السبت 22 نوفمبر 2025

أفلام الطفولة بين الواقع والخيال.. كيف رسمت السينما المصرية عالم الصغار؟

أفلام الطفولة بين الواقع والخيال.. كيف رسمت السينما المصرية عالم الصغار؟

22-11-2025 | 13:40

عمرو والي
منذ البدايات الأولى للسينما المصرية، كان الطفل أكثر من مجرد عنصر ثانوى فى الحكاية؛ كان شاهداً على التحولات، وبطلاً فى بعض الأحيان، ورمزاً للمستقبل فى أحيانٍ أخرى، فبعين البراءة استطاعت الشاشة أن تجسد عالمه الملىء بالأحلام والتحديات، وأن تعكس من خلاله ملامح المجتمع وتبدلاته عبر الأجيال. من «ياسمين» التى فتحت الباب أمام أفلام الطفولة فى خمسينيات القرن الماضي، إلى «من أجل زيكو» الذى أعاد رسم أحلام بعض الأطفال، ظل الصغير حاضراً فى الذاكرة السينمائية قلباً نابضاً بالصدق والعفوية، ومرآةً تكشف خبايا الأحلام والطموحات. فى هذا التقرير، تستعرض «الكواكب» رحلة الطفل على الشاشة الفضية، بين الدراما والكوميديا، وبين الواقع والحلم، لتعيد اكتشاف كيف روت السينما المصرية حكاية الطفولة بعيون الفن والخيال. كانت نقطة الانطلاق فى بداية حقبة الأربعينيات حيث كان أبرز فيلم اهتم بالأطفال هو «بنت ذوات» إخراج وسف وهبى عام 1942، حيث يؤمن إبراهيم الذى نال دبلوم الهندسة بأهمية تعليم الصغار، فيساعد الأطفال فى المدارس لكي تعلموا. وفي خلال حقبة الخمسينيات، قدم الفنان أنور وجدى تجربته الخاصة مع الطفلة فيروز كمنتج وممثل، فقدمها من خلال مجموعة من الأعمال كانت الطفولة هى المحور الرئيسى لها وأبرزها، فيلم «ياسمين» عام 1950، والذى شكل نقطة انطلاقة حقيقية لها، ففى صباح يوم العرض ظهر إعلان فى الصحف المصرية يدعو كل أطفال مصر لحضور حفل العاشرة صباحاً الذى سيعرض فيه الفيلم، ثم ستقوم البطلة الصغيرة فيه بتوزيع هدايا على الأطفال، وبالفعل، تم وضع مئات الهدايا فى سينما «الكورسال»، ليتم تقديم الهدايا لهم، وبعده قدمت فيلم «فيروز هانم» عام 1951، ثم فيلم «دهب» عام 1953 ليكون الأخير أشهر أفلام الثنائى معاً. فيما قدم الفنانى وسف وهبى فى نفس الفترة فيلم «أولاد الشوارع» وهو من إنتاج عام 1951، وناقش الفيلم قضية الأطفال وخاصة هؤلاء الفئة. كلاسيكيات شهيرة ومع ظهور مجموعة من الأطفال المتميزين فى السينما المصرية برزت مجموعة أخرى من الأعمال كانوا هم المحور الرئيسى لها، والتى تميزت بالطابع الكوميدى الخفيف، وأصبحت من الكلاسيكيات المحببة للجميع ولعل أبرزها فيلم «سر طاقية الإخفاء» والذى دارت أحداثه حول قبعة قماشية صغيرة تخفى صاحبها عن العيون، فيستطيع تغيير حياته للأفضل، واستعادة كرامته المهدرة، والحفاظ على حب خطيبته، هذه القبعة تحمل اسم «طاقية الإخفاء» والفيلم، وهو من إنتاج 1959، وإخراج نيازى مصطفى، وبطولة عبد المنعم إبراهيم وتوفيق الدقن وزهرة العلا، حيث تتصاعد الأحداث من خلال «عصفور» صحفى شابى