيع البهجة وترقى بالذوق العام وتظهر مَواطن الجمال فى المجتمع.

التزام الشاشات بالمعايير المهنية والأخلاقية، فيما يعرض عليها من أعمال سواء مسلسلات أو إعلانات.

عدم اللجوء إلى الألفاظ البذيئة وفاحش القول والحوارات المتدنية والسوقية التى تشوه الميراث الأخلاقى والقيمى والسلوكى، بدعوى أن هذا هو الواقع.

البعد عن إقحام الأعمال الدرامية بالشتائم والسباب والمَشاهد الفجة، التى تخرج عن سياسة البناء الدرامى، وتسىء للواقع المصرى والمصريين، خاصة أن الدراما المصرية يشهدها العالم العربى والعالم كله.

عدم استخدام تعبيرات وألفاظ تحمل للمشاهد والمتلقى إيحاءات مسيئة تهبط بلغة الحوار، ولا تخدمه بأى شكل من الأشكال.

الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص فى كل مجال فى حالة تضمين المسلسل أفكاراً ونصوصاً دينية أو علمية أو تاريخية حتى لا تصبح الدراما مصدراً لتكريس أخطاء معرفية.

التوقف عن تمجيد الجريمة باصطناع أبطال وهميين يجسدون أسوأ ما فى الظواهر الاجتماعية السلبية التى تسهم الأعمال الدرامية فى انتشارها.

ضرورة خلو هذه الأعمال من العنف غير المبرر والحض على الكراهية والتمييز وتحقير الإنسان.

التأكيد على الصورة الإيجابية للمرأة، والبعد عن الأعمال التى تشوه صورتها عمداً أو التى تحمل الإثارة الجنسية سواء قولاً أو تجسيداً.

تجنب مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات التى تحمل إغراءات للنشء وصغار السن والمراهقين لتجربة التدخين والتعاطى، مع ضرورة التزام صناع الدراما بما تم الاتفاق عليه بشأن هذه الظواهر فى الوثيقة الصادرة عام 2015 بمشاركة منظمة الصحة العالمية والمركز الكاثوليكى ونقابتى المهن التمثيلية والسينمائية ورئيس اتحاد النقابات الفنية وعدد من رموز الفن والإعلام، وذلك للحد من مشاهد التدخين.

إفساح المجال لمعالجة الموضوعات المرتبطة بالدور المجيد والشجاع الذى يقوم به أفراد المؤسسة العسكرية ورجال الشرطة فى الدفاع عن الوطن.

مسئولية القنوات الفضائية والإذاعات عن اختيار الأعمال الفنية الإبداعية الهادفة، التى تحمل قيمة ورسالة للمشاهد.. وتتناسب وطبيعة المجتمع، وتحافظ على العادات والتقاليد والموروث الشعبى والتى تتطرق إلى القضايا الاجتماعية المهمة قبل عرضها، وذلك إثراءً للشاشات والإذاعات بالدراما المحلية.

وفى عودة لمناقشة مصادرنا حول هذه القضية تقول الإعلامية رانيا هاشم، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: التصنيف العمرى هو نوع من إخلاء المسئولية على الكاتب أو منتج المسلسل، بكتابة الفئة العمرية المتاح لها المشاهدة من دونها، وهذا قانوناً صحيح والمجتمع كله أولاً محتاج توعية بماذا يشاهد وما لا يجب أن يشاهده، ومتى، فالناس أحياناً تشاهد الأعمال للتسلية فقط، فهل الهدف التسلية فى حد ذاته؟ وتظل «فاتح» التليفزيون الـ٢٤ ساعة، لتشاهد ولا تعرف ما هدفك، فالمجتمع نفسه يحتاج أن تكون لديه ثقافة مختلفة، فنحن لن نظل نمنع لمجرد المنع لأن المجتمع لا يعرف ماذا يريد، لابد أن يكون هناك نوع من التوعية، أى ينبغى على الشخص أن يكون على دراية برسالته، فأنا أشاهد لأنى أريد رسالة معينة.. فهل ما أشاهده هذا سيعطينى الرسالة التى أريدها أم أننى أشاهد لمجرد التسلية فقط، وهذا يحدث مع بعض الناس الذين يبدأون يتكلمون عن المسلسل بعد ثلاث حلقات فتعرف الناس أن هذا المسلسل يستحق تضييع الوقت أمام الشاشة أم لا، الوقت طبعاً من ذهب، خسارة جداً أن أضيعه فى مسلسل أو فيلم ليست له أية قيمة، وهناك أشخاص يفضلون الانتظار لمعرفة الآراء، وهؤلاء بالفعل يبحثون عن شىء معين يأخذون منه رسالة أو يستفيدون ليشعروا بأنهم لا يضيعون وقتهم دون مقابل، فهؤلاء هم الذين لديهم وعى وكذلك هم الذين يوجه لهم هذا التصنيف العمرى فوق الـ١٦وفوق الـ١٨، وهذا مهم جداً فيه دور للأهل.

