الإثنين 10 مارس 2025

المسحراتى فى الفن.. من شكوكو وفوزى.. إلى مكاوى أيقونة رمضان

المسحراتى فى الفن.. من شكوكو وفوزى.. إلى مكاوى أيقونة رمضان

7-3-2025 | 12:58

عنتر السيد
يعد المسحراتى أحد أهم ملامح شهر رمضان الكريم، والذى أخذت تقديمه فنياً وغنائياً عدة أشكال ظهرت تباعا خلال الشهر الكريم سواء من خلال الإذاعة أو التليفزيون، حتى أصبح المسحراتى أيقونة من أيقونات رمضان الدائمة، وتطورت أشعاره وألحانه وفقا لكتابها وملحنيها ومقدميها من المطربين، لكن يأتى على درة التاج “الفنان الراحل سيد مكاوى” الذى قدم برنامج “المسحراتى” مع الشاعر الكبير فؤاد حداد، وهى نصوص شعرية غنائية تسرد جوانب من تفاصيل الحياة اليومية فى مصر، وعلى الرغم من أن المسحراتى كان برنامجا إذاعيا ثابتا وقام بتقديم أغنياته عشرات الملحنين الكبار، إلّا أن الجمهور خلد تجربة مكاوى، واقترنت باسمه واسم رفيقه الشاعر فؤاد حداد وخلد معه أغنيات أخرى منها: (مصر دايما مصر، والأرض بتتكلم عربى). فى الشهر الكريم كل عام دائما ما نتذكر الموسيقار الراحل سيد مكاوى خاصة أنه صاحب رائعة “المسحراتى” والتى رغم مرور سنوات طوال عليها لكن سحرها لم يخفت، وما زالت رائعة حاضرة دائما فى روائع وأيقونات رمضان الخالدة. وقد دأبت الإذاعة المصرية على تقديم حلقات المسحراتى خلال شهر رمضان، وكانت تعهد لأكثر من ملحن لتقديم هذه الحلقات ومن الملحنين الذين سبق وأن شاركوا فى تلحين المسحراتى أحمد صدقى ومرسى الحريرى وعبد العظيم عبد الحق، وكانوا يقدمونها على فرقة موسيقية، وفى العام الذى أسندت الإذاعة لسيد مكاوى تلحين عدد من حلقات المسحراتى اشترط أن يقوم هو بغنائها، وكانت دهشة المسئولين بالإذاعة كبيرة حين قرر الملحن سيد مكاوى الاستغناء نهائياً عن الفرقة الموسيقية وتقديم المسحراتى بالطبلة المميزة لتلك الشخصية، حيث قدم سيد مكاوى ثلاث حلقات فقط مشاركة مع باقى الملحنين، وفور إذاعة الحلقات الثلاث بأسلوب سيد مكاوى حققت نجاحا منقطع النظير، مما شجع الإذاعة فى العام الذى يليه إلى الاستغناء عن كل الملحنين المشاركين فى ألحان المسحراتى وإسناد العمل كاملا للشيخ سيد مكاوى. كما كان لسيد مكاوى الفضل الأول فى وضع أساس لحنى خاص لتقديم المسحراتى. ولأن ”المسحراتى” هو أيقونة رمضان بالنسبة للمصريين، وهو رمز البهجة والاحتفال بالشهر الكريم، نجد أن الفنون الشعبية المصرية قد أرخت لوظيفة المسحراتى، مرة عن طريق الشعر ومرة عن طريق الغناء، وغيرها بأشكال فنية أخرى، وهو ما نحاول استعراض ملامح منها. فى هذا السياق، كشف الكاتب الصحفى محمد العسيرى، فى كتابه “لولى ومرجان”، عن أن القاهرة عرفت “المسحراتى” عام 853 هجريا، فيما أدت الإذاعة المصرية دورا مهما فى توثيق وظيفة المسحراتى فى الفلكلور المصرى، وعملت على إنتاج الكثير من الأعمال الفنية، التى تتناول تلك الفكرة، ومنهم عبده السروجى الذى غنى أغنية من كلمات إبراهيم رجب ومحمد الموجى. ومن كلمات تلك الأغنية: يا مؤمنين بالله.. يا موحدين بالله.. قوموا كفاية نوم.. هيه الحياة كام يوم.. بالصلاة والصوم.. يرضى علينا الله.. يا مؤمنين بالله.. يا صايمين رمضان باب السما مفتوح.. وطالب الغفران أما بيرم وجاهين وشكوكو فقد منحوا الوظيفة بعدا فنيا جديدا، فمن جانبه أسهم الشاعر بيرم التونسى فى توثيق وظيفة المسحراتى، عبر كتابة عدد من الأغنيات التى