الأربعاء 26 يونيو 2024

فى ذكرى تحرير سعر الصرف.. خبراء: جعل مصر متصدرة الدول الجاذبة للاستثمار

سعر الصرف

اقتصاد3-11-2021 | 17:40

أنديانا خالد

أحمد شوقي: التعويم بدء في 1989 وانتهى 2016

عبد الرحيم:  سعر الصرف يعتبر قريبًا إلى حد كبير من السعر العادل

راشد: قضينا على السوق السوداء في مصر 

غراب: قرار التعويم ساهم في زيادة موارد العملة الصعبة 

 

في الثالث من نوفمبر 2016 صدر قرار من محافظ البنك المركزي طارق عامر، بتحرير سعر الصرف، وذلك ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وقّعته مصر مع صندوق النقد الدولي لمدة 3 سنوات وانتهت في نهاية العام الماضي، ووفقا لهذا القرض فقد حصل مصر على 12 مليار دولار أميركي مقسمين على 6 شرائح قيمة كل شريحة ملياري دولار. 

ورأى خبراء الاقتصاد أن تحرير سعر الصرف حقق 8 مكاسب خلال 5 سنوات، أبرزها حققت مصر ثاني أفضل معدل نمو على مستوى العالم خلال أزمة فيروس كورونا، مع توقع لارتفاع معدل النمو إلى 5.4% خلال العام المالي الجاري، بدعم النمو الكبير المتوقع في مؤشرات أداء الربعين الأول والثاني.

كما ساهم تحرير سعر الصرف في القضاء على السوق السوداء، وزيادة حجم الودائع بالجنيه المصري في البنوك المصرية لتصل إلى 5.75 تريليون جنيه مصري، وأيضا الحفاظ على زيادة مستويات السيولة المحلية في السوق المصري.

أما عن أسباب  أهم العوامل المؤثرة في الحفاظ على أداء الجنيه المصري أمام العملات الأخرى الدولار الأمريكي، فأكد الخبراء أن هناك ارتفاع رصيد الاحتياطي الدولي من النقد الأجنبي، وأيضا  نجاح تنفيذ المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، بالإضافة إلى  ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج سنة تلو الأخرى.

وكذلك زيادة حجم إيرادات قناة السويس لتصل إلى 5.9 مليار دولار أمريكي، وأيضا سلسلة الإجراءات الاحترازية التي قام بها البنك المركزي المصري منذ مارس 2020 لاحتواء التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا، وأخيرا ارتفاع حصيلة الصادرات المصرية خلال الأعوام الماضية والذي دعمه التوجهات الرئاسية لدعم جودة المنتجات المصرية لدعم الصادرات.

التعويم بدء في 1989 وانتهى 2016

فمن جانبه كشف الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي سليمان، عضو هيئة تدريس بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الولايات المتحدة الامريكية فرع السنغال، إن مراحل تعويم الجنيه المصري مرت بمراحل متعددة بدأت منذ عام 1989 بشكل جزئي تلتها مرحلة تعويم كامل في يناير 2003 وكان في هذه الفترة سعرين للدولار السعر الرسمي في البنوك وسعر آخر في السوق الموازي، ثم تلاها مرحلة التعويم الحقيقي في عام نوفمبر 2016 والتي كان لها دور رئيسي في القضاء على السوق الموازي (السوق السوداء) بشكل نهائي.

وأضاف خلال حديثة لبوابة "دار الهلال"، أنه قام بإعداد دراسة دراسة تحليلية لآثار تعويم الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016 على الاقتصاد المصري، والتي أوضح فيها أن تعويم 2016 كان له دور رئيسي في القضاء على السوق الموازي "السوق السوداء" بشكل نهائي على الرغم من أن قرار التعويم في 2016 قابلة العديد من الانتقادات والآراء المختلفة عن التوقيت الذي تم اتخاذ القرار به.

وأشار إلى أن قرار التعويم في 2003 يختلف عن القرار في 2016، فكان أداء الجنيه أمام الدولار في 2003 منخفضا حيث شهد ارتفع الدولار الأمريكي أمام الجنيه خلال عامي التعويم الأول والثاني 2004 ليصل سعر الدولار 6.19 جنيه خلال سلسلة من الارتفاعات المتتالية، واستمرار وجود السوق السوداء و تداول الدولار بسعر مرتفع عن سعر البنك.

وتابع أنه بعد قرار التعويم في 2016 لم يكن هناك سوق موازي أو سوداء لتداول الدولار الأمريكي وتم القضاء علي السوق السوداء بشكل نهائي نتيجة الإجراءات الرقابية الصارمة التي فرضها البنك المركزي على شركات الصرافة الخاصة وبدء انتشار شركات الصرافة التابعة للبنوك.