عانى من الاضهاد فى الشارع وعمله، يكتشف شقيقه الأصغر «فصيح» طاقية الإخفاء عن طريق الصدفة وتجربة علمية فاشلة، لتحمل له الخلاص من كل أعبائه، ولكن لكل شيء ثمن، وهو ما نكتشفه من خلال الحبكة الكوميدية للغاية التى تعتمد على كل من المواقف الهزلية والخداع البصري. ولو رغبت فى جذب اهتمام طفل لمشاهدة فيلم بالأبيض والأسود للمرة الأولى، اعرض له فيلم «عائلة زيزى» الذي يجمع العديد من المزايا، أولاها أنه بطولة طفلة بالأساس، نرى الأحداث كلها من وجهة نظرها، بل حمل الفيلم اسمها. «عائلة زيزى»، من إخراج فطين عبد الوهاب، وبطولة فؤاد المهندس وسعاد حسنى وأحمد رمزى وعقيلة راتب، وعلى رأسهم الطفلة إكرام عزو، إنتاج عام 1963، وتدور أحداثه فى إطار عائلة تتكون من أم و4 أبناء، منهم 3 بالغين وطفلة واحدة فقط هى «زيزى»، لكل ابن من الأبناء شخصية مختلفة لدرجة التطرف، الابن الأكبر «سبعاوى» لا يشغل باله سوى آلة يخترعها تحول القطن إلى قماش مباشرة، والابنة «سناء» لا تستطيع التوقف عن مطاردة حلم التمثيل، فى حين أن «سامى» الرومانسى لا ينفك عن مطاردة جارته الجميلة، وبينهم تقع حائرة الأم التى لا تستطيع السيطرة على هذا السيرك، وتراقب الفوضى وتخبرنا عنها الطفلة «زيزى» التى تبدو كما لو أنها أكثر أفراد عائلتها تعقلاً. القضايا الاجتماعية جاءت الأعمال المنتجة فى سينما السبعينيات لتركز على مناقشة مجموعة من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالأسرة ككل ومشكلاتها واستخدم الأطفال كرموز لشرح أبعاد اجتماعية واقتصادية، تعبر عن ضغوط وأعباء الحياة التى تواجه الأسرة ومنها أفلام «إمبراطورية ميم» عام 1972 للمخرج حسين كمال، و«عالم عيال عيال» عام 1976 للمخرج محمد عبد العزيز، وفيلم «أفواه وأرانب» عام 1977 للمخرج بركات. وفى عام 1974 تم إنتاج فيلم «الحفيد»، وهو من بطولة نور الشريف وميرفت أمين ومنى جبر وعبد المنعم مدبولى وكريمة مختار ومحمود عبدالعزيز، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ عبدالحميد جودة السحار وأحمد عبدالوهاب، وﺇﺧﺮاﺝ عاطف سالم. دارت أحداث الفيلم، حول أسرة تتكون من 7 أبناء، ويناقش العمل مشاكل كل ابن منهم، ويستعرض الفيلم الصعوبات التي يلاقيها الأهل فى تحمل أعباء أولادهم. تجارب مميزة ومع مطلع الثمانينيات تم إنتاج الفيلم التليفزيونى الشهير «محاكمة على بابا»، قصة الكاتب الساخر أحمد رجب، وسيناريو وحوار عاطف بشاي، ومن إخراج إبراهيم الشقنقيري، ومن بطولة الفنان يحيى الفخراني، والفنانة إسعاد يونس، وطارق نجل الفنان يحيي الفخراني، ودارت أحداثه فى إطار كوميدى حول معلمة الحضانة التى تقوم بتعليم الأطفال حكاية «على بابا»، ويدور بينها وبين أحد الأطفال حواراً ساخراً، بعد اتهام الطفل لعلى بابا بأنه حرامى بعد أن استولى على المسروقات التى قام اللصوص بسرقتها، لترد عليه بأن «على بابا» رجل طيب. وهنا ذهب الوالد لمدرسة الحضانة ليحاول أن يقنعها أن «على بابا» ليس رجلاً طيباً لأنه حصل على مسروقات ليست من حقه، وهنا ذروة الأحداث، لترفض المعلمة أن تقول هذا الكلام بل على العكس جعلت الأطفال يهتفون خلفها «على بابا راجل طيب»، مما دعا الأب حتى يؤكد لابنه أن على بابا ليس رجلاً طيباً أن يذهب إلى قسم الشرطة ويحرر محضر سرقة ضد على بابا، وفى هذه اللحظة يتم القبض على الأب بتهمة الجنون لأنه يتحدث عن شخصية خرافية. وفى التسعينيات تم عرض فيلم «العفاريت»، وناقش بشكل رئيسى مشكلة تسول بعض الأطفال، ويعد أحد أشهر أفلام النجم عمرو دياب، الذى مازال يحتفظ بمكانته فى قلوب الجماهير منذ عرضه الأول في يوليو 1990، الفيلم، الذى أخرجه حسام الدين مصطفى، شارك فى بطولته عمرو دياب، مديحة كامل، عماد محرم، هديل، سماح عاطف، ونعيمة الصغير، ودارت أحداثه حول كريمة، مذيعة الأطفال، التى تخطف عصابة تديرها «الكتعة» ابنتها الرضيعة، وبعد سنوات، يلتقى عمرو دياب بالطفلة «بلية» ويكتشف أنها ضحية العصابة، فيتحالف مع كريمة لإنقاذها، هى والأطفال من العصابة. الألفية الجديدة ومع الألفية الجديدة يحسب للسينما أنها طرحت صورة الطفل بزوايا مختلفة، تجاوباً مع تطورات المرحلة الجديدة التي يعيشها، من تنوع ثقافى وفضاء مفتوح فى ظل ثورة الإنترنت، وبرز ذلك فى العديد من الأفلام منها فيلم «سكر» الذى تدور أحداثه فى إطار موسيقى وعائلي، داخل ملجأ للأيتام، حول فتاة صغيرة تدعى «سكر» تعيش رفقة مجموعة كبيرة من الأطفال، حيث تدير الملجأ سيدة غليظة وتابع لها ذو نوايا سيئة، والفيلم موجه بالأساس للأطفال وفئة المراهقين، ويرصد طموحات كل منهم والأزمات التي يواجهوها. والفيلم من بطولة ماجدة زكى وريهام الشنوانى وحلا الترك ووديمة أحمد ومحمد ثروت. من بين الأفلام التى عرضت مؤخراً وكانت حديث الجمهور، فيلم «بره المنهج» حيث دارت أحداثه حول محاولة الطفل اليتيم «نور»، الذيى بلغ من العمر 13 سنة، اكتساب احترام زملائه؛ من خلال دخول منزل مهجور أمام المدرسة، يخاف الأولاد المرور بقربه ليكتشف أن الذي يسكنه رجل عجوز يعيش هناك مختبئاً من العالم، فتنشأ صداقة وعلاقة تربوية بين الصبى والرجل العجوز، ما يدفعهما إلى رحلة لاكتشاف الذات. الفيلم من بطولة ماجد الكدوانى وعمر شريف وروبى ودنيا ماهر وأسماء أبو اليزيد. كما عرض فيلم «ساعة إجابة»، ودارت أحداثه حول نشوب خلاف بين طفل ووالديه، فيتمنى الطفل أن يحصل على أب وأم مختلفين، وعندما تتحقق أمنيته يجد نفسه ينتقل إلى بيت جديد مع عائلة جديدة فيعيش مغامرة جديدة ومشوقة، الفيلم من بطولة الطفل سليم مصطفى وغادة عادل وسوسن بدر وأيتن عامر ونجلاء بدر وشريف سلامة وانتصار ومحمد ثروت وبدرية طلبة وفرح وفراس سعيد وإيمان السيد. وفى إطار كوميدى دارت أحداث فيلم «أعز الولد» حول