لعبت المرأة المصرية وكما هى عاداتها على مر التاريخ دوراً مؤثراً وكبيراً لا يمكن إغفاله أو تجاهله خلال ثورة 30 يونيو للإطاحة بحكم جماعة الإخوان، هذا بخلاف تقدمها الصفوف وقياداتها لأسرتها فى كافة الاستحقاقات الدستورية، وعلى الرغم من هذا الأمر إلا أن المشاركات السياسية للمرأة لم تبرز بالشكل الكبير من خلال الأعمال الدرامية حتى الآن.. فما هى الأسباب؟
«الكواكب» ناقشت التساؤل مع مجموعة من المتخصصين فى التحقيق التالى...
مكتسبات عدة
فى البداية ترى الفنانة والنائبة بمجلس الشيوخ سميرة عبد العزيز، أن الأزمة فى الأساس هى أزمة النص، مشيرة إلى أن المؤلفين يجب أن يدركوا أهمية وجود المرأة فى المجال السياسى، واقتحامها لكل المجالات ودورها البارز فى الانتخابات وكافة الاستحقاقات، بالإضافة إلى تواجدها فى مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، وتقلدها كافة المناصب القيادية.
وأضافت عبد العزيز قائلة: سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى أنصف المرأة للغاية، وفى عهده أصبح للمرأة مكان بارز فى كافة مناحى الحياة، وبالتالى يجب على المؤلفين أن يأخذوا على عاتقهم إبراز هذه المسألة، ونحتاج لأن يعرف الشعب والجمهور ما وصلت إليه، لاسيما مع وجود نسبة أمية، وعدم اهتمام البعض بقراءة الصحف والمجلات، وبالتالى فالفن وسيلة مهمة ورئيسية وحيوية لمعرفة ما يجرى فى مصرنا الحبيبة».
واستطردت عبد العزيز حديثها قائلة: الفن فى النهاية مرآة لما يحدث فى المجتمع، وقد حصلت المرأة فى الآونة الأخيرة على مكتسبات ومنجزات عدة، وهنا يجب على الفن إبرازها للعالم، وللجمهور لكى يفهم ويعى ماذا يحدث فى بلدنا من تطور؟ وما المانع من تقديم عمل فنى يتناول حياة وزيرة أو نائبة برلمانية؟ وهناك الكثير من النماذج النسائية الإيجابية، فى كافة المجالات، التى تستحق تسليط الضوء عليها.
قلة الوعى
وأكد المؤلف والسيناريست مجدى صابر، أن هناك حالة من التقصير من الدراما فى تناول المشاركات السياسية للمرأة، حيث لم تعبر بالشكل الكافى عما وصلت إليه سواء فى البرلمان أو الحياة السياسية بشكل عام، لافتاً إلى أن كل الاستحقاقات الانتخابية، والتعديلات الدستورية فى العقد الأخير شهدت مشاركة المرأة المصرية بنسبة تخطت 50 % بالتصويت وهو حدث لم يكن موجوداً من قبل، وحتى فى ثورة يونيو كان تواجد المرأة قوياً بما يعكس دورها الحيوى الفاعل فى الحياة السياسية.
وأضاف صابر قائلاً: أرى أن غياب الدور السياسى للمرأة على الشاشة هو أزمة كتابة فى المقام الأول، وبالتالى يوجد قلة من الكتاب الذين يستطيعون التصدى للقضايا التنويرية أو ذات الأهمية للمجتمع.
وختم صابر حديثه قائلاً: بلا شك نحتاج إلى مسلسلات وأفلام تبرز هذا الدور بما فيه من فوائد لمجتمعنا المصرى.
قصص مبهرة
وتتفق المخرجة أنعام محمد على، مع الآراء السابقة فى أن السبب الرئيسى لعدم إبراز المشاركات السياسية للمرأة على الشاشة هى أزمة الكتابة؛ لأن النص هو العصب الرئيسى للدراما سواء فى التليفزيون أو السينما، والمؤلفون هم أساس أى عمل فنى، مشيرة إلى أن السينما والدراما تناولت تلك القضايا فى أعمال سابقة سواء بالتركيز على الدور الإيجابى، أو التندر والفكاهة.
وأضافت قائلة: الفترة الحالية تشهد تميزاً وازدهاراً للمرأة من الناحية السياسية، وهو ما يعكس أهميتها وإدراك دورها، وهو أمر إيجابى، فالحكومة الحالية تضم حالياً 8 وزيرات، وكذلك التواجد الملموس للمرأة فى البرلمان ومجلس الشيوخ، فلم تعد حبيسة الدور الاجتماعى كزوجة وأم فقط، وهو ما يستوجب تسليط الضوء عليه فى الفترة المقبلة، بأن المرأة أصبحت وزيرة، وقاضية، ونائبة فى البرلمان، وعضو مجلس شيوخ، فالموضوعات التى تم تقديمها من قبل لم تكن بالقوة والصدق والإقناع المطلوب.
