الثلاثاء 16 ابريل 2024

أحفاد المعلم بحبح يقتفون أثره بعد 70 عاما .. البحث عن بيت وتراث الجزايرلى

الفنان فوزى الجزايرلى

20-1-2023 | 11:36

منى صلاح الدين
استيقظ صاحب العمارة رقم 15 بشارع ابن الفرات بشبرا، على لافتة علقت بجانب مدخل العمارة مكتوب عليها، عاش هنا الفنان فوزى الجزايرلى 21 يوليو1886-23 فبراير 1947، وتساءل عمن وضع اللافتة ليلا دون أن يخبرهم، خاصة أنه لا يعرف علاقة هذا الفنان بعمارتهم، وأن من يسكن العمارة الآن أغلبهم أحفاد السكان القدامى، وليس من بينهم أقارب هذا الفنان. الغريب أن هذه الحيرة نفسها عاشها حفيد الفنان المسمى على اسمه، المهندس فوزى، حين أراد أن يتأكد من رقم العمارة التى عاش فيها جده فوزى الجزايرلى، الذى توفى قبل نحو 70 عاما، وأخذ يقتفى أثر جده فى الشارع. تقفى أثر الفنان الجزايرلى وخطواته الفنية، لم يتوقف عند اسم الشارع أو العمارة التى عاش فيها مع أسرته، وشهدت حدثا مؤسفا للأسرة، لكن امتد أيضا للبحث عن تراثه السينمائى المفقود، والسر وراء هذا الاختفاء، هذا فضلا عن تراثه المسرحى، حيث تألقت عروض فرقته المسرحية الشهيرة طوال عشرينيات القرن الماضى. يشتهر شارع ابن الفرات فى شبرا، الذى سكنه شاعر الأطلال إبراهيم ناجى والفنان عبد الفتاح القصرى، بعماراته وبيوته التى تعد تحفا معمارية، لكن المرشد السياحى شادى سعيد أحد ورثة صاحب العمارة رقم 15، ويسكن فى إحدى شققها، لم يكن يعرف أن أحد رواد المسرح والسينما المصرية فوزى الجزايرلى كان يسكن فى عمارتهم قبل أكثر من 70 عاما، فى 23 فبراير 1947. فوجئت بلافتة عاش هنا، استيقظت فى الصباح لأجدها قد علقت بالليل دون أن يخبرنا أحد، وما أنا متأكد منه أن جميع سكان العمارة حاليا هم أحفاد المستأجرين القدامى، وليس فى أسمائهم لقب الجزايرلى!!. تركت المرشد السياحى شادى سعيد، وتوجهت إلى أصحاب بعض المحلات وبعض السكان، لكن أغلبهم لم يكن لديه معلومات عن أشهر الفنانين الذين عاشوا فى المنطقة، ولايعرفون شيئا عن الفنان الجزايرلى، الشهير ب المعلم بحبح. الشخصية التى اشتهر بها في الكثير من أفلامه. أيوه الفنان كان عايش هنا كان الليل قد بدأ يرخى سدوله على شارع ابن الفرات، فعدت للعمارة رقم 15 مرة أخرى، وطرقت على باب الشقة المضاءة فى الطابق الأرضى، لأن الشقة المقابلة لا يبدو أن فيها أحدا، لتفتح لى الباب السيدة الستينية ماجدولين يوسف اسحق فإذا بها تؤكد لى أن الفنان الجزايرلى كان يسكن مع أسرته بالطابق الثالث بالعمارة، وأن حفيدته حور ابنة السيدة جميلة ابنة الجزايرلى، كانت تسكن فى الطابق الأول بالعمارة نفسها، وكانت صديقة لوالدة ماجدولين، وأنها تركت المنزل فى التسعينيات. وتذكرت السيدة ماجدولين، ذلك الشخص الذى طرق بابها أيضا منذ فترة وسألها عما إذا كان الفنان فوزى كان يسكن هذه العمارة أم عمارة أخرى فى نفس الشارع، وأكدت له أنه بالفعل كان يعيش فى هذه العمارة. عرّف هذا الشخص نفسه لماجدولين بأنه حفيد الفنان الجزايرلى، ويبحث عن المكان الذى عاش فيه جده!! تعمل ماجدولين مستشارة تغذية فى شركة خاصة لتصنيع أوانى الطبخ الصحى، وكانت تعيش مع أمها وأبيها وأخيها فى نفس الشقة، وجميعهم توفوا، وبقيت هى فى الشقة، وقتها كان يصعد إلى العمارة بدرجتى سلالم، لكن الآن عليك أن تهبط درجتين لتدخل العمارة. والدى كان مهندسا معماريا بشركة حسن علام، وتزوج فى هذه الشقة عام 1945، لا أعرف من شيد العمارة، لكن والدى حكى لى أنه كان من بين أصحابها سليم محرم والد لاعب الكرة الشهير صالح سليم، وباعها سليم فيما بعد ل مسلم همام، ثم اشتراها فى السبعينيات تاجر سجاد، يمتلك متجرا للسجاد فى شارع مسرة بشبرا، وهو من قام ببناء الطابق الأخير الحديث الرابع بعد الأرضى، لتؤول العمارة فى النهاية إلى تاجر صابون، اسمه فتحى حنس، وورثته هم الملاك الحاليون. تتذكر ماجدولين فخامة العمارة وجمالها فى الماضى، وكيف كانت ينير بسطة كل طابق كلوب كريستال فخم، لايزال إطاره النحاس موجودا حتى الآن، بينما سُرق الكريستال، بحسب تعبيرها. والد ماجدولين كان مسرورا بفخامة العمارة وتميزها، وكان يردد لها دائما أن بشقتهم ذات الأربع غرف وصالة وحمامين ومطبخ، نحو 36 بابا وشباكا، وهو رقم كبير بالنسبة لعدد الغرف، فإحدى الغرف ذات 3 أبواب وشباكين كبيرين، أحد الأبواب يفتح على السلم، والثانى على الصالة، والثالث على غرفة مجاورة. وغرفة أخرى بها ثلاثة شبابيك وبابان، يفتحان على غرفة أخرى، وباب على الصالة، وشباكان على الشارع والثالث على المنور. والغرفة الثالثة بها 4 شبابيك، كل شباك يعلوه آخر، وبابان، باب على الطرقة، وباب بستة ضلف على الصالة. وغرفة بجوار المطبخ، بها بلكونة، وشباكان وبابان، هذا غير باب بأربع ضلف يطل على الصالة والمطبخ، وهذه الأبواب كلها من أجود أنواع الأخشاب ولاتزال على حالها حتى الآن. وللشقة ثلاثة أبواب، اثنان على البسطة، وواحد على ممر يصل للبسطة، والممر يجمع بابى شقتى الطابق ومخصص للخدم. أرضيات الغرف من الباركيه، وارتفاع الطابق 5 أمتار، والحيطان سميكة، من الصعب أن يدق فيها مسمار، ولازالت تدفع إيجارا للشقة فقط ٣ جنيهات، و3 قروش. تتذكر ماجدولين أن من سكن بعد فوزى الجزايرلى، فى الشقة التى تقع بالطابق الثالث، هو عم زكريا ذا النون، وقد توفى وزوجته، وهى الآن مغلقة، ومازال أبناؤه يأتون من آن لآخر، ليطمئنوا على حالة الشقة. بحسب ما حكى والد ماجدولين لها، تركت أسرة الجزايرلى الشقة سنة 1950، بعد وفاته بثلاثة أعوام، وكان الفنان عبد الفتاح القصرى يسكن بالعمارة المقابلة، كما سكنت ليلى طاهر فى عمارة فى أول الشارع نفسه، وتطل على شارع شبرا الرئيسى. من الإسكندرية