الخميس 2 مايو 2024

رائد الرواية النفسية.. ذكرى ميلاد فيودور دوستويفسكى

فيودور دوستويفسكي

ثقافة11-11-2021 | 17:53

هدير إسماعيل

غاص في خبايا النفس؛ مُشكلًا بذلك تيارًا جديدًا للإبحار بالنفس البشرية والنفسية والتعمق بها، تعد رواياته من أشهر الروايات النفسية التي تدمج بين القيمة الأدبية والجمالية، إنه الأديب الروسي والعالمي فيودور دوستويفسكي، والذي يوافق اليوم الخميس 11 نوفمبر ذكرى ميلاده.

وُلد دوستويفسكي عام 1821 في حيّ من أحيّاء موسكو، بين والده ووالدته اللذين شكلا أفكاره وجعلاه يرى العالم من خلال القراءة والكتابة، حيث تعلّم القراءة والكتابة في سن مبكرة حيث ظل ينهّم عن كتب العظماء والأدباء والفلاسفة منهم وبوشكين وديرزهافين، وآن رادكليف، وشيلر وجوته، ووالتر سكوت، كما تعمّق في ملاحم هوميروس وكلاسيكيات الأدب.

وكان دوستويفسكي متأثرًا بالفقراء والمساكين وهذا ما تجلّى في أعماله ورواياته، حيث ظهر تعاطفه معهم بفضل نشأته بجانب مستشفى " ماريانسكي" التي كانت حكرًا على الفقراء والمعدمين، كما اصطدم في طفولته بمشاهد الألم ممزوجة بالعجز، فظل طوال عمره مدافعًا عن ذلك ساخطًا على الظلم والفساد معبرًا عن تضامنه مع الفقر، وتوفيت والدته عام 1837 بسبب مرض السلّ، وتأثر فيودور بوفاتها حتى التحق بمعهد نيكولايف للهندسة العسكرية، كره دراسة العسكرية في سبيل حبّه للرسم والهندسة المعمارية، كما سخّط على الضباط الفاسدين المستبعدين، دافع عن الفقراء حتى لقبه زملائه بـ الكاهن "فوتيوس".

وأصبح دوستويفسكي  ضابطُا مهندسًا، وشهد نفس العام نشر باكورة أعماله وهي ترجمة لرواية أوجيني جراندي من تأليف أونوريه دي بلزاك، وترجم بعدها عددا من الأعمال، ثمّ امتهن مهنة الكتابة والتأليف للتخلّص من ديونه، وبدأت أولى مؤلفاته في النشر وهي رواية "المساكين" عام 1845.

وقدّم دوستوفيسكي استقالته من وظيفته العسكرية التي كان واعيًا أنها تؤثر بالسلب على أعمال الأدبية، ثمّ ألف روايته الثانية " الشبيه" وقد كان حينها متأثرًا بالمذهب الاشتراكي وفلسفة الأفكار الاشتراكية عبر صديقه بلنسكي بالإضافة إلى نشأته في حيّ فقير من أحيّاء موسكو، وهذا ما عبّر عنه بوضوح خلال رواية " الشبيه" لهذا لاقت نقدًا كبيرًا ولم تنجح.

وبالإضافة إلى مجموعات قصصية التي كان مثلها كمثل رواية " الشبيه" لم تنجح ومنها "السيد بروخارشين، وربة البيت، وقلب ضعيف، والليالي البيضاء"، لُقب بالأديب الجدلي الثائر وظهر ذلك في الجزء الأول من روايته "يتوتشكا نزفا نوفنا" حيث صوّر فيها آرائه المناهضة للنظام الروسي وهذا ما تسبب في نفيه فلم يحاول تكملتها.

ولكنه واصل كتابة أروع وأشهر رواياته في العالم، رواية " الجريمة والعقاب" والتي تنتمي لأدب الجريمة وتُصنف من أعظم الأعمال الأدبية في العالم، جسدت معاناة بطل الرواية من الصراعات والتفكك بين معتقداته الأوليّة وتأرجحه بين الفضيلة والرذيلة، استطاع دوستوفيسكي ربط الظروف الاجتماعية التي تدفع الشخص إلى ارتكاب الجرائم وصراعه بين النفس والعقل حتى يتجنب أو يرتكب الجريمة.

وظهرت بعدها روايته التي لا تقل في عظمتها عن الروايات السابقة مثل رواية "الفقراء"، رواية "الإنسان الصرصار"، "المقامر"، "الأبله"، "الزوج الأبدي"، "الشياطي"، "الإخوة كارامازوف".

ولم تكن حياة دوستويفسكي سهلة، حيث حُكم عليه بالإعدام وتم التراجع عنه في اللحظات الأخيرة، ذلك بالإضافة إلى تعرضه للنفي والسجن عدّة مرات، واضطر في كثير من الأحيان إلى الهروب من الدائنين وتعرّضه للإفلاس واستعمال الكتابة كمصدر ربح ولكن على الرغم من ذلك أصبح علمًا من أعلام الأدب العالمي، وصاحب النظرة التحليلية الثاقبة لنفسية الآخرين.
توفي فيودور دوستويفسكي في 9 فبراير عام 1881 متأثرًا بإصابته بالنزيف والتمزّق الرئوي الحاد، تاركًا للعالم رواياته التي لا يزال يكتشفها الأدباء والكُتاب حتى الآن.

Dr.Randa
Dr.Radwa