ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم وضع المصحف الشريف في السيارة بغرض الحفظ من المكروه، ومن جانبه أجابت دار الإفتاء، أن تعظيم القرءان الكريم واحترامه عما لا يليق بواجب تقديسه من الأمور المجمع عليها بين المسلمين.
وأكدت دار الإفتاء بإن يجب على كل مسلم حفظة وصونه عن النجاسات وعن القاذورات، ولا يوضع بالمواضيع التي يخشى وقوع الامتهان فيها لشيء منه، قال تعالى: «إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ۞ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ ۞ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» سورة الواقعة 77-79، وقوله تعالى: «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه» الحج 30.
وذكر الإمام الألوسي في تفسيره" روح المعاني" (حرمات الله، جمع حرمة وهو ما يحترم شرعًا)، وذكر ايضا الإمام النووي الشافعي في "التبيان في أدأب حملة القران" (أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترمه).
واستكملت الإفتاء أن وضع كتاب الله تعالى في البيوت، او السيارات، او المحالات التجارية، او غيرها يختلف باختلاف القصد منه، فإذا كان القصد منه الزينة أو التظاهر فلا يجوز ذلك، لأن القرآن الكريم إنما أنزله الله تعالى للعمل به والتدبر والتعبد بتلاوته، وأما إذا كان وضعه أو تعليقه بقصد الحفظ والبركة، والتلاوة فيه، فهذا يدخل في تعليق التمائم والرقى القرآنية، فلا مانع من ذلك مع مراعاة المحافظة عليه بأن يوضع في مَكانٍ نَظيفٍ لا يحصل له فيه أي نوع امتهان، او يكون له مكان مخصص أو يوضع في حرز ساتر كعلبة أو صندوق أو غير ذلك، وأن يوضع على مكان مرتفع، لأن امتهان القرآن الكريم من أكبر المحرمات.
وذهب جمهور فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية، إلى جواز تعليق التمائم التي فيها أسماء الله وصفاته وأيات القرءان الكريم والأدعية المأثورة، وهذه ما روى عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وهوا قول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وأوضح العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الأداب" (قال المروذي شكت امرأة إلى أبي عبد الله أنها مستوحشة في بيت وحدها فكتب لها رقعة بخطة: بسم الله، وفاتحة الكتاب والمعوذتين واية الكرسي، وقال: كتب أبوعبد الله من الحمى بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله ومحمد رسول الله «يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ۞ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ» الأنبياء، اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحق أمين.
كما أنَّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بكتاب الله تعالى؛ فقد ذكر الدارمي في "سننه" عن أبي مليكة أن عكرمة رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه ويقول: "كلام ربي".
وفي هذا السياق، فإنه يجوز وضع المصاحف أو تعليقها في البيت، أو السيارة، أو المحلات التجارية، او غيرها من الأماكن، إذا كان هذا الأمر بغرض الحفظ والبركة، ولا سيما إذا انضم إلى هذا القصد القراءة منها عندما يتيسر ذلك.