كشفت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تركيزات غازات الاحتباس الحرارى في الغلاف الجوى والحرارة المتراكمة المرتبطة بها أدت إلى دفع الكوكب إلى منطقة مجهولة.
وقالت المنظمة - في تقرير أصدرته، اليوم، تزامنا مع انطلاق أعمال قمة الأمم المتحدة للمناخ في جلاجسو ببريطانيا - إن "السنوات السبع الأخيرة تسير باتجاه أن تكون أحر سنوات مسجلة، في الوقت الذي يتوقع أن يكون العام الحالى 2021 في ترتيب من الخامس إلى السابع بين أكثر الأعوام دفئا على الإطلاق.. وهذا لا ينفى أو
يعكس الاتجاه طويل الأجل لارتفاع درجات الحرارة".. لافتة إلى تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ عام 2013 إلى مستوى مرتفع جديد في عام 2021، وذلك مع استمرار ارتفاع درجة حرارة وتحمض المحيطات.
وأضاف التقرير، الذي يجمع بين المدخلات من وكالات الأمم المتحدة المتعددة ودوائر الأرصاد الجوية والهيدرولوجيا الوطنية والخبراء العلميين ويسلط الضوء على الآثار على الأمن الغذائي ونزوح السكان مما يضر بالنظم البيئية الحيوية، أن تلك التغييرات تقوض التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة.
ولفت إلى أن السماء أمطرت ولأول مرة على الإطلاق في ذروة الغطاء الجليدي في جرينلاند، وذلك بدلا من تساقط الثلوج، موضحا أن الأنهار الجليدية الكندية عانت من ذوبان سريع، حيث دفعت موجة الحر في كندا والأجزاء المجاورة من الولايات المتحدة درجات الحرارة إلى ما يقرب من 50 درجة مئوية في قرية بكولومبيا البريطانية،
كما وصلت درجة حرارة وادى الموت بكاليفورنيا إلى 54.4 درجة مئوية خلال إحدى موجات الحر المتعددة بجنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك في الوقت الذي شهدت أجزاء كثيرة من مناطق البحر المتوسط درجات حرارة قياسية.
وأشار إلى أن الأمطار تساقطت على مدار أشهر ولساعات في الصين، كما شهدت أجزاء من أوروبا فيضانات شديدة مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا وخسائر اقتصادية بالمليارات.
وقال المدير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية البروفيسور بيترى تالاس إن "السنة الثانية على التوالى من الجفاف في المناطق شبه الإستوائية في أمريكا الجنوبية أدت إلى خفض تدفق أحواض الأنهار الهائلة وأضرت بالزراعة والنقل وإنتاج الطاقة"، لافتا إلى أن الأحداث المتطرفة للطقس أصبحت هي المعيار الجديد، وأن هناك أدلعلمية متزايدة على أن بعضا منها تحمل أثار تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.
وحذر من أنه وبالمعدل الحالي للزيادة في تركيزات غازات الاحتباس الحراري، فإن الكوكب سيشهد زيادة في درجات الحرارة بحلول نهاية هذا القرن تتجاوز بكثير أهداف اتفاقية باريس للمناخ من 1.5 إلى 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مشددا على أن قمة المناخ للأمم المتحدة التي تنطلق اليوم هي فرصة لإعادة الكوكب إلى المسار الصحيح.
وأظهر التقرير استمرار ارتفاع عمق المحيط وارتفاع معدلات احترار المحيطات ودرجة حموضيتها، مبينا أنه تم قياس متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ أوائل التسعينيات بأقمار صناعية عالية الدقة لمقياس الارتفاع، وكان 2.1 ملم سنويا بين عامي 1993 و2002، و4.4 ملم سنويا بين عامي 2013 و2021 بزيادة قدرها ضعفين بين الفترتين.. وأوضح أن هذا كان في الغالب بسبب الفقدان المتسارع للكتلة الجليدية من الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية.
كما أشار إلى موجات طقس متطرف قاس ضربت الكثير من مناطق العالم، ما بين موجات حر استثنائية تسببت في مئات الوفيات، وفي حرائق الغابات، وكذلك أمطار وفيضانات أدت إلى خسائر اقتصادية كبيرة، كما حدث في خنان الصينية حيث بلغت الخسائر المعلن عنها ما يصل إلى 17.7 مليار دولار، إضافة إلى ما تسببت فيه الأمطار الغزيرة بالعديد من مناطق أوروبا وأجزاء من شمال أمريكا الجنوبية، وأيضا الجفاف الشديد الذي أثر على الكثير من المناطق شبه الإستوائية في أمريكا الجنوبية للعام الثاني على التوالى، وكذلك جنوب غرب الولايات المتحدة وكندا وجزيرة مدغشقر وغيرهم.
وشدد التقرير على أن موجات الطقس المتطرف تلك كان لها الكثير من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في مناطق العالم، وذلك ما بين تقويض عقود من التقدم نحو تحسين الأمن الغذائي وزيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون المجاعة، خاصة مع انضمام تلك الظواهر المناخية إلى النزاعات وآثار وباء كورونا، ووصولا إلى
عمليات النزوح الكبيرة من أفغانستان إلى أمريكا الوسطى وغيرهما، ثم التدهور الذي أحدثته بالنظم البيئية وبمعدل غير مسبوق.