السبت 23 نوفمبر 2024

حيلة المتورطين في مخالفات البناء للهروب من جرائمهم

  • 6-6-2017 | 23:22

طباعة

وكيل لجنة الإسكان: تسديد كل الثغرات القانونية واجب تشريعي

«محلية البرلمان»: إجراء جراحة عاجلة للقوانين

 

كأنك تشاهد أحد الأفلام القديمة في فترة الثمانينيات، نفس الأبطال ونفس الواقع ونفس الضحايا، التاريخ يعيد نفسه، في حادثة واقعية اهتزت لها مدينة الإسكندرية بعد أن سقط عقار سكنى مكون من 12 طابقًا بمنطقة الأزاريطة التابعة لحى وسط، على العقار المقابل له، حيث كشفت تحقيقات النيابة أن الجاني هي سيدة استخدمها المتهم الحقيقي للتحمل نتائج عمله الإجرامي، من خلال تحرير عقد بيع لها وبهذا العقد تعتبر هي المالك الحقيقي للعقار مقابل تقاضيها ألفين جنيه مستغلًا جهلها بالقانون وظروفها الاجتماعية ليتمتك الجاني الأصلي ويلهوا على ظهر سفينة الأمان.

تحريات المباحث فجرت مفاجأة كانت صادمة للجميع، حيث تبين أن السيدة المتهمة وتدعى « ميرفت» التى تم ضبطها، هى مجرد «كاحول»، تم توريطها من قبل المالك الأصلي والذي يدعى «محمد.ع».

وقالت المتهمة أمام النيابة، إن صاحب العقار حرر لها توكيلًا للتصرف في بيع وإيجار الشقق مقابل مبلغ مالي مع كل عقد.

وكشفت عن أن جميع المخالفات التي كان يحررها المجلس والمحلي وشركات الكهرباء والماء كانت باسمها وكان يتعامل معها صاحب العقار الحقيقي لأنه يعمل محاميًا، ويقدم رشاوى للمسئولين بالحي، من بداية تراخيص بناء العقار حتى المخالفات الأخرى التي تم تحريرها بعد بناء العقار، مؤكدة أن العقار تم تسكينه بالكامل عقب الانتهاء من تشييده في عام 2003.

وتابعت مالكة العقار أمام وكيل النائب العام:" أن جميع تراخيص بناء العقار خرجت باسمها، وكانت تسمع بإنشاء دور أرضي وطابقين فقط بسبب مساحة الشارع إلا أن مالك العقار ارتفع بها 10 أدوار آخرى، وأصدر الحي قرارًا بالإزالة إلا أنه لم ينفذ نهائيًا، بعد دفع رشاوى للمسؤلين.

النائب أمين مسعود، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب، قال إن التاريخ يعيد نفسه، فعملية استعانة الجاني الأصلي في عمليات البناء المخالف والتعديات على أملاك الدولة بـ«كومبارس» ليتحمل جرائمه في حال انكشاف أمره، منتشرة في جميع أرجاء مصر وعلى مدار تاريخها الحديث، فرصدت سينما الثمانينيات الواقع المرير من خلال استعانة المخالفين والمدلسين بما يعرف بـ«الكاحول» للهروب من الجرائم والتنصل من أي مسائلة قانونية.

وعن إقناع رجال الأعمال، الشخص الضحية في التوقيع على عقود الملكية وتحمل المخالفة، أكد "مسعود" أن الجاني يستغل الظروف الاجتماعية الصعبة ويعتمد بشكل رئيسي على الجهل لاختيار ضحيته خشية التحكم في كل شيء وتجريد المالك الحقيقي من كافة حقوقه.

ولفت عضو لجنة الإسكان لبوابة «الهلال اليوم» إلى أن الجهل والظروف الاجتماعية وغياب الرقابة وتواطؤ بعض الفاسدين في المحليات في التغطية على جرائم النصابين والخونة، هي السبب الرئيسي في توحش تلك الظاهرة، ولم يضع التشريعيون أي رادع لها رغم وضوحها كالشمس في وسط النهار.