خمسة أطفال يتعرضون للاختطاف أثناء توجههم إلى المدرسة، فتقرر الجدات التصدى للمختطفين وإعادتهم بأنفسهن سالمين وسط العديد من المواقف الطريفة والمشوقة. الفيلم من بطولة ميرفت أمين ودلال عبد العزيز وشيرين وإنعام سالوسة وسامى مغاورى ومحمد شاهين ومحمود الليثى وعلى قنديل وحاتم صلاح. وداخل عالم المدرسة الابتدائية تم تقديم فيلم «لا مؤاخذة»، ودارت أحداثه حول طفل يدعى هانى عبد الله يتوفى والده على نحو مفاجئ، وسرعان ما تتراكم المشاكل على والدته حين تكتشف أن ميراث زوجها متمثل فى ديونٍ طائلة، فتضطر الأم لنقل هانى لمدرسة حكومية بدلاً من مدرسته الخاصة، وحيث إن هذا الطفل خائف من الاضطهاد يضطر إلى الكذب لتتوالى الأحداث، وتتعقد الأمور وترصد المشاهد كثيراً من المواقف والتعقيدات التى تدور أحياناً فى إطار كوميدي. الفيلم من بطولة أحمد داش وهانى عادل وكندة علوش وسامية أسعد ومحمد عادل ومعاذ نبيل وأبو بكر أسامة وبيومى فؤاد. فيما تناول فيلم «من أجل زيكو» قصة عائلة بسيطة يفوز ابنهم الصغير زيكو بفرصة المشاركة فى مسابقة أذكى طفل فى مصر، فينطلقوا معاً فى رحلة من أجل حضور المسابقة، وتقع لهم العديد من المفارقات خلال الرحلة التى تمتد لمدة يومين. الفيلم من بطولة كريم محمود عبد العزيز ومنة شلبى ومحمود حافظ ومحمد محمود. نجوم بالتخصص تعد الفنانة ياسمين عبد العزيز أبرز النجمات اللاتى اهتممن بتقديم أفلام موجهة للأطفال من خلال مجموعة من الأعمال أبرزها «الدادة دودى»، ودارت أحداثه حول فتاة تعمل فى سرقة الموبايلات مع شريك لها ويتعرضان للتفتيش فى إحدى نقاط الشرطة على الطريق، وتضحى به، وتتورط فى جريمة قتل، فتهرب لتعيش فى الإسكندرية، وتضطر إلى العمل كمربية أطفال لدى لواء شرطة، أثناء ذلك تتغير حياتها كلها، وتبدأ طريق الالتزام والتوبة. كما قدمت تجربة أخرى مع الأطفال من خلال فيلم «الأبلة طمطم» ودارت قصة الفيلم حول هروب مجموعة من المساجين من خلال نفق سرى تحت الأرض، ثم يفاجأوا بأنهم داخل مدرسة نموذجية، ليقرروا المكوث فيها حتى إشعار آخر، فى ظل مقاومة من الأبلة طمطم. الأمر نفسه تكرر مع الفنان سامح حسين، والذى قدم مجموعة مختلفة من الأفلام الموجهة إلى الأطفال، وأبرزها «ساندوتش عيال»، والذى دارت أحداثه حول قضايا الطلاق وتأثيرها السلبى على الأطفال، وذلك من خلال قصة محامٍ على خلاف مع زوجته، وهو ما لفت نظره للموضوع، فيقرر أن يطالب بحقوق الأطفال الذين وقع عليهم الضرر نتيجة الخلافات، وحالات الطلاق أو الخلع بين والديهما فى إطار من الكوميديا. كما قدم فيلماً آخر بعنوان «جيران السعد» يرصد الفيلم فى جو كوميدى قصة مجموعة من الجيران تحدث لهم حفنة كبيرة من المشاكل بسبب أطفالهم، ليجدوا أنفسهم فى دوامة من التعقيدات، ويكتشفوا فى النهاية أن عليهم التعاون مع بعضهم البعض من أجل تجاوز تلك المشاكل.