الأربعاء 29 مايو 2024

بعد محاولة اغتيال الكاظمي.. هل تتحرر العراق من سطوة المليشيات؟

مصطفى الكاظمي

عرب وعالم11-11-2021 | 20:47

محمد النحاس

سلطت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمى في السابع من نوفمبر الجاري، الضوء على ضرورة ملاحقة الميليشيات المسلحة بالعراق، والدول التي تقف وراءها، ولماذا يتم استهداف مسؤولين بعينهم في البلاد؟ ففي ذلك اليوم سُمع إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات بالمنطقة الخضراء -المحصنة أمنيًا- ببغداد ومن ثمّ أعلن الجيش العراقي نجاة رئيس الوزراء، من محاولة اغتيال عبر طائرات مسيرة محملةٍ بمتفجرات، وأصيب بالهجوم بضعة أفراد من الحرس الشخصي للكاظمي.
 
لكن بالرجوع إلى الحادث الذي زلزل العراق نجد أن الحكومية الإيرانية  كانت من أوائل الدول التي أدانت الحادث، حيث ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، خطيب زاده، في بيان له إدانة بلاده للهجوم، متهمًا جهات خارجية بتنفيذ العملية، إلا أنّ اتهامات طالت "إيران وحلفائها" بالضلوع في الهجوم، فهل إيران والمليشيات التابعة لها متورطة في الحادث؟ 


العراق ساحة لتصفية حسابات واشنطن وطهران:

في الحقيقة  وما يشهدف الواقع يتضح أن  العراق تشهد  العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، كما تعتبر حسب محللين "ميدانًا لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران" في ظل التوترات الأخيرة بين البلدين إثر المفاوضات بشأن عودة إيران للاتفاق النووي.

كما تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني حيث تنتشر المليشيات الشيعية في عموم البلاد، وتتمتع بنفوذ عسكري وسياسي يتجاوز في بعض الأحيان صلاحيات الجيش والشرطة.

ويشير باحثون إلى أن طهران تربطها علاقة وطيدة بهذه المليشيات "إذ تعتبر إمتداد عقائدي يحمي مصالحها السياسية والاقتصادية" في ظل العقوبات الأمريكية على إيران، كما تشكل "عمقًا استراتيجيًا لولاية الفقيه ومدًا شيعيًا توسعيًا يبدأ بطهران ويمر ببغداد ودمشق وينتهي ببيروت". 

ومنذ أشهر، تتعرض المصالح الأمريكية في العراق لهجمات صاروخية، واستهداف من قبل مُسيّرات، حيث تتهم واشنطن إيران بالوقوف خلف هذه الهجمات، إلا أنّ إيران تنفي صلتها بها.


كانت أبرز المنشآت العسكرية التي طالتها الهجمات، قاعدة "عين الأسد" الجوية غربي العراق، والتي تم استهدافها عدة مرات خلال العامين الماضيين من قبل الحرس الثوري الإيراني ومليشيات شيعية محلية، كما استهدفت منشآت دبلوماسية أمريكية.

وشنت الولايات المتحدة الأمريكية، عدة هجمات على معسكرات تابعة للمليشيات الشيعية على الحدود السورية العراقية، كما استهدفت عربات عسكرية "تحمل أسلحة وصواريخ كانت تنقلها لسوريا" حسبما أعلنت.

فيما استنكرت "الهيئة التنسيقيّة للمقاومة العراقيّة" هذه الهجمات كما توعدت "برد قاسٍ على الاعتداءات الأمريكية السافرة" عن طريق استهداف الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، مشددةً على أنها بدأت "حربًا مفتوحة"، مع الولايات المتحدة.

وتضم هيئة المقاومة مجموعة من المليشيات العراقية المسلحة، أبرزها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وحركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي، وغيرها من المجموعات التي استغلت توسّع تنظيم داعش، كما اتخذته زريعة للتمدد والانتشار خلال السنوات الماضية.

توتر بعد الانتخابات التشريعية: 

وشهدت الانتخابات التشريعية العراقية، خلال الشهر الماضي تقدمًا للتيار الصدرى حيث جاء فى المركز الأول حاصداً 73 مقعدًا، يليه كتلة تقدم التي يترأسها رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي بـ38 مقعدًا وجاءت كتلة دولة القانون في المركز الثالث بحصولها على 37 مقعدًا، بينما حصل تحالف الفتح لهادى العمرى على 14 مقعدًا، حيث وُصفت النتائج بـ"الصفعة المدوية للمليشيات المسلحة". 

