الخميس 23 مايو 2024

دروس دبلوماسية فى تأديب قطر

7-6-2017 | 14:34

بقلم – خالد ناجح

كثير ما تحدثت القاهرة وبح صوتها من الدول التى تمول الإرهاب وتأوى الإرهابيين وتوفر لهم الملاذ الآمن للعلاج والتدريب وغيره.

ونبدأ بمصر التى أعلنت أن قرار قطع العلاقات يأتى فى ظل إصرار الحكم القطرى على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل جميع المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية فى عمليات إرهابية، استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية فى سيناء، فضلاً عن إصرار قطر على التدخل فى الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربي، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس، يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها.

ولم تختلف كثيرآ دولة الامارات عن الخط المصرى العربى الموحد فهى ترى أن قطر تدعم وتمول وتحتضن «التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر».

المفاجأة بالنسبة لى كانت من السعودية، التى قالت عن قطع علاقاتها مع قطر، إن هذا الإجراء يعود «لأسباب تتعلق بالأمن الوطنى السعودي»، وبهدف حماية أمنها الوطنى «من مخاطر الإرهاب والتطرف» ، و أن قطع العلاقات يأتى «نتيجة للانتهاكات الجسيمة التى تمارسها السلطات فى الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية، بهدف شق الصف الداخلى السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار فى المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم».

ولم تكتف الرياض بذلك بل اتهمت قطر بـ«دعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران فى محافظة القطيف السعودية، وفى مملكة البحرين الشقيقة وتمويل وتبنى وإيواء المتطرفين، الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن فى الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التى تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً، كما اتضح للمملكة العربية السعودية الدعم والمساندة من قبل السلطات فى الدوحة لميليشيا الحوثى الانقلابية، حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية فى اليمن».

ونفذ الصبر السعودى تجاه قطر حتى إنها وضعت فى بيانها «صبرت المملكة طويلا رغم استمرار السلطات فى الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصاً منها على الشعب القطرى الذى هو امتداد طبيعى وأصيل لإخوانه فى المملكة» وهو نفس الاتهام الذى وجهته الإمارات لقطر، بـ«احتضان المتطرفين وترويج فكرهم فى إعلامها»، وقالت إن قرارها قطع العلاقات مع الدوحة جاء «بناء على استمرار السلطات القطرية فى سياستها التى تزعزع أمن واستقرار المنطقة والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات».

البحرين لم تبتعد كثيرآ باتهامها لقطر بالإصرار «على المضى فى زعزعة الأمن والاستقرار فى مملكة البحرين والتدخل فى شئونها والاستمرار فى التصعيد والتحريض الإعلامي، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى فى البحرين، فى انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي، من دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية والتنكر لجميع التعهدات السابقة».

ولم تختلف المنامة عن أن هذه القرارات تأتى حفاظا على أمن البحرين الوطني، مؤكدة أن «الممارسات القطرية الخطيرة لم يقتصر شرها على مملكة البحرين فقط.. إنما تعدته إلى دول شقيقة، أحيطت علما بهذه الممارسات التى تجسد نمطا شديد الخطورة لا يمكن الصمت عليه أو القبول به، وإنما يستوجب ضرورة التصدى له بكل قوة وحزم».

لم يحمل القرار قطع علاقات دبلوماسية فحسب بل حمل قرار مصر و السعودية والإمارات والبحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر أزمات اقتصادية كبيرة للدوحة، على صعيد النقل الجوى والبري، بكل تداعيات ذلك على قطاعات حيوية ومن بينها التجارة وقطاع الأعمال.

وسيحتم إغلاق الدول الأربع لجميع المنافذ البحرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة، على الخطوط القطرية والتى تعتبر رافدا اقتصاديا أساسيا لقطر، تسيير رحلات أطول خاصة إلى إفريقيا، مما يقوض نموذج عملها المعتمد على مسافرى الترانزيت.

أما التجارة البرية، فسوف تصاب بالشلل الكامل، لاقتصار الحدود البرية على السعودية.

وتعتبر السعودية والإمارات من أهم الشركاء التجاريين لقطر، وتبرز أهمية الدولتين بشكل خاص فى ملف تجارة الغذاء.

فبحسب بيانات العام ٢٠١٥، تأتى الدولتان فى المرتبة الأولى والثانية من حيث الدول المصدرة للمواد الغذائية إلى قطر وبإجمالى ٣١٠ ملايين دولار ، بخلاف تجارة المواشي، فتأتى السعودية فى المرتبة الأولى للمصدرين والإمارات فى الخامسة بإجمالى ٤١٦ مليون دولار.

وتشير الأرقام إلى أن معبر أبو سمرة الحدودى بين قطر والسعودية استقبل أكثر من ٣٢٦ ألف زائر فقط خلال الفترة من ١٠ يناير إلى ٥ فبراير الماضى ويشهد المعبر يوميا عبور ما بين ٦٠٠-٨٠٠ شاحنة.

أما بالنسبة لتأثير القرار على الخطوط القطرية، فيبدو واضحا إذا علمنا حجم الرحلات اليومية بين الدوحة والمدن الخليجية وهى تقترب على سبيل المثال من ١٩ رحلة يوميا من مطار دبى الدولي، و٦ من مطار أبوظبي، ومثلها من مطار الكويت، و٥ من المنامة، و٣-٥ من جدة و٤ من الرياض.

وفى تجارة الخضراوات تأتى الإمارات فى المرتبة الثانية والسعودية فى الرابعة من حيث المصدرين وبإجمالى ١٧٨ مليون دولار سنويا.

ومن ناحية تجارة الوقود، تأتى البحرين فى المرتبة الأولى من حيث المصدرين، والإمارات فى المرتبة الثانية وبإجمالى نحو ٢٠٠ مليون دولار.

فضلاً عن المعادن فتأتى الإمارات فى صدارة الدول المصدرة لقطر وبإجمالى سنوى يفوق النصف مليار دولار.

ومع توقف التجارة البرية، فإن حلم استضافة مونديال ٢٠٢٢ سيصادف عقبة كبيرة سيما مع اعتماد قطر على الحدود البرية السعودية فى استيراد غالبية متطلبات البناء الضخمة التى يحتاج إليها المشروع.

لم تستفد قطر من العروض الكثيرة التى قدمها لها الرئيس السيسى والزعماء العرب على مدار الفترة الطويلة الماضية والتى كان آخرها فى القمة الإسلامية الأمريكية بالرياض للعدول عن سياستها الداعمة للإرهاب مع بعض الدول الآخرى وأنه قد «تدور عليها الدوائر».