الخميس 9 مايو 2024

بدون مبالغة أو مجاملة .. جراند أوتيل المصرى يهزم المكسيكى بالإجماع

5-6-2017 | 14:22

عقدت المقارنة : هبة عادل

من اللحظة الأولى لبدء نزول الإعلان برومهات عرض إحدى الفضائيات للنسخة الأصلية للمسلسل الرائع "جراند أوتيل".. كنت قد اتخذت قرارى بمتابعتة وذلك على خلفية النجاح المدوى الذى نفقة المسلسل المصرى والئى لازال متربعا فى الصدارة فى الموسم السابق الحالى ولك وقت يمكن أن نتحدث فيه عن مسلسل ممتاز بكل معنى الكلمة.. ومن اللحظة الأولى للمشاهدة.. كانت المقارنة عملية آلية قد حدثت بالفعل ودون وعى وبتوجيهه مطلق من عقلى الباطن والظاهر أيضا.

وبدون أدنى تميز لمصريتى وهويتى ولا أى تجنى على الأخر الئى هو فى الأصل بالطبع عمل له مميازاته وإلا لما كان المسأخوذ منه ليكون بهذا التفوق والألم.

وحتى لا يكون رأىى هو نوع من العفوية والإنطباعية فقد عقدت هذه المقارنة "بالورق والقلم والمسطرة" وعلي مدار أكثر من 80 حلقة هى عدد حلقات المسلسل المكسيكى والذى أدهشنى أول ما أدهشنى كيف كان للمبدع الرائع تامر حبيب الذى وضع السيناريو والحوار للنسخة المصرى هذه القدرة والمهارة على صنع كل هذا التكثيف.. إلا أنها كانت مجرد واحدة من مهارات عديدات وضعها وصنعها وصاغها وصاغ معها مسلسل لا يمكنى إلا أن نشكدة بشكل فردى جدا.. وأتحدث حنة ومعه واليه ومن خلاله.. بشكل معنى فى سطورى القادمة..

الشخصيات

فإذا بدأنا مثلا بالحديث عن الشخصيات الرئيسية فى العمل.. ودعونى أبدأ بهذه الموهبة الضخمة والمتفجرة "محمد ممدوح" الشهير بتايون والذى لعب دور أمين.. الخادم والإبن السرى لصاحب الفندق.. فى النسخة الأصلية وقد حمل اسم "أندرثيس".. كان شخصاً عاديا - طبيعيا.. فيما اختار مؤلفنا تامر حبيب أن يرسم لهذا الأمن ملامح شخصية هى أقرب للمريض النفسى أو المتوحد أو المهزوز فى أقل تقدير.. وكان الأداء المبهر بالوجه والملامح والعيون وحركات الرأس والفم من جانب "ممدوح" معبرا ومؤثر إلى أقصى حد.. وكان ذلك لزاما من الناحية الدرامية حتى نستطيع الاقتناع بأنه يقبل أن يحب ويتزوج من الخادمة التى هى حامل سفاحاً من أجل قبلة وهو الذى إلى حد الجنون لدرجة قبوله بهذا الأمر وبنسب الطفل لنفسه وهو ما لا يمكن حدوثه فى مجتمعنا المصرى لاسيما وأن فترة عرض المسلسل كانت تدور فى سنوات الخسمينيات من القرن الماضى.

غريب

وعن شخصية أخرى اتحدث أيضا عن النجم أحمد داود.. الذى تفوق بدوره إلى أبعد الحدود فى دور "مراد حفظى".. إتأ المؤلف أن يجعل هذا الحفظى هو ابن عمه البطلة وصاحب الفندق هو عمه.. فيما كان فى العمل الأصلى هو مجرد غريب عن العائلة قادم من بلد أخر كلاجىء سياسى.. إحتضنه الأب لأسباب سياسية بحتة.. فكم كان موفقا تامر حبيب فى أن يجعل هذا الشخص الطامع فى إدارة الفندق وسب ممتلاكات أسرة عمة والاستيلاء على بانة عمه هو أمر منطقى وبديهى فهو فى النهاية يحافظ على جزء من ميراثه الشرعى.. مما يخلق لديه دافع ومبرر للتخلص من الابن الشرعى "أمين" والعمل على محاولى قتله مرة تلو الأخرى - كما كانت لهذه القرابة محط أخر من الاقتناع بأن تبوح له زوجة صاحب الفندق التى لعبتها بإقتدار ستأتى إليه الفنانة أنوشكا .. تبوح بأسرارها له.. حتى انهما طوال المسلسل يخططان ويتفقان على قتل كل من يقف فى طريق تحقيق آمالهما العريضة فى الميراث والثروة.

