كانت أغاني كوكب الشرق أم كلثوم تنبعث قادمة من راديو قديم عندما تناهى الصوت إلى أسماع الطفل مدحت بمنزل محمود صالح وهبة في حارة ميخائيل بحي روض الفرج، حينها تعلق قلبه بالغناء والابتهالات الدينية، ليذهب في صباح اليوم التالي إلي كتّاب مسجد "خورشيد" لحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ مصطفى البغدادي، راوده حلم الغناء كل ليلة بعدما أدرك قوة صوته الجميل، وعندما كبر كان له ما أراد، ليصبح أحد أهم المطربين في الوطن العربي.. وهو الفنان مدحت صالح.

ولد محمد محمود صالح في 2 نوفمبر 1960، بحي روض الفرج بالقاهرة وحفظ القرآن الكريم تجويدًا وترتيلًا في كتّاب مسجد "خورشيد" وتعلم في مدرسة نهضة مصر الابتدائية، وكان يقرأ القرآن صباحًا في إذاعة المدرسة، ثم دخل مدرسة الإيمان" الإعدادية، كان يقرأ القرآن في برنامج "القرآن وربي" وينشد فيه ابتهالات دينية، وكان في الصيف يعمل مع والده في وشة النجارة والموبيليا، أحب الفن وتعلق به منذ الطفولة، وكان يجلس وبجواره الراديو يستمع إلى أغاني أم كلثوم ويرددها خلفها.

 التحق بمدرسة القاهرة الثانوية الأزهرية، بعدها التحق بجامعة الأزهر، وتخرج من قسم شعبة التاريخ والحضارة، عارض والده فكرة دخوله الوسط الفني والغناء، لكنه تمسك بحلمه والتحق بمعهد الموسيقى العربية، وكاد أن يٌفصل بسبب الغياب المتكرر بعد أن كون فرقة غنائية مع عدد من أصدقائه، وكان يغني في الأفراح التي تقام على أسطح بيوت حي شبرا، وكان  أجره 2 جنيه إلا ربع في الفرح الواحد، بخلاف "النقطة" التي توزع على أعضاء الفرقة.

 ما إن تخرج في المعهد حتى عُين موظفًا بالمسرح الغنائي، لكنه ترك على الوظيفة، لقرر أن يحترف الغناء كيفما يريد، غنى لأول مرة في الإذاعة من خلال برنامج "أبلة فضيلة" 1976، أختار له الملحن حلمي بكر أسم "مدحت صالح"، غنى في إحدى حفلات نجاة، سجل أولى أغانيه "أكيد"، وبعدها أغنية "ياجريد النخل العالى" ونال بعدها شهرة واسعة وكانت البداية مع ألبومه الأول "زي ما قالوا عنيك". 

بأوائل الثمانينيات، شارك في الفوازير مع شريهان ولمع نجمه بسرعة الصاروخ وصار واحدا من أهم المطربين المتواجدين على الساحة الغنائية في تلك الفترة، وقدم أغنيته الشهيرة "المليونيرات" والتي لاقت نجاحا كبيرا حينها في أوساط الشباب، وتوالت ألبوماته وأغانيه أبرزها "كوكب تاني". 

دخل مجال السينما وقدم عددا من الأفلام أبرزها "اللبيس، كرسي في الكلوب، أشتاتا أشتوت، علمني الحب" وظهر كضيف شرف في "الكويسين"، ومن أبرز أعماله الدرامية مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة" وكان آخرها فى "أبو العروسة"، كما شارك فى مسرحية "حزمنى يا" مع فيفى عبده ومحمد هنيدى، وغنى عدة أغاني في أفلام  أبرزها "شورت وفانلة وكاب، حرب أطاليا، أمير الظلام، مافيا"، ونالت أغاني الأفلام التي أداها نجاحا كبيرا منها "حبيبي يا عاشق، النور مكانه في القلوب، أحلامنا البسيطة"، وفي التليفزيون غنى عدة تيترات لعدد من المسلسلات أبرزها "حضرة المتهم أبي، عباس الأبيض، سكة الهلالي". 

تزوج مدحت صالح 4 زيجات كانت الأولى من "ليلى صديق" شقيقة زوجة لاعب الكرة الكابتن فاروق جعفر، وأنجب منها "رانيا وأدهم"،  والثانية من الفنانة سمية الألفي لمدة عامين وكان يصغرها بـ 7 سنوات، والثاثة من الفنانة شيرين سيف النصر التى استمر زواجه منها 4 أشهر فقط، بينما كان زواجه الأخير من الشاعرة نورا الباز.

ويحتفل اليوم مدحت صالح بعيد ميلاده الـ61 وتبقى أغانيه تميزه عن غيره وكأنه جاء من "كوكب تاني"، باحثا عن التفرد والتميز بصوته النقي.