السبت 27 ابريل 2024

من مصـــر إلـى نحـاس استـديوهـات لها تاريخ

من فيلم وإاسلاماه

20-1-2023 | 11:31

هبة عادل
السينما.. هذا العالم الخلاب .. بقدر ما هو نتاج إبداع وخيال وروح، فهى أيضا صناعة تحتاج لأدوات، بل وإلى تطوير دائم لهذه الأدوات لكى ترتقى دائما على أمل الوصول لأعلى المستويات فى قلوب عشاق هذا الفن الجميل.. ولا شك أن الاستديوهات هى من أهم هذه الأدوات.. إن لم تكن أهمها على الإطلاق، فمكان التصوير والأجواء المحيطة بالفنان وبكل فريق العمل هو واحد من أهم عوامل إنجاح هذه الصناعة وتوصيل الرسالة بشكلها المتكامل من خلال هذه الجدران التى تدور فيها كواليس إنتاج الفيلم بتفاصيله المدهشة. عرفت مصر فن صناعة الاستديوهات إذا جاز التعبير منذ عشرات السنوات بشكل يكاد يكون مواكبا لظهور السينما فيها، وتاريخ الفن المصرى حافل بحكايات عن تاريخ ظهور هذه الاستديوهات وتاريخ من أنشأوها من عشاق هذا الفن الجميل وتلك الصناعة الراقية، ما ساهم فى إحداث النقلات المتتالية فى صناعة الفن السابع، حول أشهر الاستديوهات فى مصر وتاريخ ظهورها نتوقف فى المحطة القادمة عبر السطور التالية... بدأ نشاط الاستديوهات فى مصر عام ١٩١٧، حيث أقام بعض الإيطاليين أول استديو سينمائى فى الإسكندرية وفى مصر كلها وهو استديو النزهة أو استشيا والذى قام بإنتاج أفلام روائية قصيرة منها : الزهور المميتة ، نحو الهاوية وشرف البدوى، وقد فشلت الأفلام وأُغلق الاستديو بعد فترة قصيرة وبعدها اشترى الإيطالى ألفيزى أو رفانيللى المعدات نظير أجر له وأضاف إليه أجهزة إضاءة ومعدات أخرى وإقام فى فيللا من ثلاثة أدوار بالمنشية الصغرى، وقد كان أول استديو متكامل فى مصر، حيث يحتوى على بلاتوه وغرف تحميض وطبع وغرف ماكياج وملابس وغرف للممثلين. قام الاستوديو بإنتاج أفلام روائية قصيرة صامتة قام ببطولتها نجوم تلك الفترة وأبرزهم على الكسار، وظل يعمل الاستوديو محققا نجاحات كبيرة بمدينة الإسكندرية حتى عام 1939، لينتقل بعدها إلى العاصمة القاهرة، ولكن هذه الاستديوهات لم تتوفر لها وسائل الوجود المستمر نظرا لعدم تغطيتها للتكاليف المادية الخاصة بها فتلاشى الواحد بعد الآخر لم يمنع هذا ظهور استديوهات أخرى منها استوديو مصر. استديو مصر أقامت شركة مصر للتمثيل والسينما استديو مصر وهو أول استديو برأس مال مصرى 100 % قام بتأسيسه طلعت حرب عام 1935 ويقع مقره فى محافظة الجيزة، وقد تم افتتاح استوديو مصر فى السابع من مارس عام 1935 ليساهم فى ذلك الوقت فى دعم وتقدم السينما فى مصر وذلك من خلال شركة مصر للتمثيل والسينما التى كانت إحدى المؤسسات العملاقة التى أنشأها الاقتصادى المصرى الكبير طلعت حرب منذ عام 1927، كان طلعت حرب يؤمن بأن تجديد الاقتصاد فى مصر لن يتم إلا إذا انتشرت الثقافة واستنارت العقول بالأفكار الجديدة، وكان يؤمن أيضا بأن الثقافة استثمار كبير وإيمانا منه بضرورة تدعيم الثقافة والفنون ونشر الوعى قام بتأسيس شركة للتمثيل والسينما، أُطلق عليها استديو مصر لإنتاج أفلام مصرية لفنانين مصريين مثل أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وغيرهما. أقيم استوديو مصر على مساحة كبيرة من الأرض تضم أكثر من بلاتوه للتصوير ويضم أيضا ورشا للديكور وغرفا للممثلين ومخازن للملابس ومعدات التصوير السينمائى وقد أهدى رائد السينما الكبير الفنان محمد بيومى استوديو مصر عددا من آلات التصوير السينمائى، فيما يضم استوديو مصر أشهر ديكور للحارة المصرية التى ظهرت فى مشاهد كثيرة بالأفلام السينمائية، وكان أول فيلم تم إنتاجه من خلاله هو فيلم وداد عام 1935 لكوكب الشرق أم كلثوم ومنذ افتتاح هذا الصرح السينمائى الكبير وحتى الآن، شهد تطورا كبيرا فى كل المجالات سواء الفنية أو التكنولوجية فى مجالات الديكور والتصوير والمونتاج وكذلك البلاتوهات المخصصة للتصوير، وقد كان لاستوديو مصر دور إيجابى فى تاريخ الإنتاج السينمائى الرفيع فى مصر وساهم فى رفع موقع مصر الثقافى فى المجال الفنى وأكد جدارتها فى أن تكون عاصمة الفن فى الشرق. فيما قام أيضا بإنتاج فيلم قصير لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات المصرية كما أنتج نشرة أخبار أسبوعية عن الأحداث فى مصر يتم عرضها فى دور العرض قبل بداية أى فيلم وقام استوديو مصر بإرسال البعثات الفنية من المصريين إلى أوروبا لتعلم فنون التصوير والديكور والماكياج والإخراج، وتم تعيين الفنان أحمد سالم مدير أمن استوديو مصر وقد أكد طلعت حرب على أهمية السينما وخطورة دورها عندما قال: إننا نعمل بقوة من أجل قضية وهى أن السينما والتعليم لا غنى لمصر عن استخدامهما فى إرشاد سواد الناس. استديو رمسيس وإذا كان استوديومصر هو أول استوديو لإنتاج الأفلام فى تاريخ مصر برأس مال مصرى 100 % إلا أن أقدم الاستديوهات كان استوديو رمسيس واستوديو هليوبوليس اللذين تم إنشاؤهما عام 1928 ، فقد أنشأ يوسف وهبى أول استوديو أقامه فنان مصرى وفقا لأحدث المواصفات الفنية وهو استوديو رمسيس. استديو توجو مزراحى يعد توجو مزراحى أحد أهم رواد صناعة السينما فى مصر وأحد الأجانب المتمصّرين الذين أضافوا لصناعة السينما المصرية فى بداياتها جميع مقومات النجاح وهو صاحب أول استديو سينمائى فى الإسكندرية وهو استديو باكوس. توجو ينتمى لعائلة يهودية ثرية تعمل بتجارة القطن، ولد بالإسكندرية وسافر إلى إيطاليا للدراسة ومنها إلى فرنسا وفى باريس تعرف على فن السينما عن طريق زياراته المتعددة للاستديوهات المختلفة هناك والمشاركة بأدوار ثانوية صغيرة فى بعض الأفلام الفرنسية وهو ما أهله للإلمام بتفاصيل العمل السينمائى الذى أحبه وتعلّق به وبعد ثمانى سنوات قضاها فى بلاتوهات السينما فى باريس عاد إلى الإسكندرية عام 1928 من أجل تحقيق حلمه فى الإخراج والإنتاج السينمائى وكان من أهم أحلامه إنشاء استوديو سينمائى خاص به لإنتاج الأفلام الروائية، وقد حصل على قرض من عائلته وقام بشراء مبنى سينما باكوس ومكانها الآن سينما ليلى وقام بتجهيز الاستديو حيث المعدات اللازمة من الديكورات وأدوات الإضاءة والتصوير وغيرها من المستلزمات. استديو ناصيبيان تم تأسيسه عام ١٩٣٧ على يد المصور الفوتوغرافى هرانت ناصيبيان كاستديو للخدمات الإنتاجية وحمل اسم استديو ناصيبيان بحى الفجالة فى القاهرة، وكان يضم معملا لتحميض وطباعة الأفلام وقاعات لتسجيل الصوت والمونتاج وبلاتوه تقام فيه الديكورات لتصوير المناظر الداخلية ، وفيه تم إنتاج نحو١٥٠ فيلما أولها الدكتور عام ١٩٣٩ من إخراج نيازى مصطفى، ثم فيلم «انتصار الشباب» للمخرج أحمد بدرخان وكان فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس» للمخرج حسن كمال هو آخر الأفلام التى صُورت بالاستديو، غير أنه وعلى مدار ٤٠ عاما قدم أشهر الأفلام ومنها: دعاء الكروان ، باب الحديد ، فى بيتنا رجل ، المراهقات ، الخيط الرفيع وشفيقة ومتولى. بعد ذلك باعه مؤسسه ناصيبيان رئيس الجالية الأرمينية بعد ثورة يوليو مباشرة وهاجر من مصر وكان يُؤجر على مدار سنوات طويلة إلى أن اشترته الرهبنة اليسوعية وجمعية النهضة العلمية والثقافية جيزويت القاهرة وهى إحدى أشهر الجمعيات الأهلية الثقافية بمنطقة الفجالة . استديو جلال استوديو جلال هو واحد من أعرق وأقدم استديوهات التصوير السينمائى فى مصر والعالم العربى، حيث فكّر المخرج أحمد جلال فى إنشاء استوديو سينمائى مجهز بأحدث الآلات والأجهزة وتمسّك هو وزوجته مارى كوينى بالفكرة وعزما على تنفيذها ونجحا فى وضع حجر الأساس للاستديو فى مارس 1944، وفى ذكرى زواجهما عام 1945 كان الاستديو قد تم بناؤه ، وكان أول فيلم تم تصويره فيه هو «أم السعد» للمخرج أحمد جلال بطولة مارى كوينى وتوالت الأفلام التى صورتها شركة جلال فى الاستديو ومن بينها «بين نارين وعودة الغائب» وبعد وفاة أحمد جلال صممت مارى كوينى على مواصلة مشواره فقررت أن تقوم بإدارة الاستديو وتطوير أنشطته وتحديثه، وفى عام 1958 اُفتتح معمل لتحميض وطبع الأفلام الملونة قبل أن تنتقل ملكية الاستديو إلى شركة مصر للاستديوهات ولتكريم اسم زوجها أصرت فى عقد البيع أن يظل الاستديوحاملا لاسمه . فى مطلع الألفية الجديدة قام المخرج الكبير رأفت الميهى باستئجار الاستديو وإعادة بنائه بالكامل، ليس معماريا فقط بل وإنشائيا أيضا ليقدم للسينما والفن والثقافة المصرية مكانا لائقا بالفنانين العاملين بالإنتاج السينمائى فى مصر، فتم تجديد البلاتوهات كلية وتكييفها وتزويدها بالمعدات الحديثة ليرقى الاستديو إلى فئة الاستديوهات الخمس نجوم. استديو نحاس استديو نحاس ، هو واحد من أعرق استديوهات السينما فى مصر، تأسس فى ٢٢ ديسمبر ١٩٤٦ على أرض فى الجيزة بالقرب من الأهرامات على مساحة ثلاثة فدادين وكان مشروعا مشتركا بين جبرائيل نحاس وأخوته أدمون نحاس وشارل نحاس من عشاق السينما، وقد بنيت فيه الحارة المصرية الشعبية المشهورة والذى قام ببنائها السينمائى الأرمنى المشبع بالروح المصرية هاجوب اصلا نيان وبإشراف حسين فوزى وكان الإنتاج السينمائى مستمرا إلى عام 1963 لما تم تأميمه ووفاة المالك السيد جبريل نحاس بنوبة قلبية لكن استمر استخدامه من قبل العديد من شركات الإنتاج المصرية بما فى ذلك الشركة التى تم إنشاؤها ومملوكة من جبرائيل النحاس شركة نحاس فيلم. بدأت شركة نحاس فيلم إنتاجها فى استديو نحاس بفيلم «الحب لا يموت» بطولة راقية إبراهيم وعباس فارس وإخراج محمد كريم. ومن أشهر الأفلام التى أُنتجت به «وا إسلاماه وأمير الدهاء ورابعة العدوية». استديوهات مصرية حديثة تمتلك مصر فى عصرها الحديث استديوهات بمدينة الإنتاج الإعلامى والتى تحتوى على 6 مجمعات من الاستديوهات المتنوعة على مساحات من 900 الى 1000 متر مربع يتم من خلالها تنفيذ أضخم إنتاجات التليفزيون والسينما والتى تغطى معظم أوقات البث التليفزيونى فى القنوات المصرية والعربية المختلفة على مدار السنوات الماضية فتتنوع فيها مساحات الاستديوهات بمختلف أنواع الإنتاج ليصبح صانع العمل فى راحة يُشبع من خلالها رغباته بشكل كبير فى إنتاج وإبداع ما يريد بأفضل الأساليب بتوفير كل ما يحتاجه من وسائل الاتصال الحديثة وأدوات ميكنة لإنجاح عمله السينمائى أو التليفزيونى . كما يضم جهاز السينما بمدينة الإنتاج الإعلامى ثلاثة استديوهات هى : استديو المدينة واستديو نحاس واستديو الاهرام، ويضم كل منها عددا من البلاتوهات تتراوح مساحاتها ما بين ٢٨٨ و٨٠٠ متر مربع ، بالإضافة إلى حارة الأهرام بمساحة ١٥٠٠ متر مربع والتى تحاكى الحارة الشعبية فى مصر وذلك بخلاف مجموعة من الاستديوهات الخاصة على مستوى تصوير الأفلام ومنها استديوهات الفرماوى والسرساوى واستديوهات طارق نور بمدينة ٦ أكتوبر وغيرها من أماكن التصوير الخارجى والداخلى الموجودة بطريق الإسكندرية الصحراوى والإسماعيلية الصحراوى.