على مدار ثلاث وأربعين نسخة سابقة، احتفظ مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لنفسه بمكانة عظيمة وسط أكبر المهرجانات السينمائية حول العالم، لتنطلق الدورة الرابعة والأربعون منه يوم الأحد الماضى الموافق 13 نوفمبر 2022، بدار الأوبرا المصرية، والتى تستمر حتى يوم 22 من الشهر الجارى.
الشرارة الأولى للمهرجان
يعد مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هو الأول من نوعه فى العالم العربى، حيث انطلقت أولى دوراته عام 1976، وكما جاء فى مذكرات الفنان والإعلامى الراحل سمير صبرى أن بداية فكرة المهرجان تولدت إثر لقاء جمعه بالعندليب عبد الحليم حافظ، والكاتب كمال الملاخ والفنانة نجوى فؤاد، فيما كان يتحدث كمال الملاخ عن حلمه بتأسيس مهرجان سينمائى متميز.
وعندما عرض هذا المقترح تحمس عبدالحليم حافظ جداً للفكرة، وشعر بأنه وجد وجهته التى يبحث عنها، ولكن العقبة كانت فى الميزانية والتكاليف الباهظة التى تتطلبها إقامة مهرجان بهذا الحجم يليق باسم مصر، وبكونه أول مهرجان سينمائى بالوطن العربى.
واقترح حليم وقتها أن يحيى عدة حفلات يعود ربحها كاملاً لإنشاء المهرجان، وهو ما تم بالفعل، حيث نفذ العندليب وعده، وفعلت مثله المطربة الكبيرة وردة، ومن بعدهما أتت مشاركة نجوى فؤاد، التى أقنعت زوجها فى ذلك الوقت سامى الزغبى مدير عام أحد فنادق القاهرة، بأن يقام المهرجان بهذا الفندق، وأن يكون راعياً للمهرجان.
نجوم دعموا النسخة الأولى
لم يتوقف الدعم على هؤلاء فقط، بل نالت الفكرة استحساناً من غالبية الفنانين وقتها، وعمل الجميع على تنفيذها على أرض الواقع، فقد كان للنجم العالمى عمر الشريف دور مهم فى دعم المهرجان، حيث دعا النجمة العالمية كلوديا كاردينالى للحضور، وحضر كل نجوم السينما فى مصر حفل الافتتاح، وقدم سمير صبرى فقرات الحفل.
وما زاد الدورة الأولى من المهرجان تميزاً ونجاحاً، هو حضور أهم النجوم وقتها، مثل عمر الشريف، أحمد مظهر، نادية لطفى، فاتن حمامة، كمال الشناوى، شادية، نور الشريف، يوسف شاهين.
جدير بالذكر أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، هو أحد أعرق المهرجانات فى العالم العربى وأفريقيا والأكثر انتظاماً، وينفرد بكونه المهرجان الوحيد فى المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن الفئة «A» فى الاتحاد الدولى للمنتجين فى باريس (FIAPF).
وعن ذكرياتها مع الدورة الأولى للمهرجان، تحكى الفنانة نجوى فؤاد، أن مساعدتها فى تدشين دورته الأولى جاءت بدافع وطنى، حيث بدأ الأمر بطلب من مؤسس المهرجان الناقد والمؤرخ الشهير كمال الملاخ، بتوفير غرف للمشاركين فى المهرجان داخل أحد الفنادق التى كانت تعمل بها حينذاك، إضافة إلى أن زوجها كان مديراً لأحد أهم الفنادق الشهيرة بالقاهرة، وبالفعل أقنعته بأن تحصل إدارة المهرجان على عدد من الغرف بالمجان، وأيضاً تخصيص مكان مناسب لإقامة حفلى الافتتاح والختام، وهو الدعم الذى استمر لمدة 3 سنوات كاملة.
وفى تصريحاتها، قالت نجوى فؤاد: «من جيبى الخاص نفذت بعض الديكورات داخل حمام السباحة الذى كان من المنتظر أن يُقام عليه حفل الافتتاح، وشراء الورود ووضعها داخله».
ولفتت الفنانة المصرية القديرة إلى أن علاقات كمال الملاخ كان لها أثر كبير فى إنجاح الدورة الأولى من مهرجان القاهرة السينمائى، حيث دعا أدباء وكتاباً عالميين، ليخرج المهرجان بشكل مشرف.
و 23 دولة و26 فيلماً
وقبل أشهر قليلة من انطلاق النسخة الأولى للمهرجان، أنشأ كمال الملاخ، الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما لتكون راعية لمهرجان القاهرة السينمائى، ووقع الاختيار على الأديب ووزير الثقافة وقتها يوسف السباعى ليكون رئيساً فخرياً للجمعية، وانطلقت الدورة الأولى فى 17 أغسطس عام 1976 بمشاركة 23 دولة وعرض 26 فيلماً، منها 14 فيلماً فى المسابقة الرسمية، بحضور وفد إيطالى ضم 12 نجماً سينمائياً، شاركوا بأربعة أفلام داخل المسابقة الرسمية، كما حضرت السينما الهندية بقوة، وحضور خاص لنجمها راجندر كومار.
مهرجان دولى منذ ولادته
وعقب انطلاق المهرجان، نجح كمال الملاخ بعلاقاته الدولية الواسعة، والتى أكدتها الفنانة نجوى فؤاد باعتبارها شاهدة على ذلك، فى إعطاء المهرجان صفة «الدولية»، حيث دعمه صديقه ألفريد باور رئيس مهرجان برلين، ونجح فى إقناع رئيس اتحاد المنتجين الدوليين بمنح الصفة الدولية للمهرجان، والذى رحب بذلك.
عماد حمدى نجم الدورة
أما عن الجوائز، فقد فاز الفنان عماد حمدى بجائزة أحسن ممثل عن دوره فى فيلم «المذنبون» للمخرج سعيد مرزوق، وحصدت الممثلة السوفيتية لينا كاريسثينز جائزة «نفرتيتى الذهبية» كأفضل ممثلة عن الفيلم السوفيتى «عندما يأتى الخريف».