أما شخصية نجمنا المحبوب "عمرو يوسف" بكل العمل الرئيسى.. فإذا ما نظرنا إلى نظيرة فى النسخة المكسيكى.. سنجد شاب عادى جدا.. حتى على مستوى الشكل والبنية الجسمانية.. ولكن وباحترافية تامة اختار المخرج المبدع أحمد شاكر خضير "عمرو يوسف" لهذا الدور الذى يتطلب شاباً وسيما حتى نقتنع بأن الفتاة الأرستقراطية الثرية تهواه وهو مجرد عامل كخادم لديها فى الاوتيل الذى تملكه عائلتها ذات الجاه والسلطان.

الجمال

أما هذه الفتاة نفسها التى قدمتها أمينة خليل فى واحد من أهم أدوارها.. فالحقيقة أن الفتاة التى قدمتها فى النسخة الأصلية "إيزابيل" كانت ممتازة.. لكن أمينة بالملابس والأداء المتمكن الذى قدمته فى دور "نازلى" كانت أيضا ذات أكثر كبير أضفى على العمل لكن لمسة جمالية مميزة أما شخصية الشقيقة التى لعبتها الفنانة الشابة "ندا موسى" .. 4قلنا معها وقفة كبيرة.. فهى فى النسخة الأصلية.. شخصية "صوفيا".. هذه الموتورة لالمريضة النفسية.. التى تحتل قدراتها النفسية وقواها الفعلية تماما.. عندما تفقد جنينها فى بطنها وتفقد معه رحمها وكل حلم لها فى لمالم الأمومة.. وعندما تدفعها أمها لهذه اللعبة الجهنمية بأن تمثل أنها حامل وانها ستأتى لها وقت الولادة بطفل.. ويحدث هذا فعلا.. فتجد نفسها كارهة لهذا الطفل جدا مما يجعلها تنهار تماما وتلجأ لتعاطى المخدرات ومنها تذهب للعلاج النفسى فى دير للداهمات وتعود لتواصل رحلات المرض النفسى عندما تفقد زوجها عند اكتشافى هذه التمثيلية.. حتى أننا نواجأ فى نهاية الأحداث بأن خيونها قادها لأن تكون هى قاتلة والدها..؟ المهم أن هذه الصوفيا فى العمل الأصلى رغم الجهد الكبير الذى قدمته الممثلة - إلا أن انتصار هذا الكاركتر فى عملنا المصرى.. والرصانة فى الأداء بعيدا عن الهوس.. وملامح الشجن والحزن المتوازن جدا فى إنفعالات ندا موسى كان شيئاً بديعا بحسب لها وللعلم بالطبع.

المتعجرفة

.. أما عن أنوشكا.. هذه الأم لها يتبين الفتاتيين.. ففى النسخة الأصلية كانت السينورة "تريزا".. سيدة متسلطة.. متعجرفة وشريرة بالطبع .. لكن ملامحها كامرأة فى مرحلت متقدمة من العمر مع قوامها المترهل وأداء العصبى.. لا يقاس بالجميلة أنوشكا التى كانت أفضل خيارات هذا المسلسل.. بهذا القوام الممشوق والبشرة المشدودة والتى اضفت مع الملابس والعتابة بالتفاصيل الكثير من مواطن الابهار على تزكية الشخصية التى قدمتها بإتقان شديد استحقت أن تحصد عليه عشرات الجوائز خلال العام المنصرم من الشخصيات المميزة أيضا فى العمل وكل عمل تمتد إليه يراها.. شخصية نجمتنا الكبيرة سوسن بدر.. أم أمين.. الخادم والزوجة السرية لصاحب الفندق... فى العمل الأصلى نجد "أنجلا" .. هى الأم أيضا ورئيسة الخدم.. وقد تقاربا حتى على مستوى الشكل والملامح إلى حد كبير لكن على مستوى الأحداث التى سنتحدث عنها كانت هناك خروقاً جوهرية.

الشريرة

أما الشريرة "دنيا الشربينى".. ولا يمكن أن أقدمها واتعرض للحديث عنها بغير هذا اللفظ.. فهى التى قامت بدور من أهم أدوار الدراما المصرية وربما العالمية بهذا الدور للفتاة "ورد".. التى هى على استعداد لعمل أى شىء وكل شىء من أجل تحقيق مطامعها ومطامحها.. وهى فى العمل الأصلى "بلين" .. فتاة جميلة.. جاءت فى البدايات وإلى حلقات عديدة متقدمة جدا.. كفتاة مسلوبة الإرادة مقلوبة على أمرها.. أعتصبها مدير الفندق عنوة وهى التى لا حول لها ولا قوة.. واستمر خيط الشخصية هكذا إلى عشرات الحلقات.. ولم يتضح بشاعة سلوكها وتأمرها وشرها إلا فى الأواخر.. بينما كان :تامر حبيب" حريصا فى إظهار كل حجم الشر لدى ورد من أولى الحلقات.. فالوقت من ناحية ليس فى صالحه والأحداث المتلاحقة أيضا.. وبالتالى جاء هذا التكثيف لصالحها وكانت له فى الحقيقة وكان لطغيان شرها المبكر دوراً كبيراً فى شخصية الأحداث وخلق العديد من جوانب الصراع الدرامى عبر الأحداث.

التكثيف

وعلي صعيد الشخصيات أيضاً وبغرض التكثيف.. كان في العمل الأصلي يوجد رئيس الطهاة الذي يحب رئيسة خدم البنات وآخر رئيس الخدم لكهن وكان شخصية عنيفة كريهة.. فيما استغني عنها تامر حبيب وحسنا فعل.. وأتي لنا بشخصية (الريس صديق) التي قدمها باقتدار النجم محمود النبراوي في قالب كان محببا للقلب جدا.. بحكمة الرجل الناضج الذي استطاع اختراق قلب المرأة التي كانت قد تصورت أن لا مجال للحياة في حياتها بعد رحيل زوجها ومأساة ابنها.

ومن الشخصيات التي استغني عنها أيضاً مولفنا المصري الجميل.. شخصية الشقيق الثالث للفنانين.. شخصية فيلبي.. ابن صاحب الفندق.. هذا السكير العربيد المستفز.. وهو بالطبع خط كان وراءه العديد من الأحداث.. من قصص حبه وسقوطه المطولة والتي كان من الأفضل جداً الاستغناء عنها.

حذف

كما حذفت أيضاً شخصية الدكتور الطبيب صديق العائلة الذي أضرف علي تمثيلية حمل الابنة الصغري وكان علي علاقة شبهة عاظفية بالبطلة، لأم.. وكان ابتعاد أنوشكا عن أي منطقة من العواطف هو الأجمل بالطبع حتي تستمتع بهذه الكتلة الخام من الصلف والاستعلاء والغرور دون أدني تأثير ولو لطرفة عين.. فلا مجال في الحرب لأي مشاعر هنا أو هناك ومع هذا الحذف أيضاً استغني عن شخصية ماتيلدي صديق البطلة السنيدة.. فبطلتنا لم تكن في صاحب إلا لسند الحبيب البطل عمرو يوسف.

وفيما حذف شخوص.. جاء بالنجمة الشابة مي الغيطي.. الخادمة التي تحب البطل عمرو يوسف.. وفي النسخة الألية.. كانت هناك خادمة تحب الابن غير الشرعي أندريس فيما تم استبدالها هنا بهذه التي تحب البطل وكانت لذلك وفقا د. اميا ألولي حيث مشاعر الغيرة عند اكتشافها أنه يحب مخدومتها.. كما كان لظهور هذه الشخصية الفيصل الأكبر في اكتشاف غموض جريمة قتل صاحب الفندق كما جاء في الحلقة الأخيرة.. وعلي صعيد الشخصيات أيضاً.. وللحق نذكر أن بعض الكاركترات جاءت متميزة في الجانبين

مثل شخصية الصاغ شريف ... النجم خالد كمال وشخصية ا لمحقق أيالا -وضابط الشرطة وكذلك شخصية حماة الأخت الصغري التي لعبتها عندنا الفنانة القديرة رجاء الجداوي وشخصية الزوج للشقيقة الصغري الذي لعبه لدينا بتميز النجم الشاب محمد حاتم حينما تميزت شخصية النجمة «شيرين» قريبة العائلة الاستقراطية فخر هانم خاصة بإفيه زوجها «الراحل «الذهيري باشا».

- أما إذا أثيتنا فى عبقرية وقفة هامة لتأمل بعض الأحداث بين هنا وهناك وذلك علي سبيل المثال لا الحصر فنجد هذا المشهد العبقري واكتشاف الأب المخدوع لأن طفله المتوفي ليس هو ابنه... وانه مجرد تؤام لابن الخادمة وسط كهولة وذهول أفراد الأسرة.

وأين نحن من مشهد لوم الابن لأمه... عندما يعرف أنه ابن صاحب الفندق الذي سخرته لخدمة أخوته وهو من أعظم مشاهد المسلسل ومحمد ممدوح «أمين» وهو يعاقب أمه كيف رضيت أن تجعله خادم لأخوته .. فيما نجد في النسخة الأصلية أن الابن يعرف أنه ابن صاحب الفندق وسط صخب حفلة غنائية ومغنية تغني للخدم في المطبخ وكان مشهدا ساذجا إلي أقصي حد.

وأين هم منا... في الحبكة العبقرية التي وضعها تامر حبيب حيث حكت انوشكا لبناتها أن أبوهم أخذ مهرها وبني به الفندق ومن ثم فهي أحق الناس باسترجاع هذا الحق ولا وريث غيرهم فيه وفي النسخة الأصلية لم يكن سوي الطمع والشر والقلق والغيرة العمياء هي المحرك لأحداث محاولات قتل واقصاء الابن وامه من التركة..

كما راعي كابتنا العزيز بشفافية شديدة طبيعة مجتمعنا المصري والشرقي ففي العمل الأصلي أسلمت الفتاة البطلة جسدها لعلاقة غير شرعية مع البطل قبل زواجهما من عريسها الرسمي فيما حرص تامر حبيب هنا علي إظهار هذه العلاقة السامية والشريفة بين البطلين مراعيا قواعد وأصول مجتمعنا وتقاليده الأمر نفسه ينسحب علي علاقة الأب مالك الفندق والام بينما هم هنا كانا في ارتباط بزواج رسمي.

وحتي عندما أحبت سوسن بدر رئيس الخدم لم تتزوجه مثلما في النسخة المكسيكية وقالت أفضل أن أقي حياتي بلقب أم أمين.

حت يالنهاية... فكانت في مصر أن الزوجة بالاتفاق مع ابن العم هما قتلة الوالد - فيما كانت النهاية في النسخة الأصلية هي موت الاب بالسم بيد ابنته الصغري وهو ما يستهجنه المجتمع هنا من حكاية قتل ابنه لابيها.

وإذا ما تحدثنا عن النهايات فنذكر حديثنا عن ورد الشريرة التي هي في النسخة الأصلية اختارت الموت منتحرة من فوق الجبل حين كشف البوليس أمرها أما هنا فكانت جذور الشر المزروعة لها دورها طوال الحلقات خير مبرر لأن تكون نهايتها تمثل اعمالها عندما ماتت مقتولة غرقا بيد عشيقها السابق.

ف يما إنتهي المسلسل لكني هنا بمشهد رائع بهيج للتجمع العائلي لمن تبقي من أفراد الأسرة الطيبة ومع حالة البهجة هذه اختتم مقالي الذي أوجزت فيه قدر إمكاني وبداخلي اصداء للمزيد مما يستحق الحديث عن قرب اللغة ودفء المشاعر وحميمية العلاقة مع أبطالنا الكبار.

فكل الشكر لصائغ هذا العمل ببصيرة مفتوحة تماما علي عوالمنا الشرقية التي خاض بها غمار حرب وتحد عالمي كبير وكان الفوز حليفه شكرا تامر حبيب وشكرا للمخرج محمد شاكر خضير وإذا كان العمل المكسيكي اسمه «أسرار الفندق الكبير» فنحن هنا وبهذا المؤلف المبدع والبديع نمتلك أسرار النجاح الكبير وننتظر منه دائما المزيد والمزيد.

    Dr.Radwa
    Egypt Air