تتناولها، حيث ألّف للمطرب محمد فوزى أغنية تحمل اسم «المسحراتى» وكتب للمطرب عباس البليدى أغنية تحمل نفس الاسم، وكتب بيرم مع صلاح جاهين بعض الحلقات للإذاعة عن المسحراتى، وحين بدأ التليفزيون المصرى بثه أوائل ستينيات القرن الماضى، تمت الاستعانة بالفنان محمود شكوكو ليؤدى دور المسحراتى فى الاستعراضات التى أُنتجت حينها. وفى عام 1964، اتفق الشاعر فؤاد حداد مع الإذاعة المصرية على كتابة أعمال شعرية عن المسحراتى، ورشحت له الإذاعة بعض الملحنين، لكن حداد رفض كل الترشيحات واختار الملحن سيد مكاوى.. كما أشرنا من قبل للتعاون بينهما . وبعد وفاة الشاعر فؤاد حداد، قرر الملحن سيد مكاوى عدم استكمال أغنيات المسحراتى لكن مع إلحاح الأصدقاء عليه، قرر الاستعانة ببعض الشعراء لاستئناف الكتابة، ومنهم فؤاد قاعود الذى كتب له بعض الحلقات، وجاء بعض أغنياتها كالتالى: اصحى يا نايم اصحى وحد الدايم وقول نويت بكرة إن حييت الشهر صايم والفجر قايم اصحى يا نايم وحد الرزاق كريم الأصل يظهر فى الشدايد وسنين العفاف عند الغنايم كما استكمل الشاعر عمرو الصاوى كتابة المسحراتى وألّف 30 حلقة قدمها التليفزيون المصرى عام 1988. كما قدمت إذاعة صوت العرب 10 حلقات لـلمسحراتى من تأليف الشاعر جمال بخيت، بصوت المطرب لطفى بوشناق، وضم بخيت القصائد فى ديوانه “مسحراتى العرب” . أما نجل فؤاد حداد، فقال إن حلقات والدى نجحت لأنها اقتربت من وعى الناس، وقال سليم حداد، إن المسحراتى الشعبى كان موجودا قبل أن يكتب عنه والده، لافتا إلى أن الفنان محمود شكوكو أدى المسحراتى، وألّف بيرم التونسى أغنيات عنه، أما فؤاد حداد فأخذ التيمة فقط وبنى عليها. وأضاف، كان المسحراتى القديم يلقى كلامه فى شكل غنائى، وكان يوقظ الناس بأسمائهم، لكن فؤاد حداد جعل للمسحراتى رؤية مغايرة، حاول بها أن يعبر عن اهتمامات الشعب المصرى ويعتمد أكثر على الجوانب الثقافية. وتابع قائلا: إن فكرة المسحراتى نجحت لأن فؤاد حداد نجح فى كتابة مقدمة القصيدة بشكل مميز وكذلك وسطها وجزؤها الأخير، وهو لم يأت بشىء غريب عن الناس، هو ليس (مسحراتى أفرنجى) هو مصرى عربى، واعتمد على التيمات الموجودة، لكنه وظفها بروح فؤاد حداد وطور ما كان موجودا. وقال سليم حداد: اختيار والده للشيخ سيد مكاوى للتلحين أفاد العمل، وهناك فنانون شباب كثر بنوا عليها فيما بعد، لكنهم بصورة ما لم يخرجوا من عباءة حداد. واختتم بأن حداد نجح فى الكتابة، لأنه احتك بجميع الأطياف وتعامل معهم، فضلًا عن ثقافته وحفظه القرآن الكريم ووعيه بالشعر العربى القديم وثقافته الفرنسية وقدرته على ابتكار مفردات مختلفة. وعلى مر التاريخ نجد العديد من النجوم قد قاموا بدور المسحراتي كان منهم: كارم محمود، إبراهيم حمودة، محمد رشدي، محمد قنديل، ورغم أن ما قدموه يعد قطع فنية وموسيقية رائعة، إلا أن مكاوي هو أشهر هؤلاء في تقديم هذه الشخصية حيث جعل لما يقوله المسحراتي خصوصية مختلفة عن الأغنية الدينية. كذلك نجد أن الفنانة ثريا حلمي قد قدمت هذه الشخصية للمرة الأولى حيث جسدت شخصية المسحراتي، وهي تدور علي منازل صديقاتها بشارع الفن. وقد لا يعرف كثيرون أن الفنان إسماعيل ياسين قد قدم هو الآخر شخصية المسحراتي فكان يغني هو الآخر مقطعا منفردا ويقول إسماعيل في مقطع من أغنيته ويردد الأطفال معه “يالا بينا يالا ويا الشيخ رمضان هيغني على الطبلة ويصحي النعسان’’.