السبت 18 مايو 2024

ما هو القتل الخطأ؟

القتل الخطأ

دين ودنيا29-10-2021 | 17:09

زينب محمد

إن القتل ينقسم إلى ثلاثة أنواع؛ وهي: القتل العمد، وشبه العمد، وقتل الخطأ، أما القتل العمد فيكون فيه القاتل قاصدًا للفعل، وباستخدام أداة غالبًا ما تستخدم للقتل؛ كالآلات الحادة بشكلٍ عامٍ، ومنها: السكين، أو السيف وغيلاه من الأدوات، ومما يدل على ذلك حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- حيث روى: «أنّ جارية وُجدت وقد رُضّ رأسها بين حجرَيْن، فسألوها: مَن صَنع هذا بك؟ فلانٌ؟ فلانٌ؟ حتى ذكروا يهوديّاً، فأومتْ برأسِها، فأُخِذ اليهوديّ فأقَرّ، فأمر به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّمَ- أن يُرَضّ رأسُه بالحجارة».

أما شبه العمد فيكون فيه القاتل قاصداً الاعتداء على إنسانٍ معصوم الدم، ولكن باستخدام أداة لا تستخدم للقتل غالباً؛ كالعصا، أو الحجر الخفيف، أو السوط، أو بلكمةٍ من اليد، فتؤدي إلى وفاة المجني عليه، والقتل الخطأ هو أن يفعل المكلف ما يباح له فعله، فيؤدي ذلك لوفاة إنسانٍ معصوم الدم، ومن الجدير بالذكر أنه لا يترتب على قتل الخطأ إثم؛ لأنه غير مقصود، ولكن يترتب عليه الكفارة، والدية المخففة على العاقلة، وفي هذا الصدد ستعرض بوابة «دار الهلال» كل ما يتعلق بفهم مفهوم القتل الخطأ، فيما يأتي:

حكم القتل الخطأ

 يعرف القتل الخطأ بأن يتسبب المكلف بقتل إنسانٍ معصوم الدم، من خلال فعل ما يباح له فعله، كحوادث السير، أو كالذي يحفر بئراً فيسقط فيه إنسان ويموت، أو يطلق النار للصيد فيصيب إنساناً فيقتله، وقد عرف ابن قدامة القتل الخطأ بقوله: «هوَ ألّا يقصد إصابته، فيصيبه، فيقتله»، ويترتب على القتل الخطأ الدية، والكفارة، ودليل ذلك قول الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا»، وفي ما يأتي بيان الأمرين:

 الدية

وهي مبلغ من المال، يؤدى إلى ولي المقتول، ويتحمل الدية في حال القتل الخطأ العاقلة، ودليل ذلك ما رُوي عن أبي هريرة أنّه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجَر فقتلتها، وما في بطنِها، فاختصموا إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقضى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ دِية جنينِها غُرّةٌ: عبدٌ أو وليدةٌ، وقضى بدية المرأة على عاقلتِها)، والعاقِلة هم آباء الجّاني وإن عَلَوا، وأبناؤه وإن نزلوا، وأقرباءه وأولياءه كلّهم، حاضرهم، وغائبهم، وقريبهم، وبعيدهم، حيث يجتهد الحاكم بتحميل كلاً منهم ما يسهّل عليه، ويبدأ بالأقرب فالأقرب، فإذا اتسعت أموال الأقربين للدّية، فلا يجاوزهم، وإذا لم تتّسع انتقل للأبعد حتى يصل إلى أبعدهم درجةً، وذلك بحسب الميراث، فإن تمكّن الآباء والأبناء مِن تغطية الدّية، لم ينتقل إلى الأخوة وبنيهم، والأعمام وبنيهم، وهكذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء اختلفوا في وجوب تحمّل الجاني لشيءٍ من الدّية مع عاقلته؛ فقال بعضهم: يتحمّل الجاني مع عاقلته؛ لأنّهم حملوا الدّية بسببه، وقال آخرون: لا يتحمّل معهم؛ واستدلّوا بظاهر حديث أبي هريرة الذي سبق ذكره، وأمّا مقدار الدّية فهي عشرون جذعة، وعشرون حُقّة، وعشرون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون من بني مخاض، كما يُمكن حساب قيمتها في كلّ زمانٍ، وإعطائه لأولياء المجنيّ عليه.

الكفارة

وهي الفداء الذي يفدي الجاني به نفسه من مغبّة المعصية، وهي في حال القتل الخطأ عتق رقبةٍ مؤمنةٍ، فإن تعذّر ذلك، فصيام شهرين مُتتابعين، فإنْ كان الجاني يُعاني مِن مرضٍ لا يُرجى شفاءه، وجب عليه صيام الشهرين بشكلٍ متقطّعٍ، فإنْ لم يستطع سقطت عنه الكفّارة؛ لعجزه، ومن الجدير بالذّكر أنّ إعتاق الرّقبة مُتعذّرٌ في زماننا، ولهذا يُنتقل إلى صيام شهرين متتابعين، وتجدر الإشارة إلى الأمور التي لا تُعتبر قاطعةً لتتابع الصيام؛ وهي: الإفطار في يومٍ أوجب الله -تعالى- الإفطار فيه؛ كالعيد، وأيّام التشريق، أو الإفطار لعذرٍ شرعيٍّ؛ كالمرض، والسفر، والحيض والنفاس للمرأة، أو النسيان والجّهل، أو تخلّل الشّهرين صِيامٌ واجبٌ؛ كشهر رمضان.

حالات تنفيذ حكم القتل في الإسلام

 يتم تنفيذ حكم القتل في الإسلام على الجاني في الحالات الآتية، مع العلم أن لكل جريمةٍ شروطاً خاصةً لا بد من توفرها حتى يتم تنفيذ العقوبة، ولكن لا يتّسع المقام لذكر تلك الشروط:

القاتل عمداً: حيث يجب قتله قصاصاً، إلّا إن عفا عنه أولياء المقتول، أو رضوا بالدّية.

المرتد: وهو الذي يكفر بعد إسلامه، والدليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «مَن بَدّل دينَهُ فاقتُلوه».

الزاني المُحصن: وهو من ارتكب جريمة الزنا؛ سواءً كان رجلاً أو امرأةً، وهما عاقلان، بالغان، حران، وسبق له أو لها أن تزوجا، وأتى زوجته في قُبلها، أو أتاها زوجها في قلباها، في نكاح صحيح، وتكون عقوبتهما الرجم حتى الموت.

الجاسوس: وهو من ينقل أخبار المسلمين إلى أعدائهم.

قاطع الطريق: وهو المحارب.

الاكثر قراءة