العبادة هي الهدف الأساسي من إيجاد الخلق، حيث خلق الله تعالى الإنسان والجن ليعبدوه، وسخر للإنسان كل شيء من حوله ليساعده على العبادة، إذ يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة الذريات (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
يعد الفرق بين مفهوم العبادة في الشريعة الإسلامية ومفهوم العبادة عند الناس فرق كبير وعظيم، يجب أن يحرص الناس على فهم الأشياء والتعرف على أصولها وعدم أخذ القشور فقط، فمفهوم العبادة اسع، ومتفرع وكل فرح يحتاج إلى مزيد من الدراسة والفهم، حيث ينحصر مفهوم العبادة عند الناس في الصدقة والصوم والحج والصلاة والزكاة، وهم أركان لإسلام، وهو حقا من فعلهم فقد أتى الواجب الذي أمر به، ولكن العبادة الحقيقية تشمل كل ما يجب أن يفعله الإنسان لصلاح المجتمع والبيئة، وهداية الناس وأن يكون قدوة معبرة عن الدين الإسلامي الحنيف.
أنواع العبادة
العبادة القلبية، العبادة القلبية والمقصود بها كل ما يجب أن يعتقده الإنسان ويصدقه من قلبه، كأن يؤمن المسلم بوجود الله عز وجل وأن لا شريك له، وأن يتوكل العبد على الله حق التوكل، ويكون على اعتقاد تام بأن الله وحده من يستطيع أن يفعل كل شيء في هذا الكون ويخاف الله ويتقيه ويرجوه ويرغب رضاه.
العبادة اللفظية، ويقصد بها ما يلفظه الإنسان من عبادة، كنطق الشهادة وقراءة القرآن وتسبيح الله والاستغفار والدعاء، كما أن القول الحسن وتقديم النصح للناس والدعوة لله عز وجل من افضل الأمور التي ينطق بها المسلم.
العبادة البدنية، هي العبادة التي يقوم بها العبد من سلوك كالصلاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله والسير بين الناس لإصلاح ذات البين والدفاع عن الحق والعمل، فالجسد أيضا يعبد الله بكل ما يقدمه، ويفعله في سبيل الله وبنية خالصة لابتغاء وجه الله الكريم.
العبادة المادية، العبادة المالية تشمل إنفاق المال في سبيل الله عز وجل فهذا نوع من أنواع العبادة، كتوجيه المال لليتامى والمساكين ودفع الزكاة والتصدق وكرم الضيف ودفع المال في الجهاد والعديد من الجهات بقصد مراضاة الله عز وجل.
العبادة المركبة، يقصد بالعبادة المركبة القدوم على أكثر من عبادة معاً، كالحج فهو عبادة بدنية ومالية ولفظية معاً، فيقدم العبد على القيام بالعديد من العبادات ف الحج.
خصائص العبادة
العبادة مبنية على اليسر، الدين الإسلامي مبني على السلالة والفهم واليسر، فراعى الدين الإسلامي أن العبادات كلها تكون مناسبة لطبيعة البشر وقدرتهم على فعلها بسهولة، فالله تعالى أمر المرء بما يستطيع ويسر عليه كل الأوامر، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النساء "يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا".
لا وسيط بين العبد وربه، تنعدم الوساطة بين العبد وربه، فالدين الإسلامي الحنيف كرم العبد وجعله قادر على التواصل مع ربه بالدعاء والصلاة والعمل الطيب، فكل العبادات تصل لله وهو من يعرف النوايا ويجازي على الأفعال، فهو أقرب للعباد من حبل الوريد، كما يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة البقرة "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".
الإخلاص في العبادة، يجب أن تكون العبادة خالصة لله عز وجل، حيث أنها أساس خلق الإنسان فالله تعالى خلق الإنسان ليعبده ويتقيه بحب وإخلاص فيقول الله في القرآن الكريم في سورة البينة "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ".
العبادة توقيفية، شرح الله تعالى العبادة وعرف العباد من هي الواجبات والحقوق والمناسك وحذر من الشرك الأصغر والأكبر، فلا يجوز الاختلاف على العبادات ولا أن يكون في قلب العبد شيء من الرياء أو الردة أو الكبر، فيقول الله تعالى في كتابه العزيز "فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً".