28-12-2022 | 11:13
خالد فؤاد
لعل من الأشياء التى لايعرفها الكثيرون، ونكشف النقاب عنها للمرة الأولى فى هذا التقرير ألا وهو إطلاق اسم كوكب الشرق، السيدة «أم كلثوم»، على مسرح «البالون» الشهير بمنطقة العجوزة، وذلك عقب وفاتها مباشرة تخليداً لاسمها وذكرها.
وقد كان هناك سبب جوهرى لإطلاق اسم مطربتنا الكبيرة على هذا المسرح تحديداً كما يقول الكاتب الصحفى عربى أبوسنة، رئيس المركز الصحفى بقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية، حيث أكد أن أم كلثوم كانت تقوم بإحياء حفلات ثورة ٢٣ يوليو على هذا المسرح «البالون».
فيلا أم كلثوم
ومن المفارقات الطريفة أن المسرح كان قريباً من فيلتها الشهيرة بمنطقة الزمالك، فكانت الفيلا تقع على الجانب الثانى من النيل، وكانت تستطيع مشاهدة المسرح من فيلتها، والعكس، ومن ثم لم تكن تستغرق وقتاً أو جهداً فى التحرك من فيلتها للمسرح أو العودة، ومن هنا كان المسرح يمثل بالنسبة لها حالة خاصة جداً.
وقيل، ضمن ما قيل، إنها توجهت للمسرح أكثر من مرة لإحياء بعض الحفلات عن طريق مركب كانت تستقله أمام فيلتها، وتعود بنفس الشكل بعد انتهاء فقرتها الوطنية دون الحاجة لركوب سيارة أو ما شابه.
ومعروف أن فيلتها هذه تم بيعها بعد وفاتها ببضعة أعوام لبعض المستثمرين .
مسارح عبدالوهاب والأطرش
وعودة لمسرح «البالون»، الذى تم إطلاق اسم أم كلثوم عليه بعد وفاتها، وتحديداً فى منتصف السبعينيات، فقد ظل لسنوات طويلة يتم الإعلان عنه فى وسائل الإعلام الرسمية بهذا الاسم «مسرح أم كلثوم»، بينما لم يكن الأمر كذلك فى الشارع المصرى والعربى، بل وبين قطاعات المثقفين والفنانين، حيث ظل متداولاً باسم مسرح «البالون»، والأمر بنفس الشكل تم التعامل به مع اسم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، حينما تم إطلاق اسمه على معهد الموسيقى العربية بوسط القاهرة، فقد ظل الجميع يتعاملون مع الاسم القديم والمتداول، ولم نرَ إصراراً على تحويل الاسم ليصبح محمد عبدالوهاب.
وهو نفسه ما حدث مع الموسيقار فريد الأطرش، حينما تم اطلاق اسمه أيضاً على أحد مسارح وسط القاهرة وأيضاً لم يتعامل معه الجمهور أبداً بالاسم الجديد، بل ظل الجميع يذكر المكان باسمه القديم الذى أنشئ به من البداية.
قصة طريفة
ويحتل المسرح كما نعرف موقعاً متميزاً بكورنيش النيل بالعجوزة، ويقع ضمن مجمع ثقافى مهم وضخم يشمل عدة مسارح هى «البالون» و«الغد» و«السامر» وأيضاً «السيرك القومى» وقاعة «منف»، التابعة لهيئة قصور الثقافة.
ويتبع «البالون» بكل مسارحه البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، الذى يشرف عليه قطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة.
وهبى وبدير
وتعود قصة إنشاء مسرح البالون لمكالمة هاتفية عام 1960 من الفنان يوسف وهبى للفنان الكبير السيد بدير الذى كان يشغل منصب المستشار الفنى لفرق التليفزيون المسرحية فى ذلك الوقت.
وتحدث وهبى معه فى أعجوبة بناء مسرح فى شكل «بالون»، أى قابل للفك والتركيب فى ساعات قليلة، ويمكن تحريكه من مكان لآخر.
وقال له يوسف وهبى إن «البالون» بملحقاته المسرحية الكاملة التى تضم أربع كرافانات تستخدم كغرف لتغيير الملابس وعربة إضاءة متنقلة وونش ومدرجات متحركة وبلكون متحرك معروض للبيع فى إيطاليا بمبلغ زهيد جداً هو 39 ألف دولار، وكان الدولار وقتها يساوى 33 قرشاً فقط.
وتم التعامل مع الأمر بجدية شديدة، وتم التواصل مع الجهات بالخارج وأُبرمت الصفقة بالفعل ووصل البالون إلى الإسكندرية فى واقعه شهيرة عام 1962.
وبدأت الاستفادة به أولاً بتشغيله فى الإسكندرية، وتحديداً فى كوم الدكة، لعروض فرقة رضا للفنون الشعبية وفرقة القاهرة الاستعراضية وفرقة الأنوار اللبنانية.
ثم تم نقله بكل ملحقاته للقاهرة، وتم تركيبه بأرض السامر وعرض عليه أول عروض الفرقة الغنائية الاستعراضية.
وفى العام التالى تم فكه وتركيبه فى مكانه الحالى مع ملحقاته، وبعد إعجاب الجميع به تقرر الإبقاء عليه فى مكانه مع تسميته بـ«مسرح البالون».
تحديث وتطوير
وبعد مرور بضع سنوات وتحديداً فى تسعينيات القرن الماضى استلزم الأمر إجراء تطوير وتجهيزات أكبر، وذلك فى عهد الفنان القدير عبدالرحمن الشافعى خلال فترة رئاسته البيت الفنى للفنون الشعبية، فقرر تجديده على أحدث طراز مسرحى وقتها، فاستبدل الخيمة التى كانت تظل أعلى المسرح بتصميم أجوف يشبه إلى حد كبير البالونة.
وتم الافتتاح فى يوليو 1999، وتم فى حفل الافتتاح تقديم العرض الاستعراضى «قلب فى الروبابيكيا», فكرة وإخراج محمود رضا.
وقبل خمسة أعوام، وتحديداً فى عام 2017 تمت أعمال تجديد وإصلاح مرة أخرى أثناء تولى الفنان هشام عطوة رئاسة القطاع.
وأُقيم حفل افتتاح كبير بالمسرح فى 18 مايو 2017 قدم فيه عرض (بيت الفن) من تأليف حمدى نوار واستعراضات عادل عبده، ومن بطولة مروة ناجى، محمد قماح، مجدى فكرى، وفتحى سعد، مع عدد كبير من فنانى القطاع الاستعراضى.
وقد تم كل هذا فى المسرح تحت مسمى تحديثات وتجديدات فى مسرح البالون، ولم نستمع إطلاقاً لاسم كوكب الشرق أم كلثوم على المكان.