الجمعة 17 مايو 2024

سمير صبرى موهبة ربانية خطفت القلوب وخاطبت العقول


سمير صبري

5-6-2022 | 07:46

رشا صموئيل

رشا صموئيل

استيقظت يوم الجمعة الموافق 20 مايو على خبر رحيل الفنان القدير سمير صبرى وكم تمنيت أن تكون شائعة سخيفة كما يطلقون بين الحين والآخر، ولكن للأسف تأكدت من الخبر الذى نزل علىّ كالصاعقة ،والغريب أنه جاء فى الوقت الذى كان  الجميع يهنئه بالتعافى من المرض الذى أصابه الفترة الأخيرة من حياته.

لا أستطيع أن أصف لكم حزنى المضاعف لأن بجانب كونى واحدة من معجبيه شرفت بإجراء حوار صحفى معه الذى زاد من انبهارى به أكثر، للأسف فقدنا شخصية فنية ثرية وحالة إنسانية رفيعة المستوى ارتبطنا به على مدار مسيرة فنية طويلة تمتع فيها بموهبة كبيرة منحته القدرة على تصدر المشهد سواء فى التمثيل مع عظماء الفن أو عالم تقديم البرامج كما كان فنانا استعراضيا صاحب صوت رنان مبهج وأيضا كان له تجارب  عديدة فى الإنتاج، لذلك أطلق عليه لقب فنان شامل متعدد المواهب ذلك الفتى الذى لفت انتباهى بخفة ظله مع بداية مرحلة طفولتى، فكنت أستمتع بمشاهدته فى أفلام كوميدى منها فيلم «شنبو فى المصيدة» مع الأستاذ فؤاد المهندس وأيضا «أخطر رجل فى العالم» (الجزء الأول) أما الجزء الثانى دوره لم يكن كوميديا بقوة وأيضا دوره فى فيلم «30 يوم فى السجن» مع فريد شوقى وكنت أعشق دوره فى فيلم «البحث عن فضيحة» ذلك الشاب الدنجوان الكوميدى المقطع السمكة وديلها ،فقد كانت البطولة  القاسم المشترك بينه وبين الزعيم عادل إمام ثم انتقل إلى مرحلة أخرى من الأدوار الأكثر نضجا ليخرج من عباءة البطل الاستعراضى ومن هذه الأفلام  صاحبة البصمة فى تاريخ السينما فيلم «التوت والنبوت وبالوالدين إحسانا»، كان الفنان القدير سمير صبرى ممثلا شاملا، صاحب لون متفرد كالبلبل يقف على كل فرع من فروع الفن ليغرد أعذب وأجمل الألحان  تارة يمثل وتارة أخرى يغنى ويرقص ، كان الشاب الوسيم  المثقف الذى خطف القلوب وكان الممثل الناضج الواعى الذى خاطب العقول، عشنا معه جميع مراحله العمرية بأفراحها وأحزانها التى كنا القاسم المشترك بها، سمير صبرى موهبة ربانية دعمتها الظروف بداية من نشأته بالمجتمع السكندرى الذى شكل وجدانه بالفن  التى كان لها فضل كبير عليه حيث كان يذهب مع والدته للسينما لمشاهدة أفلام إيطالى ويونانى وفرنسى هذا بخلاف الأوبرا الإيطالية لأن وقتها كان المسرح والسينما هما الفسحة الوحيدة للمجتمع السكندرى، أيضا عندما أتحدث عن بدايته القوية والمرحلة الأهم فى تاريخه الفنى  لابد أن أتحدث عن المخرج الكبير حسن الإمام الذى التفت إليه بعد فيلم «البحث عن فضيحة» واحتضن موهبته وقدمه فى عدد كبير من الأفلام منها «امتثال» مع نور الشريف وأيضا «حب وكبرياء»  مع محمود ياسين ونجلاء فتحى وأيضا «حكايتى مع الزمان)  أمام رشدى أباظة وأيضا فى نقلة نوعية من خلال فيلم (بمبة كشر» مع الفنانة نادية الجندى وفيلم «بالوالدين إحسانا»، الذى حصل من خلاله على جائزة من الرئيس الراحل أنور السادات فى عيد الفن، هذا بجانب سمير صبرى مقدم البرامج المخضرم فقد قدم العديد من البرامج منها «النادى الدولى وهذا المساء وكان زمان»، وهذا كشف عن جانب رائع فى شخصيته كمحاور مثقف حاضر الذهن وكان له العديد من اللقاءات مع عدد من أبرز الشخصيات السياسية، وعلى الجانب الآخر حواراته مع نجوم الفن أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب والفنان عبدالحليم حافظ ونور الشريف ونجلاء فتحى وميرفت أمين كل هذا الصقل