بقلم : نبيلة حافظ
رمضان كريم أعاده الله عليكم بالخير والبركات، ولكن هل فكر أحد منا أن ربما يكون هذا رمضان الأخير بحياته وأن الأجل لن يمكنه من صيام رمضان آخر؟ عذرا أنا لا أريد أن أكدر عليكم فرحة قدوم هذا الشهر الكريم، أو أعكر عليكم صفو أيامه المباركة بذكر الموت بل كل ما أتمناه لكم أن تقضوا أيامه على أكمل وجه وكما أمرنا به الله عز وجل ورسوله الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - فكم من أقارب وأصحاب ومعارف كانوا معنا في رمضان الماضي وهم الآن من أصحاب القبور، فالموت يأتي بغتة ولا عودة من الموت إلى الحياة مرة آخرى، ولكن أعتقد أننا إذا قدر لنا الموت سوف نتمنى العودة للحياة لكي نصوم رمضان بشكل مختلف أكثر قربا لله عز وجل وبما ينفعنا في قبورنا ويوم الحساب.
فلنعقد النية على أن يكون صيامنا لرمضان على أكمل وجه، ولنحتسب كل لحظة من لحظاته خالصة لوجه الله عز وجل فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام، وأكون حريصا على أداء كل العبادات ولا أضيع فريضة فرضها الله عليً أبدا, بل أسعى واجتهد لتحسينها وتجميلها لكي تخرج في أفضل وأجمل صورة، ولنبدأ بالصلاة التي يجب عليً أدائها على أوقاتها وفي خشوع تام وباستمتاع كبير، ولأتذكر دائما أن الصلاة هي لقاء المحب بحبيبه.. المخلوق بالخالق.. فليكن لقائي بحبيبي "الله" بلهفة وشوق ومحبة كبيرة لاتضاهيها محبة أي إنسان آخر بالحياة، ولا اكتفي بصلاة الفروض بل يجب عليً المواظبة على صلاة النوافل بكل صلاة، وأحرص ـ أيضا ـ على أداء صلاة التراويح وياليت تكون في جماعة بالمسجد، وإذا أسعدني حظي ورضي عني الخالق سعدت بصلاة قيام الليل والدعاء فيها بقلب خاشع ذليل لعل يكون فيها ساعة الاستجابة.
ولأن رمضان هو شهر القرآن سأقرأ القرآن لأنال الثواب العظيم الذي وعدنا به رب العالمين، وسوف أكون حريصا على ختم المصحف عدة مرات، ليست قراءة بل تدبر الآيات والعيش في معانيها واستخلاص الحكم منها.
وليكن رمضان فرصة عظيمة لإخراج الزكاة والصدقات للفقراء والمساكين ولا أفكر فيما أكنزه من بعدي لأولادي وورثتي من بعد موتي، فلن ينفعني بعد ترك هذه الحياة إلا الأعمال الصالحة وفعل الخيرات، وما أعظمها فرصة في أن أقوم بهذه الأعمال وأنا على طاعة وصيام، فاعطي اليتيم والفقير والمحتاج والمتعفف وأفرج عن المديون، فهذا الذي يبقى أما ما احتفظ به فهو إلى زوال، ولتكن زكاة مالي بالعلن لأنها فريضة، أما الصدقات فمن الأفضل أن تكون سرا وفي الخفاء.
ولأن لحظات العمر باتت معدودة فلن أقبل بوقت ضائع ولا بنوم طويل، لذا عليً ألا أضيع لحظة واحدة في رمضان هباء أمام شاشات الفضائيات لأشاهد البرامج الساقطة والمسلسلات الهابطة فالعقل يرفض فعل المعاص وارتكاب الذنوب والآثام ليس في هذا الشهر الكريم فحسب، بل في المتبقي من العمر من سنين أو أيام لا يعلمها إلا الخالق.. ويبقى الدعاء: اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير أيامي يوم ألقاك!