إلى القطر المصرى المهندس بالمركز القومى لبحوث الإسكان، فوزى فؤاد فوزى الجزايرلى، هو من أراد التحقق من السيدة ماجدولين من أن العمارة رقم 15 هى فعلا التى عاش فيها جده وجدته وباقى أسرتهما. يؤكد الحفيد فوزى تلك المعلومات المتاحة عن جده الفنان الجزايرلى، ولد الفنان فوزى الجزايرلى بالإسكندرية فى 21 يوليو 1886، لعائلة غنية، والده إبراهيم باشا أحب فتاة مسيحية من عائلة بسيطة، وتزوجها وعاش بعيدا عن عائلته الثرية، ثم توفى الأب وعاش فوزى مع والدته، وأخوه فريد فى شقة بالإسكندرية. مع بدايات القرن العشرين، بدأ الصبى فوزى يشاهد مسرحيات سلامة حجازى، وتعرف عليه بعد أحد العروض، ووجد سلامة فى الجزايرلى شابا خفيف الظل، فطلب منه أن يقدم اسكتشات كوميدية بين فصول مسرحياته، كما تعرف على سيد درويش، بعدها كون فرقته المسرحية من مجموعة من محبى فن التشخيص، وتحملوا معه مشقة وتعب مسرحهم المتجول، وكان لزاما على كل ممثل أن يحمل معه ملابس التمثيل وبطانية ولحاف ومخدة، وهم يتنقلون من بلد إلى بلد فى القطر المصرى، وأيضا عن طريق القطار إلى غزة ومنها إلى الشام وسوريا. وخلال عرض إحدى مسرحياته فى حلب، أعجبت الفتاة الجميلة ذات العيون الخضراء مريم غزال السورية تجلس فى الصفوف الأولى حيث تجلس السيدات أثناء عرض المسرحية والرجال فى الصفوف الخلفية، وحدث بينهما إعجاب، تطور إلى الزواج، كان هذا حوالى عام 1908، ليعودا معا إلى الإسكندرية. وتسمى مريم غزال نفسها على اسم زوجها مريم الجزايرلى حتى لا يعثر عليها أهلها لأنها تزوجت دون إرادتهم، وأيضا لأن اسمها الجديد سيجلب لها الشهرة، خاصة بعد أن انضمت إلى فرقة فوزى الجزايرلى كممثلة على مسرحه بمنطقة كامب شيزار بالإسكندرية، ثم انتقلت الفرقة للقاهرة . كانت الفرقة تجوب القطر المصرى من الشمال للجنوب، لتقدم عروضها المسرحية، برغم العائد القليل وصعوبات السفر واحتياجات الفرقة من الملابس وغيرها وفى أبريل عام 1910، حين كانت الفرقة تقدم رميو وجولييت على مسرح بنجع حمادى بمحافظة قنا، وكان الجزايرلى يقوم بدور روميو، فاجأت جولييت أو مريم غزال آلام الوضع، ليسدل الستار بولادة الابن فؤاد فوق خشبة المسرح، وتقطع عضوة الفرقة مريم مزراحى جزءا من ستارة المسرح، حتى تلف بها الابن لفوزى» فؤاد» وسجل محل ولادته فى البطاقة الشخصية نجع حمادى. استمرت الفرقة فى مسرحها المتجول تقدم عروضها الكوميدية، ليقدم الصبي محمد عبد الوهاب اسكتشات كوميدية بين فصول المسرحيات، خاصة تلك التى كانت تقدم على مسرح الكلوب المصرى فى الحسين واشترك فى الفرقة سيد درويش والشاعران يونس القاضى وبديع خيرى، وكان عملهم معا بمثابة ورشة عمل، يؤلف بديع ويشارك معه سيد درويش باللحن. أول فيلم مصري صامت المخرجة مريم ابنة فؤاد فوزى الجزايرلى، تحكى لناعن تاريخ فرقة جدها وفى حوالى عام 1917 كان الطفل فؤاد قد انضم للفرقة، وحدث أن حضر إلى الإسكندرية المخرج الإيطالى فيرنتشو مصطحبا معه آلة تصوير بدائية، وعرض على فرقة الجزايرلى تمثيل فيلم صامت، ووافق جدى على الفكرة وتم تصوير الفيلم، باسم مدام لوليتا ومدته 3 دقائق بطولة فوزى الجزايرلى ومريم الجزايرلى والطفل فؤاد. الفيلم كان يشبه الاسكتش على غرار أفلام شارلى شابلن، وكان رواد الفنادق فى الإسكندرية يستخدمون ملاءات السرير البيضاء، ليشاهدوا الشىء المبهر الجديد السينما، ولكن تجربة الفيلم السينمائي لم تنجح، لغياب الحوار والمونتاج والموسيقى، فقد تعوّد الجمهور على سماع النكات والحوار والإيحاءات اللفظية وهو ما لم يوجد فى الفيلم الصامت. انضمت للفرقة بعد ذلك الابنة إحسان لتكون بطلة الفرقة مع والدها فوزى الجزايرلى، وكما اشتهر الريحانى بتقديم شخصية كشكش بيك وعلى الكسار بربرى مصر الوحيد قدم فوزى الجزايرلى شخصية المعلم بحبح وابنته إحسان شخصية أم أحمد التى كانت تقوم بدور زوجته فى جميع أعماله المسرحية والسينمائية. مسرح الكباريه انتقلت الفرقة للقاهرة وبدأت بعروض فى حى الحسين الذى كان يقصده الناس للاحتفالات والموالد، ثم فى عماد الدين وروض الفرج شارع عماد الدين كان مكانا للاحتكاك بالثقافات العالمية، لتجمع فرق أوروبية، فرنسية وإسبانية وإيطالية، تقدم ما عرف بمسرح الكباريه. هناك بدأت فرقة الجزايرلى، تحتك بالجمهور المثقف الناقد، وتشتد المنافسة بين فرق الكسار والريحانى والجزايرلى، وكان الجزايرلى ينتقى أبطال مسرحياته من خلال ورش العمل التى كان يعقدها مع المؤلف والمخرج والملحن، مجموعة العمل مثل بديع خيرى والشيخ يونس القاضى، وفيما بعد مع ابنه المخرج فؤاد الجزايرلى، وكانت ابنته إحسان الجزايرلى هى بطلة مسرحياته. ومن الوجوه الجديدة التى قدمها فى هذه المسرحيات زوزو وميمى شكيب وفردوس محمد، ومحمد الديب، وعقيلة راتب. واتجهت مريم الجزايرلى إلى العمل مع فرقة جورج أبيض، قدمت من خلالها التمثيل الكلاسيكى باللغة العربية الفصحى، ثم أنجبت بقية أبناء فوزى الجزايرلى إحسان وسعد وجميلة ونعيم وصفية ثم تفرغت لتربيتهم وابتعدت عن التمثيل وجلست بالبيت. لكن كل هذا التراث المسرحى، لا تعرف عنه عائلته حاليا أى شىء كما يؤكد الحفيد المهندس فوزى تراث جدى المسرحى لا نعرف عنه شيئا، لا عن أسماء المسرحيات ولا موضوعاتها، لم يؤرخ لعائلتنا الفنية تأريخا حقيقيا، ولم تتناول سيرة جدى الفنية أبحاث أو دراسات علمية. طراز إنجليزى سكنت أسرة فوزى الجزايرلى فى القاهرة بالعمارة 15 شارع ابن الفرات مشيدة على طراز إنجليزى، وليس بها محلات كما فى أغلب البنايات ذات الطابع الإنجليزى، والكثير من الأجانب الذين يمرون أمام العمارة يتوقفون طويلا أمام تمثالى جبس يعلوان بوابة العمارة، أحدهما لسيدة متكئة بصدر عار، والآخر لسيدة تجلس متكئة وتظهر خلفيتها العارية. من بعيد تلفت العمارة انتباه القادم من أول الشارع، حيث تشابه واجهتها العمارات والفيلل والقصور التى انتشرت فى الأحياء الراقية، ووسط القاهرة، التى تكسو واجهتها الطوب الأحمر الداكن، ونوافذ مستطيلة بعقود مدببة، ودرابزين معدنى يعلوه الخشب، واستخدام الخشب بكثرة فى النوافذ والبلكونات وأبواب الشقق الخارجية والداخلية وهو ما يميز الطراز الإنجليزى المنتشر فى أحياء الأغنياء، مثل جاردن سيتى والزمالك ومصر الجديدة. باب العمارة يقسم الواجهة إلى نصفين متماثلين، كل قسم به طابق أرضى ذو 4 نوافذ، وتعلوه ثلاثة طوابق، بكل منها نافذتان وبلكونتان، والشبابيك يعلوها عقود مدببة، وأخرى شبه مستقيمة. السلالم والمدخل وأرضيات البسطات من الرخام الكرارة، ومازالت بحالة جيدة، والدرابزين المعدنى للسلالم والمنتهى فى الأعلى بإطار خشبى، مازال بحالته وباب العمارة مزخرف بوريدات من الحديد، تشبه الوريدات الجبسية التى تزين واجهة العمارة من الأسفل. تعلو باب العمارة نوافذ بضلف خشبية ضخمة يكسوها الزجاج، تطل على السلم الداخلى، تنتهى إحدى النوافذ بعقد مدبب والأخرى بعقد مستقيم. بعد سنوات من العمل اشترى فوزى سيارة وعوامة تبحر فى النيل، وكانت ترسو أمام شارع نوال فى العجوزة، لكن اختفت هى الأخرى بعد وفاته ولم تعثر عليها العائلة، ويقال إن العوامة اختفت مع زوجته الثانية مارسيل، حسبما يقول الحفيد فوزى. المعلم بحبح لم يسر الحفيد فوزى على خطى جده وأبيه المخرج، لكن الصدفة والرغبة معا، قادت أخته الحفيدة مريم فؤاد الجزايرلى، إلى العمل بالإخراج التليفزيونى، فهى الآن كبير مخرجين بقطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى، وباحثة دكتوراة فى الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون. وكما كان فوزى الجزايرلى من رواد المسرح المصرى كان أيضا من رواد السينما وأنتج الكثير من أفلامه، كما تحكى الحفيدة مريم كان أبى فؤاد يصف ما تكسبه فرقة جدى بقوله: نعود يوميا من المسرح بجوال فلوس، وكانت هذه الفلوس هى النواة التى أنتجوا بها باكورة الأفلام السينمائية، فقد أنتج فوزى الجزايرلى معظم الأفلام التى مثّل فيها، وأدخل وجوها جديدة إلى هذه الأفلام، مثل يحيى شاهين وإسماعيل ياسين، وتحية كاريوكا وعقيلة راتب وأنور وجدى ، بالإضافة إلى ابنته إحسان التى قدمت معه نفس الدويتو الذى قدمته معه على المسرح هو المعلم بحبح، وهى زوجته أم أحمد. وأخرج ابنه فؤاد بعض هذه الأفلام، مثل فيلم مبروك إنتاج عام 1935، وكتب على أفيش الفيلم إخراج الجزايرلى الصغير، كما ظهرت معهم ابنته جميلة فى أدوار صغيرة. ومن أفلامه فيلم المندوبان 1934، إخراج توجو مزراحى، البحار، والدكتور فرحات، المعلم بحبح سنة 1935، أبو ظريفة سنة 36، وفيلم ليلة فى العمر سنة 37، وبحبح باشا، خلف الحبايب 39، الباشمقاول إنتاج عام 1940، والفرسان الثلاثة عام 41، بحبح فى بغداد 1942، وفيلم القرش الأبيض سنة 1945. جسد فوزى الجزايرلى شخصية بحبح فى 11 فيلما سينمائيا، من إجمالى 20 فيلما مثلها، لكن الغريب أن 7 فقط من هذه الأفلام العشرين هى الموجودة الآن، وتعرض على القنوات المختلفة، ولا نعرف شيئا عن باقى الأفلام كما يقول الحفيد المهندس فوزى فؤاد. ويتابع المهندس فوزى شخصية المعلم بحبح هى شخصية كوميدية لابن البلد البسيط، الذى ترقى قليلا ولبس بدله، لكن تصرفاته لا تعبر عن الطبقة التى تطلع إليها ومازالت معبرة عن أصله بجانب السخرية بما فينا من عيوب، ومن هنا تحدث مفارقات كوميدية مضحكة. المعلم بحبح ذو لحية ويضع الطربوش بشكل مائل فوق رأسه ويهرش بطريقة معينة فى شعر رأسه، وقد شابهت هذه الشخصية، تلك التى كان يقدمها شارلى شابلن فى ذلك الوقت، فكرة الصعلوك الكوميدى الذى لا يريد أن يكون تابعا وإنما أن يكون نفسه. ما حكاه الوالد فؤاد لابنيه فوزى ومريم، يؤكد أن شركة بهنا فيلم هى أول من أنتج لفوزى الجزايرلى هذه الأفلام، ثم أنشأ فوزى شركة إنتاج سينمائى، تحت اسم أفلام فوزى الجزايرلى أنتجت 12 فيلما لفوزى نفسه، وكلها اختفت، ولا نعلم هل سرقت أم تلفت نتيجة الإهمال أم ماذا حدث لها. أما الحفيدة مريم فؤاد الجزايرلى، فقبل 22 سنة، أخذت على عاتقها البحث عن أفلام جدها، لأن بعض شركات الإنتاج الكبرى كانت تريد عرض هذه الأفلام في بعض الفضائيات، نظير أن يحصل من الورثة على حق العرض، وهى ما قدر وقتها بخمسة آلاف جنيه عن الفيلم الواحد. فرحت مريم أن شركات كبرى تبحث عن تراث جدها، وأخذت تبحث عن تلك الأفلام فى المركز الكاثوليكى وفى المركز الثقافى الفرنسى، ومن قبلها فى التليفزيون ولم تجد شيئا، لكن وجدت نسخة واحدة من فيلم القرش الأبيض فى استديو الأهرام، لكن كانت نسخة تالفة!! وكذلك لم يسفر بحث شركات الإنتاج عن أى من هذه الأفلام، لكن مريم تلاحظ وجود أجزاء من أفلام جدها المفقودة على إحدى مواقع الفيديو، لا يتعدى الجزء الواحد منها ثلث ساعة أو ربع ساعة، ولا تعرف ما مصدر هذه الأجزاء!! نهايات مأساوية توفيت زوجة فؤاد وابنته إحسان فى سنوات متقاربة، توفيت الابنة عام 1942 وهى تبلغ 29 عاما إثر إصابتها بالتيفويد، وسقطت زوجته من بلكونة منزله بشبرا أثناء نشرها الغسيل فى أوائل الأربعينيات أيضا أما فوزى فأصيب فى سنواته الأخيرة بمرض فى الأعصاب، وكان يذهب للاستديو متكئا على عكاز، وبقى آخر عامين من حياته فى مستشفى الزيتون التخصصي للأعصاب، وكان آخر أعماله السينمائية فيلم جحا والسبع بنات، وتوفى بعده بشهور فى 23 فبراير١٩٤٧. فى 2020 توفيت آخر أبناء الجزايرلى عن 97 عاما صفية وكانت تعيش بالإسكندرية، وكانت تتحدث الإيطالية بطلاقة، فقد حرص