وختمت المخرجة الكبيرة حديثها قائلة: السيدات المصريات يمتلكن قصص نجاح مبهرة، وفى كافة المجالات والمهن، ولكن نحتاج فقط إلى من يبحث ويسلط الضوء على تلك القصص، ويبرزها للمجتمع، لأن العامل الرئيسى والمهم فى أى عمل درامى هو المؤلف.
بطولات المرأة
وعلى النقيض يختلف المؤلف والسيناريست أيمن سلامة مع الرأى السابق، مؤكداً أن الدراما المصرية لم تغفل على مدار تاريخها دور المرأة فى كافة المجالات سياسياً واجتماعياً، واقتصادياً، مشيراً إلى أن القول إن الدراما تجاهلت أى قضية عن المرأة المصرية هو ظلم شديد، مشدداً على أن المرأة فى الدراما ظهرت وزيرة، ونائبة فى البرلمان، وطبيبة، ومهندسة، ودكتورة جامعية، وصحفية.
وأضاف سلامة قائلاً: على مدار الفن المصرى سواء فى السينما أو الدراما تم إنتاج عشرات الأعمال الفنية التى عكست بطولات المرأة، فلا يمكن إغفال أعمال فنية مثل «ضمير أبلة حكمت»، أو «قضية معالى الوزيرة».
وختم سلامة حديثه قائلاً: من المؤكد أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد والمزيد من الأعمال التى تظهر المرأة، ودورها البارز سياسياً بما يتناسب مع المسار الداعم لها من قبل الدولة والقيادة السياسية، علي كافة المحافل.
الوعى الجمعى
وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى إن الوعى الجمعى لدى المواطنين لم تستقر فيه المرأة كناشطة بدور فاعل فى الحياة السياسية كبرلمانية، وقيادية، ولها دور حيوى ومهم فى تركيبة المجتمع ومسيرته التنموية ونهضته، وهى فكرة متأصلة فى وعى المجتمع والرجال تحديداً، وإذا أدركوا أهمية هذا الدور كجزء من تلك التركيبة فإن الأمور ستتغير، وسنشاهد تمثيلها على الشاشة فى الدراما والسينما من الناحية السياسة بشكل قوى وفعال للغاية.
وأضافت البشلاوى، قائلة: المسألة يجب أن تبدأ من الفكر والعقل فى الأساس، وصناع السينما والدراما جزء لا يتجزأ من المجتمع، واستقرار فكرة الدور الحيوى للمرأة فى الحياة السياسية سيسهل من إنتاج أعمال تعبر عنها، لأن المرأة تم وضعها فى إطار المنظومة الأسرية فقط، لنجد كل الأعمال تتحدث عنها كزوجة وابنة وأم فقط، وفى الواقع هى شغلت كل المناصب القيادية العليا، فى الوقت الراهن، ولكن استقر فى ذهن كثير من الكتاب والمؤلفين أن المرأة لم تخرج من إطار الأسرة، ومع إدراك الوضع الجديد، سنجدها تلقائياً وعملياً على الشاشة بهذه الصورة.
واستطردت البشلاوى بالقول: سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى يؤمن بالمرأة، ويؤمن تماماً بدورها القوى الفاعل فى كافة مناحى الحياة، وما قدمته من تضحيات للبلاد، وهنا نحن فى حاجة إلى كتاب ومؤلفين يدركون تلك النقطة، حتى يتشكل الوعى الجمعى لدى الشعب بأهمية دورها فى الحياة سياسياً واجتماعياً، وثقافياً، واقتصادياً، وسنجد ما تستحقه من مكانة فى المجتمع، وبالتالى فالقصة ستبدأ من مجموعة مؤلفين خارج المنظومة الحالية، التى تتناول المرأة فقط فى صورتها التقليدية، وقطعاً هناك الكثير من الرجال الذين يؤمنون بدور المرأة، والوعى المستنير بأهميتها، والإيمان المطلق بها فى الجانب السياسى والتنموى، ومن هنا ستكون ضربة البداية.
وختمت البشلاوى بقولها: مع استقرار الفكر الجديد فى الوعى والضمير الجمعى للمواطنين سيظهر تلقائياً تيار موازٍ فنياً يعكس ما يحدث فى السياسة الآن، وتقلد المرأة كافة المناصب القيادية، مثل الوزيرة، والنائبة، والسفيرة، وسيصبح الأمر طبيعياً بالمجتمع وليس استثنائياً.