وأسأل الأم.. هل تتركين أولادكِ يشاهدون هذه الأشياء؟ من المفترض أن توجهيهم، فهذا دورك ورسالتك فى الحياة، كأن تقولى لابنك، هذا ليس لسنك فمن الممكن أن يقال فيه كلام غير لائق، وبالتالى، أنتى أيضاً ستمنعين نفسك عنه لأنك قدوته، ولايفترض أن تقولى له ادخل غرفتك وتجلسين تتابعين، لايصح، فمن يكتب على مسلسله هذه التصنيفات العمرية، يكون خاسراً، ولكن هو نوع من الحماية المجتمعية وإخلاء المسئولية، يبرئ بها الكاتب ساحته من الحساب عن تلك النقطة، وعرض أعمال لا تليق بفئات سنية صغيرة، فنجده يقول: «أنا كاتب.. وأنتم أحرار»، وعنده حق، فلن تستطيعى طوال الوقت أن تمنعى كل شىء، وفى نفس الوقت الكاتب عينه على تقديم عمل يليق بكل الأعمار.

وبالمناسبة فكرة التصنيف العمرى هذه أيضاً موجودة فى المسلسلات الأجنبية؛ لأنه كذلك ليس أى مسلسل أجنبى تستطيع أن تشاهده أمام أولادك؛ لأن هناك مسلسلات فيها جرأة لا يجوز أن نجعلهم يشاهدونها، ففى النهاية البيت أهم شىء فى مسألة صنع الوعى لدى الأبناء.

وتضيف رانيا هاشم: هذه المسلسلات فى النهاية تمر علينا كلجنة الدراما التى تترأسها الأستاذة عزة مصطفى،  و طوال العام إذا عرض عليها شىء، أو هناك أى مشكلة جاءت لنا فى المجلس مثلاً تعرض على لجنة الدراما، فيتم وقف المسلسل.

السيناريست محمد سليمان عبد المالك يقول: أنا ضد الرقابة، ومع التصنيف العمرى تماماً، وهو شىء معمول به فى العالم كله، لأنه فى النهاية هناك أعمال للعرض العام لكل الجمهور، وهناك أعمال «+12» و«+14» و«+16» و«+18»، وهناك بإشراف الأبويين، وهذا يحدث فى السينما والتليفزيون والفيديوجيم، فنحن اليوم متأخرون عن العالم كوننا مازال عندنا جهاز رقابة وعندنا أعمال المفترض قراءتها أولاً، وبعد ذلك تشاهد، أنا فاهم أن هذا يحدث لأن التليفزيون يدخل كل البيوت لكن لابد أن يكون هناك نوع من أنواع السيطرة الأسرية بشكل طبيعى، فى النهاية أقصد أن أقول إن جهاز الرقابة ليس من المفروض أن يعمل للمتفرج شغله، لكن المفروض المتفرج هو الذى يختار ما يرى وما لا يرى، وليكون هناك نوع من الوصاية على المشاهد أنه يختار الشىء الذى يشاهده لأن العالم كله انفتح وفكرة أنك تمنع شيئاً اليوم أمر غير وارد الحدوث، فأنا مع التصنيف العمرى وكذلك مع وضوح التصنيف العمرى على الأعمال التى تعرض على المنصات، لأن شاشة المنصات فى النهاية يذهب لها الجمهور بنفسه، وبفلوسه مثل السينما تماماً، فبالتالى هو مسئول عما يشاهد، وإذا رأى مالا يعجبه فلن يدفع الأشتراك ببساطة.

 أما المخرج رؤوف عبد العزيز، مخرج مسلسل «انحراف» بطولة روجينا فيقول: أنا كمخرج لي قناعتى الشخصية عموماً ومنها ألا أقدم فى أعمالى أى محاذير، وفى نفس الوقت بصراحة أنا ضد المنع، أنا مع أن يقدم كل شخص العمل بما يتراءى له، وفى النهاية إما يتقبل الجمهور هذا أو يلفظه، وإذا كان هناك فنان آخر له وجهة نظر غير التى أقدمها لا يمنعنى، بل يستطيع أن يقدمها فى عمل آخر.. أى يستطيع تقديم وجهة نظره المقابلة فى عمل فنى آخر، وكل هذا يؤدى فى النهاية إلى إثراء الأعمال الفنية، فهى حراك وتفاعل فى المجتمع تجاه الجمهور وتجاه قضاياه.