الثلاثاء 18 يونيو 2024

في دَمي لَعنَةُ الدِّيكِ.. القصيدة الـ 27 من ديوان «ترمي بشرر» لـ عمر هزاع

الشاعر عمر هزاع

ثقافة1-11-2021 | 13:47

دار الهلال

تنشر "دار الهلال" القصيدة الـ 27 من ديوان "ترمي بشرر" للشاعر السوري الكبير عمر هزاع.

القصيدة الـ 27 من الديوان: في دَمي لَعنَةُ الدِّيكِ

قَبلَها ذَبحتُ كُلَّ جِنِّيَّةٍ أَلهَمَتني, فَلَمَّا آنَ وَقتُها سُقتُها لِمَذبَحِها خَلفَ التَّلَّةِ, وَكُنتُ أُناظِرُها بِطرفِ عَيني وَهي تَمسحُ دُمُوعَها بِشالِها, ثُمَّ.. كانَ ما كانَ:

يا أَسمَعَ امرَأَةٍ تُوَثِّقُ صَرخَتي..

وَأَرَقَّ مَن صادَمتُ فِيها صَخرَتي..

ما زالَ صَوتُكِ دافِئًا..

يَجتاحُني:

هَيَّا..

حَبِيبي..

لا تَغُرَّكَ دَمعَتي..

هِيَ ضَربَةٌ تَجتَثُّ حَنجَرَتي بِها..

وَتَدُعُّني..

كَي أَستَقِرَّ بِحُفرَةِ..

 

فاشدُدْ ذِراعَكَ كَي تَكُونَ وَحِيدَةً..

أَرجُوكَ..

وَلتَشحَذْ حَوافَ الشَّفرَةِ..

أَنا لَستُ أَخشى المَوتَ..

لَكِن؛ وَالذي سَوَّاكَ مِن قَلبي؛ أَخافُ بِوَحشَتي..

وَأَخافُ أَن تَبقى كَئيبًا بَعدَ ما تُلقي سُؤالًا ما..

فَتَصمُتَ جُثَّتِي..

وَتَظَلَّ تَبحَثُ عَن جَوابٍ حائِرٍ..

فِي صَحوَةٍ..

تَستَلُّها مِن غَفلَةِ..

وَتَضِلَّ دَربَكَ..

فالطَّرِيقُ مَتاهَةٌ..

وَتَسِيرَ؛ تَحتَ الشَّمسِ؛ دُونَ مِظَلَّةِ..

خُذْ شالِيَ المَعقُودَ..

فُكَّ رِباطَهُ..

وَاعصُبْهُ..

مُبتَلًّا بِماءِ المُقلَةِ..

فَلَعَلَّهُ يَحمِيكَ..

مِن لَفحاتِها..

وَيَقِيكَ وَهجَ الحَسرَةِ المُجتَرَّةِ..

خُذْهُ..

فَفِيهِ بَعضُ ما أَهدَيتَني مِن عِطرِ ضَوئِكَ فِي سَوادِ مَجَرَّتي..

خُذْهُ..

وَلا تَجزَعْ..

إِذا ما ضِحكَةٌ شَرِقَتْ بَراءَتُها بدَمعِ الطِّفلَةِ..

يا أَقتَلَ امرَأَةٍ تُحَرِّرُ شَعرَها..

لِتَمُدَّهُ كَفَنًا..

يُعَجِّلُ مَوتَتي..

وَتُصِرُّ أَن تَمتَدَّ صَرحًا..

بَينَما يَتَفَتَّتُ القَتَّالُ..

أَلفَي مَرَّةِ..

عَيناكِ قِندِيلانِ؛ عَن عَينَيَّ؛ لَم يَتَزَحزَحا..

رَغمَ انزِياحِ العَبرَةِ..

 

يا أَفدَحَ الطَّعناتِ؛ بَينَ ضُلُوعِها؛ كَيفَ انعَكَستِ؟

لِكَي تَصِيري طَعنَتي!

ما زِلتُ؛ وَالسِّكِّينُ تَلهَثُ فِي يَدي؛ أَحتَزُّ مِن حَطَبي..

لِأُوقِدَ جَمرَتي..

وَأُسائِلُ الكَفَّينِ:

كَيفَ تَجَرَّأَتْ هَذي الأَصابِعُ أَن تُؤَوِّلَ غَضبَتي؟!

يا مَقبَضَ السِّكِّينِ..

حِينَ قَبَضتَها أَشَعَرتَ؛ مِثلي؛ بِاضطِرابِ القَبضَةِ؟!

أَرَأَيتَها؛ مِثلي؛ تَخُرُّ صَرِيعَةً؟!

وَعَجِزتَ؛ مِثلي؛ أَن تَبُوحَ بِكِلمَةِ؟!

أَدري..

بِأَنَّكَ لَو قَدِرتَ مَخَرتَني..

مِن بَعدِها..

وَشَفَيتَ داءَكَ بِالَّتي.. (..)..

أَذَبَحتُها حَقًّا؟

وَها أَنا ذا أَرى دَمَها يَسِيلُ بِشَهقَتَينِ وَزَفرَةِ!

 

اللَّهُ!

كَيفَ فَعَلتُها؟

وَأَنا.. أَنا.. مَن كانَ يَسقِيها عَصِيرَ المُهجَةِ!

كَحَمامَةٍ..

ما زِلتُ أَذكُرُ أَنَّني أَطعَمتُها شِعرِي وَحِنطَةَ فِلذَتي..

يا أَيُّهَذا الوَحشُ..

كَيفَ نَسِيجُها الضَّوئِيُّ قَد أَطفَأتَهُ بِمَسَلَّةِ؟!

كَيفَ انتَزَعتَ المِسكَ مِن أَحشائِها؟

لِتَقُولَ:

إِنَّكَ قَد غَنِمتَ بِظَبيَةِ!

يا أَيُّها الغُولُ المُخَبَّأُ؛ فِي دَمي..

أَشَبِعتَ؟

فاجَّاوَزتَ حَدَّ التُّخمَةِ!

أَم لا يَزالُ لَدَيكَ مُتَّسَعٌ لِمَن بِيَدَيهِ واراها تُرابَ الغَيرَةِ..

تَبًّا لِدِيكِ الجِنِّ..

أَيَّةُ لَعنَةٍ وُرِّثتُها؟

فَتَكاثَرَتْ فِي طَفرَتي!

أَوَ كُلَّما أَحبَبتُ أَطمَعتُ المُدى لَحمَ الحَبِيبَةِ؟

وَاكتَفَيتُ بِوَحدَتي!

وَفَتَقتُ بُرعُمَها!

بِغَفوَةِ خِنجَري!

وَفَتَقتُ؛ لَمَّا أَن صَحَوتُ؛ قَصِيدَتي!