من جهتها، رفضت المليشيات المسلحة نتائج الانتخابات حيث أعلن ما يُعرف بـ"الإطار التنسيقي"، الذي يضم تحالف "الفتح و"دولة القانون" و"عصائب أهل الحق" وكتائب "حزب الله" وتيارات أخرى، بيانًا يحمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات "المسؤولية الكاملة عن فشل الاستحقاق الانتخابي" حسب زعمهم.

كما رفض المتحدث باسم "كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، نتائج الانتخابات التشريعية، التي وصفها بـ"أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث"، داعيًا لمحاكمة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي.
واندلعت اشتباكات، الجمعة الماضية، بين قوات الأمن العراقية ومتظاهرين رافضين لنتائج الانتخابات حاولوا دخول المنطقة الخضراء.

وأعلنت قناة "السومرية" العراقية، أن تبادلاً لإطلاق النار وقع بين المحتجين وقوات الأمن، كما رشق المحتجون القوات بالحجارة، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط قتيلين و إصابة 125 شخصًا، بينهم 27 المدنيين، والباقي من القوات الأمنية حسبما أكدت وزارة الصحة.


تهديدات للكاظمي واتهامات لطهران وأذرعها:

وقبل محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي الفاشلة بساعات، هدد زعيم ميليشيات "عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي وسط الجموع الغاضبة، مصطفى الكاظمي، حيث قال "رسالتي إلى الكاظمي نفسه، اسمعها من شروكي أصيل، دماء الشهداء لن نتركها كما لم نترك دماء المهندس وسليماني، ووصل ردنا لكل القواعد الأميركية، فحق دماء الشهداء برقبتي".

من جهته، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، الثلاثاء الماضي، إلى ضلوع طهران في محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي حيث شدد على "وجود جماعات كثيرة مدعومة من إيران داخل العراق، ولديها القدرة على تنفيذ الهجوم ضد الكاظمي "إلا أنه رفض توجيه اتهام صريح، مردفًا "لسنا في موقع لتوجيه الاتهام الآن لأي طرف".

 وتُلقي محاولة الاغتيال الفاشلة الضوء على "السلاح المنفلت بيد المليشيات" والذي أصبح يمثل عبئًا على المشهد العراقي برمته حسب مراقبين، خاصةً وأن أصابع الاتهام تشير إلى المليشيات المدعومة من إيران، والتي توترت علاقتها بالكاظمي إثر نتائج الانتخابات التشريعية وسعيه لتمرير قانون "خدمة العلم" الرامي لتقويض سلاح المليشيات وإعلاء سلطة القوات المسلحة.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية عراقية، رفضت ذكر اسمها أنّ الطائرات المسيرة والمتفجرات المستخدمة في الهجوم إيرانية الصنع، كما أعلن المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول، أن المسيرات التي استهدفت منزل الكاظمي، "انطلقت من موقع يبعد اثني عشر كيلومترا شمال شرقي بغداد" في المنطقة التي تشهد تواجدًا نشطًا للمليشيات.

وصرح مدير مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري لـ«سكاي نيوز عربية» أن "هناك مؤشرات على لفظ الشارع العراقي لهذه الميليشيات، وعدم وجود رغبة شعبية لوجودها حيث أن العراقيين باتوا بحاجة لقرارات جريئة ولإرادة سياسية لضبط ونزع سلاح المليشيات".+

وقال: "إن محاولاتها السيطرة على العراق، واستهدافها رأس السلطة التنفيذية، يشكل ضربة قاصمة لها وستكلفها الكثير على مستوى النفوذ والتأثير، وبالتالي فدورها السياسي هو في طور التقويض والانكماش حد التلاشي". 

وحتى اللحظة ما يزال الشارع العراقي في انتظار الإعلان بشكل رسمي عن منفذي محاولة اغتيال رئيس الوزراء، كما ينتظر توابع هذه القضية وما ستفرضه من مستجدات على الساحة السياسية حيث يأمل العراقيون أن تنعكس على حياتهم السياسية، بمزيدٍ من السيادة وامتلاك القرار، وبتقويض المليشيات المدعومة من إيران، وكذلك بتحسّن الأوضاع المعيشية التي تأثرت سلبًا خلال الأعوام الماضية بفعل المشهد السياسي المأزوم.