والموهبة جذبتنى كثيرا وولدت بداخلى الشغف كصحفية أن أقترب إليه وأحاوره وبالفعل شرفت بمقابلته مرتين الأولى مصادفة وعابرة من خلال كواليس مسلسل «ياورد مين يشتريك» 2004مع النجمة مى عز الدين وتفاجأت به أمامى ووقتها سمرت فى مكانى وشعرت برهبة شديدة وبمجرد أن اقتربت إليه للتحية وجدته يبتسم ابتسامة رقيقة متواضعة أذابت الحاجز الزمنى والثقافى، هو فى الحقيقة نجم ذو هيبه وطلة يعمل لها ألف حساب أما بالنسبه للمقابلة الثانية والأخيرة كانت مقصودة بعمل حوار معه لمجلة الكواكب 2021 بمناسبة عيد السينما 125 ولكن هذه المرة كانت عبر الهاتف لظروف حالت دون مقابلتنا ، وكان حوارا طويلا ممتعا مع نجمى المفضل كنت فى غاية السعادة وأنا أحاور هذا الفنان السكندرى العملاق الذى يعد بحرا من بحور الثقافة السينمائية، ذلك الحوار الهام الذى كشف لى عن مدى ثقافته ووطنيته وأيضا إنسانيته، فى البداية كنت فى حيرة من أين أبدأ مع فنان رصيده السينمائى 123 فيلما بين التراجيديا والأكشن والكوميديا فبتلقائية شديدة طرحت عليه سؤالا كان سيد الموقف وهو كيف ترى السينما المصرية بعد قرن وربع القرن؟ وظهر هنا الجانب المثقف الوطنى فى صبرى قائلا: السينما بمثابة مرآة عكست بحرفية شديدة تاريخ مصر بدءا من ثورة عرابى إلى يومنا هذا، السينما هى التى وثقت الأحداث السياسية وهى خير من عبر تعبيرا واقعيا عما يعيشه الشارع المصرى بأفراحه وانتصاراته وأيضا معاناته وقضاياه ،أرى فى السينما حياة وأفخر أننى جزء من تاريخها ولكل عمل  بصمة خاصة وخاصة فيلم «رحلة الأيام» مع سهير رمزى وأيضا فيلم «بالوالدين إحسانا» الذى تلقيت عليه العديد من الجوائز أيضا فيلم «التوت والنبوت» وأيضا شخصية محفوظ عجب الصحفى الوصولى فى «دموع صاحبة الجلالة» والفيلم الكوميدى «دقة قلب» مع ميرفت أمين وفيلم «أهلا ياكابتن» مع الفنانة الاستعراضية نيللى ثم استطرد حديثه بفخر قائلا: عشقى للسينما وللفن جعلنى أقدم 132 فيلما منها أدوار يحسدنى عليها أى نجم من نجوم السينما وتعاملت من خلالها مع نجوم كبار وأيضا عمالقة الإخراج مثل محمد عبد العزيز وأيضا أستاذ بركات من خلال أفلام رائعة منها «رحلة الأيام» وأيضا حسام الدين مصطفى عملت معه «الأخوة الأعداء) وعندما حدثته عن الجانب الاستعراضى فى أفلامه وكيف تأثرنا بأغانيه التى لم يستطع أن يطويها غبار السنوات الطويلة بل مازلنا نرددها، أجابنى والسعادة تبدو فى صوته قائلا وهذا كرم من ربنا أن الأغانى التى قدمتها مميزة ومازالت تعيش فى وجدان الناس وأشهرهم دويتو «سكر حلوة الدنيا سكر» مع العملاقة شادية بفيلم «نص ساعة جواز» وأيضا أغنية «إللى حسدونا» وأغنية «أضحك يابو على ياخفيف الدم« بفيلم «جحيم تحت الماء» وأغانى أخرى أعترف أن الأفلام السينمائية كانت السبب فى تخليدها وهذا الفكر جعلنى أتجه للإنتاج السينمائى حيث أنتجت 22 فيلما وبالمناسبة لم تحقق جميعها مكاسب مادية ولكن يكفى النجاح الفنى وأنها إلى الآن تحيا فى ذاكرة السينما، وأيضا حققت نجاحا كبيرا فى أدوار بعيدة تماما عن الاستعراض منها فيلم بالوالدين إحسانا أمام العملاق فريد شوقى فمازالت عينى تدمع عندما أرى المشهد الأخير ،ثم اختتم حديثه الشيق أنا سعيد وفخور جدا بمشوارى المتنوع مابين التمثيل والغناء والاستعراض وتقديم البرامج وشرفت بالعمل مع عمالقة التمثيل ومشوارى الفنى ليس ثريا فقط بالأعمال الفنية ولكن بالعلاقات الإنسانية التى تعلمت منها الكثير وأيضا أفخر بها إلى الآن بالفعل أفتقد للزمن الجميل والناس الحلوة .