وعن مواجهة تلك المحاولة الخبيثة التي تمكن الجاني من الهروب من جريمته، شدد النائب أمين مسعود، على ضرورة تسديد كل الثغرات القانونية، لمواجهة تلك الظاهرة وإمكانية محاسبة الجاني الحقيقي، مؤكدًا أن الذي يقوم باستخدام "الكحول" للهروب من تحمل من المساءلة على دراية كاملة بالقانون وبثغراته ويلعب عليه جيدًا ويضمن عدم وجود نص صريح يعاقبه ما دام هناك مالك فعلي للعقار، وهذا ما أظهرته تحقيقات النيابة في واقعة عمارة الأزاريطة بالإسكندرية، حيث أن الجاني الحقيقي يعمل محاميًا، أي أنه دارس للقانون ويستغل نقاط ضعفه جيدًا.

وتابع:" أن دور البرلمان خلال الفترة الحالية سن تشريعات جديدة لسد كل الثغرات القانونية التي يتلاعب عليها المتآمرون وأصحاب المصالح منذ عدة عقود، مشيرًا إلى أن القوانين الموجودة قديم وعفا عليها الزمن، ولا بد من إصدار ثورة تشريعية لمواجهة الفساد المنتشر في المحليات، وهذا ما سنعكف عليه خلال الفترة القادمة لإيجاد حلولًا تشريعيًا كاملة لكل واقع المخالفة التي سمح بها القانون القديم.

أما الدكتور محمد الفيومي، عضو لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان, أكد أن انهيار عقار الإسكندرية كشف عن مهزلة تراخيص البناء في الإحياء والمدن وعرى القانون وبين ثغراته، مشيرًا إلى أن هناك أزمة تشريعية في البلاد، ولا بد للبرلمان من إجراء جراحة عاجلة للقوانين لأن الكوارث تتزايد بطريقة كبيرة وأن الفساد ينخر في مصر من باب المحليات.

ولفت إلى أن قانون البناء مليء بالمخالفات والثغرات والتي يستغلها كبار رجال الأعمال لتسهيل بناء العقارات الشاهقة التي لا تتناسب مع المواصفات القانونية, مؤكدا أن هناك مليون و600 ألف مبنى بمعدل 37 % من مباني الدولة مخالفة في مختلف محافظات الجمهورية وهذه كارثة حقيقية.

وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن بعض كبار المسئولين يستغل صلاحياته في السماح ببناء عقارات مخالفة لإرضاء مجموعة من كبار رجال الأعمال في الإسكندرية  وخاصة المسيطرون على سوق العقارات بها، لافتًا إلى أن كثير من أصحاب النفوذ يقومون بالاستيلاء على أراضى الدولة أو شراء قطعة أرض والبناء عليها بالمخالفة ويؤمن نفسه تحرير توكيل خاص لأي مواطن بسيط مستغلًا جهلة وفقرة، تحسبًا لسقوط العقار، قائلا:"رجل الأعمال يلم الفلوس والمواطن البسيط يتحبس مقابل 5000 آلاف جنيه" , مطالبا بتعديل قانون البناء والتراخيص.

ولمواجهة تلك الظاهرة، قال الدكتور محمد الفيومي، أنه يستوجب عدة أمور أولها مصادرة جميع معدات البناء التي تشارك في أي عقار مخالف، ثانيا الحصول على أصل سند الأرض قبل إخراج التصريح الرسمي أو تحرير توكيل لمالك جديد "الضحية"، وذلك حتى يتم التعرف على صاحب المبنى الأصلي وإمكانية والوصول إليه حال حدوث أي مخالفة بدلا من محاسبة المواطن الفقير، والذي غالبا ما يجهل ما يدور حوله، على حد قوله.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة