منذ عدة سنوات اتصلت بى فنانة شهيرة معتزلة كان صوتها واهنا، فقد هدّها المرض وجعلها طريحة الفراش، تتحدث بصعوبة بالغة كان صوتها الضعيف كفيلا أن يشرح حالتها الصحية قبل أن تروى لى حكايتها وتشكو آلام المرض اللعين الذى نال من جسدها، وجعلها لا تقوى على العمل ولم يكن المرض وحده الذى كانت تعانى منه لكنها عانت أكثر بسبب جحود ونكران بعض الفنانين ممن شاركتهم عددًا من أعمالهم الفنية، وكانت أحد أسباب نجاح هذه الأعمال و لكنهم خذلوها عندما احتاجت إليهم هؤلاء الذين لجأت إليهم كى يساعدوها على تكاليف العلاج ولكنهم لم يستجيبوا لندائها ولم يرحموا ضعفها وقلة حيلتها .
طلبت منى هذه الفنانة أن أتصل بالنجم محمد صبحى وأعرض عليه حالتها خاصة أنها شاركت معه فى بعض الأعمال الفنية وتعلم جيدا أنه لن يخذلها فهو مشهود له بالوقوف دائما بجوار كل من يحتاجه ؛ وبالفعل قمت بالاتصال بالفنان محمد صبحى الذى لم يتردد للحظة وطلب منى أن أرسل له رقم تليفونها فأرسلته له بالفعل ؛ وفى اليوم التالى فوجئت باتصال تليفونى من هذه الفنانة تخبرنى فيه أنه أرسل لها مبلغا كبيرا من المال وقرر منحها راتبا شهريا حتى يمنّ الله عليها بالشفاء .
هذا الموقف الإنسانى العظيم تذكرته أثناء حضورى حفل توقيع كتاب " الأستاذ سيرة ومسيرة " بقلم الكاتب الصحفى جمال عبد الناصر والذى يرصد من خلاله مسيرة النجم الكبير محمد صبحى الفنية وأعماله التى تعد علامات مضيئة فى تاريخ الفن المصرى وخاصة المسرح الذى وهبه كل طاقاته وأبدع فيه لأكثر من ٥٠ عاما وهو الفنان المصرى والعربى الوحيد الذى أنشأ مدينة خاصة للثقافة والفنون " مدينة سنبل " التى يزينها مسرحه الخاص والذى مازال يقدم على خشبته عروضه التى تحمل قيمة فنية رفيعة تمثل متعة فكرية ووجدانية عظيمة .
وقد فضل صبحى أن يرصد الكتاب مشواره الفنى منذ بداياته بعيدا عن حياته الشخصية وله منطقه فى ذلك فهو يرى أن ما يهم الجمهور أعماله فقط والتى ستبقى خالدة محفورة فى قلوب كل محبيه بعيدا عن الخوض فى حياته الخاصة مثلما يفعل بعض الفنانين.
وأنا بكل تأكيد أحترم وجهة نظر الأستاذ والمعلم محمد صبحى، ولكنى كنت أتمنى أن يظهر الجانب الآخر فى حياته بعيدا عن خشبة المسرح وخلف الكاميرات فأعماله الفنية تذاع يوميا على كافة القنوات الفضائية وموجودة على المنصات ومواقع الفيديو المختلفة على شبكة الإنترنت ونحفظها جميعا عن ظهر قلب، وهى بكل تأكيد تمثل جزءًا مهمًا من تاريخ الفن المصرى ومحمد صبحى الفنان هو قدوة ومعلم، ليس فقط لكل زملائه وتلاميذه الذين تتلمذوا على يديه بل لأجيال كاملة تربت على أعماله الفنية .
كنت أتمنى أن تتعرف هذه الأجيال على حياة هذا الفنان القدوة كى يقتدوا به ويتعلموا من رحلته وتجاربه، فحياة الفنان الخاصة لا تنفصل عن حياته الفنية، فكلتاهما يؤثر فى الآخر ويتأثر به، خاصة إذا كانت الحياة الشخصية ليس بها ما يسيئ للفنان أو يخجل من أن يطلِع عليه الجمهور .
على أية حال لا يسعنى إلا أن أشكر فارس الفن المصرى والعربى النبيل محمد صبحى على كل ما قدمه لنا من عطاء فنى وإنسانى .