وأشار إلى أن معدل التضخم ارتفع بنسب عالية جداً حيث ارتفع من 2.9% عام 2003 ليقفز إلى 17.3% في العام التالي أي بزيادة قدرها 14.4% وبنسبة زيادة 476% أي تجاوزت الأربع اضعاف، أما في نوفمبر 2016 ارتفع معدل التضخم من 13.56% في أكتوبر إلى 19.42% في نوفمبر ليقفز إلى اعلى نقطة 32.95% في يوليو 2017 أي بزيادة قدرها 19.39% وبنسبة زيادة قدرها 1.43% ثم عاود معدل التضخم في الانخفاض مرة أخرى ليصل بنهاية العام الأول من التعويم ليصل إلى 25.97% في نوفمبر 2017.

وأكد أن تبعات قرار التعويم في 2016 أفضل مما كانت عليه من قرار التعويم في 2003 من حيث احتواء معدلات التضخم وتحسن معدلات الربحية الحقيقية وتحسن أداء الجنية المصري في الأعوام التالية والتي ترجع إلى تحسن أداء السياسات النقدية والمالية ونجاح إتمام المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بالتعاون مع المؤسسات الدولية.

وأشار إلى أن قرار تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016  ضمن إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي مدعوماً بالإجراءات والتدابير الاحترازية لأزمة فيروس كورونا أثراً كبيراً في الصمود أمام أزمة كورونا الحالية، والذي انعكس بشكل كبير على كافة جوانب الاقتصاد المصري السابق الإشارة إليها.

 سعر الدولار أصبح قريبًا من السعر العادل

وقال الباحث الاقتصادي، محمد محمود عبد الرحيم، إن بعد تعويم الجنيه ارتفعت أسعار جميع السلع والمنتجات، مما أضعف من القدرة الشرائية بشكل كبير، إلا أن تحرير سعر الصرف قضى على فكرة السوق السوداء.

وأضاف الباحث الاقتصادي في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن سعر الصرف يعتبر قريبًا إلى حد كبير من السعر العادل بل وتم ضبط قواعد العرض والطلب بشكل كبير وبالتالي فإن التحرك في سعر الدولار حاليا ناتج عن عوامل اقتصادية مؤثرة سواء بالارتفاع أو الانخفاض وليس مجرد مضاربة.

وأشار إلى أن قوة الجنيه المصري تزيد بقوة الاقتصاد، خاصة أنه في عام 2019 تحديدًا حمل كثير من المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري إلى أن جاءت أزمة كورونا و كان لها تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد العالمي بشكل عام ويمكن القول إنه بزيادة الإنتاج والصادرات وزيادة السياحة، إلا أن مع الانتهاء من أزمة كورونا بشكل تدريجي والانتهاء من أزمة التضخم وسلاسل الإمداد العالمية الحالية سيكون هناك نتائج أفضل بكثير لأداء الجنيه.

وأوضح أنه على أرض الواقع حاليا لم يشعر أحد بتغيير كبير في سعر الصرف رغم وجود سلسلة من الأزمات العالمية، كنتيجة مباشرة لاستقرار الاقتصاد المصري بشهادة جميع المؤسسات الاقتصادية الدولية.

من أفضل القرارات الاقتصادية

وفي نفس السياق قال الدكتور محمد راشد، أستاذ بكلية سياسة واقتصاد جامعة بني سويف، إن قرار تعويم سعر الصرف قرار جرىء للغاية ومن أفضل القرارات الاقتصادية على الإطلاق فيما يتعلق بسوق الصرف وازيد على ذلك بأن هذا القرار جاء متأخرا وانه لو تم اتخاذه فى وقت مبكر لما وصل سعر صرف الجنيه إلى هذا المستوى عند التعويم بعد أزمة الثقة وعدم اليقين التى طالت سوق الصرف.

وتابع خلال حديثة لبوابة "دار الهلال"، أن أهم إيجابيات هذا القرار  تتمثل في استقرار سعر صرف الجنيه وإنهاء أزمة الثقة تدريجيا، وترتب على ذلك اختفاء السوق السوداء وتوافر العملات الأجنبية تدريجيا بالبنوك وعلى رأسها الدولار وهو ما يمثل عودة الدولار للظهور مرة أخرى داخل القطاع المصرى بعد تطبيق آليات السوق من خلال ميكانيكية العرض والطلب وهو ما يعنى عدم وجود اى مشكلة حاليا لدى البنوك لتوفير وتأمين العملات الأجنبية لعملائها أو لتغطية ما لديها من اعتمادات الاستيراد.

وأكد أن هذا القرار  ساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتى أسهمت فى تصدر الاقتصاد المصري قائمة الدول الجاذبة للاستثمار فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أو من خلال الاستثمار فى أذون الخزانة المصرية و التى يصل حجم استثمارات الأجانب بها الآن أكثر من 23 مليار دولار بنهاية أغسطس 2021 للاستفادة من سعر الفائدة الحقيقي المرتفع  بعد تراجع معدلات التضخم تدريجيا علي مدار العامين السابقين.