فوزى الأب على تعليم أبنائه فى مدارس للغات، وكان الابن فؤاد المخرج السينمائى يتحدث الفرنسية بطلاقة وخريج كلية الآداب، وتوفى عام 1979، وابنه سعد كان مديرا لفرع البنك الأهلي فرع ثروت، وتوفى قبل 40 عاما. وكما تحكى الحفيدة مريم، تزوجت ابنته جميلة من الحاكم العسكرى قبل ثورة 52 حمزة بدوى، وتزوجت الابنة إحسان الفنان محمد الديب-الذى قام بدور ابنها فى فيلم لو كنت غنى- وتزوج بعد وفاتها من الفنانة جملات زايد. أخرج الابن فؤاد الجزايرلى أول أفلامه لوالده فيلم مبروك سنة 35، وبهذا يكون هو ثانى أقدم مخرج فى السينما المصرية بعد أحمد بدر خان، وكان قبلها قد مارس التمثيل مع فرقة والده المسرحية. وأراد الابن أن ينجح بعيدا عن فرقة والده، فمارس التمثيل مع فرقة على الكسار المسرحية، وحصل على جائزة أحسن ممثل ثان عن أحد أدواره فى مسرح على الكسار. وأخرج العديد من الأفلام السينمائية، منها حسن ومرقص وكوهين وتزوج من الفنانة السورية ببا عز الدين التى كانت ترقص وتمثل فى فرقة بديعة مصابنى، لكنهما انفصلا فى الثلاثينيات لرفضها طلبه بالتوقف عن الرقص والتمثيل، ثم تزوج الفنانة هدى سلطان، فى الأربعينيات وانفصلا أيضا، وفى النهاية تزوج من سيدة من خارج الوسط الفنى، وأنجبا ثلاثة أبناء مريم وفوزى وأحمد عازف الكمان الذى توفاه الله كما تحكى مريم فؤاد فوزى الجزايرلى. كان فؤاد الجزايرلى هو نقيب السينمائيين في الفترة من 57-59، وبعد ظهور التليفزيون عين فؤاد مخرجا فى التليفزيون. كما أخرج العديد من الروايات الشهيرة على مسرح البالون فى الستينيات، مثل الليلة العظيمة، والشاطر حسن التى قدم فيها صفاء أبو السعود لأول مرة. وتعتبر إحسان الجزايرلى من رائدات التمثيل الكوميدى، والتى سارت على نهجها فيما بعد مارى منيب. مريم الحفيدة التى سميت هى الأخرى على اسم جدتها، مثل أخيها، كانت وهى طفلة تعشق التمثيل، وكثيرا ما كانت تذهب مع والدها لتعيش فى كواليس المسرحيات التى يخرجها، وعندما كبرت رغبت فى أن تعمل في الإخراج السينمائى، وقبلت كطالبة فى قسم الإخراج بالمعهد العالى للسينما، لكن والدها لم يوافق، وأقنعها بالالتحاق بكلية العلوم. وحين تخرجت فى كلية العلوم عام 1984 عينت فى التليفزيون المصرى، طبقا للائحة تعيين أبناء العاملين التى كانت سارية وقتها، لتصبح مخرجة بقطاع الإنتاج، وتحقق حلمها أراد أبى إبعادنا عن مهنته، لأنه رآها شاقة، والحقيقة أن كل المهن بها مشقة. لا يملك الحفيدان مريم وفوزى، أى مقتنيات أو بوسترات أفلام لجدهما الجزايرلى، ويحصلان على صوره وبوسترات أفلامه، من صفحات الإنترنت، ومن أشهرها صفحة أحباب فوزى الجزايرلى على إحدى مواقع التواصل، التى أنشأها شخص من الجزائر إحياء لتراث هذا الفنان، الذى يعتقد أن له جذورا جزائرية، كما يشير اسمه، وكما ترجح أيضا الحفيدة مريم.