على مدار عشرات السنين، تناولت السينما والدراما التليفزيونية موضوع الزيادة السكانية من خلال أفلام ومسلسلات استعرضت من خلالها تأثيرات هذه الزيادة على المجتمع. واهتمت بعض هذه الأفلام بسرد قصص لأسر عانت من هذه المشكلة، متطرقة بهذا لأثارها السلبية على الوضع الاقتصادى والاجتماعى داخل الأسرة الصغيرة والمجتمع بأكمله بوجه عام. فى التقرير التالى نستعرض تلك القضية وكيف تم تناولها من خلال عدد من الأعمال الفنية بين السينما والتليفزيون، كما نناقش هل نجحت هذه الأعمال فى طرح حلول فعالة لمواجهة هذا الأمر؟ يعد فيلم «أفواه وأرانب» من أشهر الأفلام السينمائية التى ناقشت الزيادة السكانية، وهو بطولة فاتن حمامة، فريد شوقى، محمود ياسين، ماجدة الخطيب، ورجاء حسين، وإنتاج عام 1977. يدور الفيلم حول «نعمة» التى تقيم مع شقيقتها الكبرى وأسرتها المكونة من زوجها عبد المجيد وأولادهما التسعة، ونتيجة لظروفهم المعيشية الصعبة، تتصاعد الأحداث وتحدث الكثير من المشكلات المترتبة على عدد الأبناء الكبير ومعاناة الأسر الكبيرة بشكل مباشر وواضح، وما تسببه زيادة أعدادها من مشكلات تعانى منها كل الأطراف. وترجمت أغنية الفيلم الشهيرة هذه المعاناة وتلك المشكلات، حيث تحدث الفيلم عن «نعمة» التى تعيش مع أختها وزوجها وأبنائهما التسعة فى منطقة ريفية، ويعانى الجميع خلال الأحداث من وطأة الفقر والظروف الصعبة وتواكل والد ووالدة نعمة الذى أدى إلى تزويج «نعمة» دون علمها وإرادتها من المعلم «بطاوى» المتزوج من عدة زوجات مقابل المال، وهو ما دفع بأحد الأبناء إلى محاولة قتله لتخليص خالته من سطوة هذا الرجل ومن الزيجة المزورة. أم العروسة كما ناقش فيلم «أم العروسة» الذى تم إنتاجه عام 1963 بطولة عماد حمدى وتحية كاريوكا، حال الطبقة المتوسطة وأغلب الموظفين فى هذا التوقيت، وتناول صورة بيوتهم ومعاناتهم على الشاشة بسبب كثرة الإنجاب فى شكل اجتماعى كوميدى تتصاعد خلاله الأحداث، حتى يضطر الأب الموظف البسيط إلى سحب مبلغ من عهدته لاستكمال جهاز ابنته قبل زفافها، فيصبح مهدداً بالسجن تزامناً مع فرح ابنته، لولا تدخل صديقه الموظف معه بالشركة وتسديده المبلغ قبل اكتشاف هذا الاختلاس. الحفيد من أهم الأفلام التى تناولت قضية الزيادة السكانية، فيلم «الحفيد»، وهو بطولة كريمة مختار، عبدالمنعم مدبولى، نور الشريف، محمود عبدالعزيز، وميرفت أمين، وإخراج عاطف سالم، وإنتاج عام 1974. تتناول قصة الفليم أسرة تتكون من سبعة أبناء، ويناقش مشكلات كل ابن منهم، وأبيهم الذى لا حيلة له ويواجه الكثير من الصعوبات من زواج بناته لدراسة أبنائه. عالم عيال عيال الفيلم بطولة رشدى أباظة، سميرة أحمد، سهير رمزى، سمير صبرى، إخراج محمد عبدالعزيز، وإنتاج 1976، وناقش الفيلم قضية الزيادة السكانية بطريقة كوميدية، حيث لدى رشدى أولاداً من زوجته السابقة، بينما لدى سميرة أبناء من زوجها الراحل، وهو ما كان عائقاً بينهما وظلا يخفيانه حتى صارحا بعضهما وتزوجا وعاشا معاً، ولكنهما واجها مشكلات كثيرة وظلا يحاولان وضع نظام للحياة فى المنزل كى تسير الأمور بسلاسة، نتيجة لكثرة عدد الأبناء فى منزل واحد. السبع بنات الفيلم من بطولة حسين رياض وزكى رستم، وقدم حسين رياض فى الفيلم شخصية الأب الموظف المطحون المسؤول عن سبع بنات، والفيلم تم إنتاجه عام 1961، حيث يظهر خلال الأحداث حجم الضغوط التى يعانيها الأب للإنفاق على بناته وتعليمهن وكيف يقع تحت ضغط الابتزاز بين وظيفته وسعادة إحدى بناته فى الارتباط بالشخص الذى تحبه، وذلك حين ضغط عليه مديره كى يرفض زواج ابنته من هذا الشخص وإلا يفقد وظيفته، وكل هذا بسبب زيادة عدد أبنائه. امبراطورية ميم ناقش هذا الفيلم مشكلة الزيادة السكانية من منظور مختلف، فلم تكن المشكلة هنا الفقر أو ضعف العائد المادى، بل صعوبة تربية الأبناء والحفاظ عليهم، فنجد «منى»، الأم لستة من الأبناء فى مراحل عمرية مختلفة، تحدث بينهم الكثير من الخلافات بسبب صعوبة تربيهم بمفردها بعد وفاة زوجها. تتحمل منى (فاتن حمامة) مسئولية تربية أبنائها الستة بجانب عملها، ومع نمو الأولاد تزداد مشاكلهم، وتزداد معها أعباء والدتهم فى التربية، خاصة مع وصول أغلبهم لسن المراهقة، فتتوتر العلاقة بينها وبينهم، وفى نفس التوقيت، تقع «منى» على نحو تدريجى فى قصة حب مع رجل الأعمال أحمد رأفت «أحمد مظهر»، لكنها لا تستسلم لمشاعرها بسهولة بسبب حيرتها بين تفرغها لأبنائها، وتفكيرها فى مستقبلها مع «أحمد». الفيلم بطولة فاتن حمامة، أحمد مظهر، دولت أبيض، ومن تأليف إحسان عبدالقدوس، وسيناريو كوثر هيكل، وإخراج حسين كمال. لا تسألنى من أنا تعانى «عائشة» من الفقر، الناجم عن كثرة عدد الأبناء؛ لذا تبيع ابنتها «زينب» للثرية «شريفة»، شريطة أن تقوم هى برعايتها بصفتها مربيتها، كما تتكفل شريفة هانم بمصاريف أسرة عائشة.. يكبر الأبناء ويحصلون على شهادات جامعية ووظائف مرموقة ويطلبون من أمهم الكف عن العمل كمربية. الفيلم بطولة، شادية، يسرا، فاروق الفيشاوى، إلهام شاهين، هشام سليم، سوسن بدر، طارق الدسوقى، ناصر سيف.. تأليف إحسان عبد القدوس، وإخراج أشرف فهمى. أنا وبناتى كما جسد الفنان الكبير زكى رستم فى فيلم «أنا وبناتى» عام 1961، معاناة الأب البسيط الذى لا يستطيع تجهيز بناته الأربع ويمرض بعد أن يستولى أحد النصابين على مكافأة معاشه، ويتدهور حال الأسرة حتى تنتحر إحدى بناته. الدراما والسكان كما قدمت الدراما التليفزيونية العديد من الأعمال التى تناولت الآثار الضارة للزيادة السكانية، ومنها مسلسل «أهلاً بالسكان»، الذى تم إنتاجه عام 1984، وهو من بطولة حسن عابدين، وحسن مصطفى، ونبيلة السيد، وميمى جمال، ونجاح الموجي وغيرهم. يحكى المسلسل عن «عصفور أفندى» الموظف البسيط الذى تتاح له هو وأسرته فرصة السكن فى برج الأحلام. «برج الأحلام» هو أحد الأبراج التى تحتوى على شقق فارهة. المسلسل كوميدى اجتماعى يناقش مشكلة صعوبة وجود مسكن لكل مواطن فى فترة الثمانينيات نتيجة لزيادة عدد السكان وقلة المعروض من المساكن. وبينا ميعاد نرى معاناة «حسن» و«نادية»؛ بسبب كثرة عدد أولادهما، فهم لديهما 8 أبناء، حيث يترك «حسن» وظيفته التى يحبها ويلتحق بوظيفة أخرى بسبب أن العائد المادى لها أكبر وهم بحاجة لذلك. يناقش المسلسل الكثير من القضايا المهمة، التى أبرزها الزيادة السكانية، فطوال الوقت نرى معاناة الأولاد فى عدم تحقيق أحلامهم؛ بسبب قلة المال، فهم 8، فمنهم من لم يستطع أن يشترى شقة الزوجية، والآخر يقف المال عائقاً أمام ارتباطه بالفتاة التى أحبها، والآخر الذى يعمل وتحدث معه الكثير من المشاكل بسبب طبيعة عمله، المسلسل من بطولة شيرين رضا، وصبرى فواز، ومدحت صالح، ووفاء صادق، وبسمة، وإيهاب فهمى، وهيدى كرم، ونور محمود، ومحمد مهران، وأسامة الهادى ويوسف الكدوانى، ويوسف إبراهيم، وأميرة أديب، وآية سليم،وتسنيم مطر، ومن تأليف وإخراج هانى كمال.