واشار الى ان  سعر الفائدة المرتفع عقب التعويم ساهم فى تحفيز الأفراد المحليين على شراء شهادات إيداع أو ربط ودائع بالبنوك من خلال  تحويل ما معهم من عملات أجنبية للجنيه وهو ما دعم استقرار الجنيه وساهم من ناحية أخرى فى زيادة تدفقات تحويلات العاملين فى الخارج عبر الجهاز المصرفى وكذلك ارتفاع حجم الصادرات من لتصل لنحو 33 مليار دولار نتيجة ارتفاع قدرتها التنافسية بسبب التعويم وانخفاض قيمة الجنيه  على مدار الأربع سنوات الماضية.

وأوضح أنه مع تعافى الاقتصاد حدث التحسن فى قيمة الجنيه المصرى جراء التحسن فى كافة القطاعات المولدة للنقد الأجنبى والاستثمار الأجنبى والصادرات وتحويلات العاملين فى الخارج والتى بلغت مستوي قياسيا خلال العام المالي المنقضي بأكثر من 31 مليار دولار.

جعل الاقتصاد المصري قويا صامدا

وقال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية والتخطيط، إن قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف منذ 5 سنوات، كان لابد منه في هذه الفترة بعد تردي كثير من المؤشرات الاقتصادية، وقد ظهرت أهمية هذا القرار وفوائده الكثيرة على مدى السنوات الماضية حتى اليوم وبقوة لتجعل الاقتصاد المصري قويا صامدا ومستقرا أمام جائحة كورونا أو أي أزمة أخرى، رغم تأثر الاقتصادات الكبرى بالسلب.

ورصد غراب خلال حديثة لبوابة دار الهلال، الايجابيات التي عادت على الاقتصاد المصري جراء قرار تحرير سعر الصرف وعلى مدى 5 سنوات، أولها تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي تدريجيا، وتحسن تصنيفات مصر الائتمانية سواء السيادية أو القطاعية، وارتفاع معدل النمو المحلي، إضافة إلى أنه حقق مكاسب وأرباحا لأصحاب الودائع بالعملة الأجنبية من فرق سعر الصرف، كما مهد الطريق أمام البنك المركزي لطرح العديد من المبادرات التي دعمت القطاع الصناعي والانتاجي والتصديري ما ساهمت في زيادة التدفقات النقدية الاجنبية لمصر.

وأوضح غراب، أن قرار التعويم ساهم في زيادة موارد العملة الصعبة والتي ساندت الاقتصاد المصري خلال ازمة كورونا، فقد تجاوزت تدفقات النقد الأجنبي على مصر أكثر من 500 مليار دولار خلال آخر 5 سنوات، هذا بالاضافة إلى اختفاء السوق السوداء للعملة الصعبة وهذا كان يضر بالاستثمار الأجنبي فأي مستثمر كان يدخل السوق المصري كان يجد سعرين للعملة قبل تحرير سعر الصرف فيجد سعر في البنوك، وسعر في السوق السوداء، فهذه المشكلة انتهت تماما بعد التعويم وأصبح موجودا بوفرة في البنوك المصرية.

وتابع غراب، أن صناديق الاستثمار الاجنبي وعلى مدى السنوات الماضية ضخت استثمارات سواء استثمارات اجنبية مباشرة أو غير مباشرة تتمثل في أدوات الدين الحكومية في أذون وسندات الخزانة، مشيرا إلى أنه مع انتهاء السوق السوداء للعملة زادت الثقة لدى 8 مليون مصري العاملين بالخارج بالخليج وأوروبا فزادت تحويلاتهم من العملة الأجنبية  العام المالي 2020/2021 ‏، لتحقق أعلى مستوى تاريخي لها مسجلة نحو 31.4 مليار دولار .

وأشار غراب، إلى أن التعويم زاد من الاحتياطي النقدي الأجنبي فقد بلغ صافي الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي بنهاية سبتمبر الماضي بلغ  40.825 مليار دولار، بينما كان صافي الاحتياطيات الأجنبية قبل قرار التعويم في العام المالي 2015-2016 نحو 17 مليار دولار، فيما كشفت بيانات رسمية حديثة عن ارتفاع اجمالي تدفقات العملات الأجنبية لدى البنك الأهلي وبنك مصر إلى 240 مليار دولار منذ قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 وحتى هذا مايو 2021.

وأوضح أن الناتج الاجمالي المحلي لمصر قفز إلى نحو 6100 مليار جنيه خلال العام المالي 2019 / 2020، بينما كان في العام المالي 2016 / 2017 بما يقدر بـ 3400 مليار جنيه، وفقا للاحصائيات الرسمية.