السبت 4 مايو 2024

نداء الرئيس

مقالات12-11-2021 | 21:52

جاءت كلمة الرئيس السيسى فى مؤتمر باريس قوية ومليئة بالرسائل المهمة التى تشخص أسباب التوتر والصراع فى المنطقة.. وأسباب تأزم الوضع الليبي، وأيضاً وضعت رؤية شاملة لإعادة ليبيا إلى طبيعتها، وإلى شعبها.. لذلك جاء نداء الرئيس عبدالفتاح السيسى.

للشعب الليبى الشقيق ليجسد الموقف المصرى الشريف والثابت الذى يرد لليبيا الشقيقة الأمن والاستقرار والاستقلال والخير والبناء، والعودة بقوة لمحيطها العربى والإقليمى والمتوسطى والدولي، باستلهام عزيمة الأجداد الذين بذلوا الغالى والنفيس من أجل الحرية واستقلال القرار الوطني.. فنداء «يا أحفاد المختار» يحمل دلالات ورسائل مهمة تستنهض عزيمة وإرادة وهمم الليبيين، وتاريخهم ضد المحتل والاستعمار.. وأنه حان الوقت، ولا وقت غيره لإعادة ليبيا والدولة الوطنية فيها، وتوحيد مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وخروج كافة القوات الأجنبية غير الشرعية، وأيضاً الميليشيات الإرهابية والمرتزقة من أراضيها.

 جهود مخلصة ومتواصلة لمصرــ السيسى لاستعادة ليبيا.. وترسيخ الأمن والاستقرار والرخاء، والاستقلال الوطنى فى كل ربوعها.. لذلك حملت كلمة السيسى فى مؤتمر باريس محددات ومكونات الرؤية المصرية حول ليبيا.. ودعم الحل السياسى وأيضاً الاستحقاق الانتخابى فى ديسمبر المقبل.. رسائل كثيرة للأشقاء لضمان الحاضر وبناء المستقبل.

وسط حالة من التفاؤل.. مدعومة بزخم وحضور دولى غير مسبوق من كافة أطياف المجتمع الدولي.. شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس فى مؤتمر باريس حول ليبيا، تجسيداً للدور والجهود المصرية المتواصلة والمكثفة لاستعادة ليبيا الشقيقة الحالة الطبيعية وإنهاء تداعيات ما خلفته أحداث 2011 من إسقاط للدولة الوطنية الليبية وانتشار الفوضى والانفلات وميليشيات الإرهاب والمرتزقة.. والتدخلات الأجنبية غير المشروعة، ووجود قوات أجنبية على الأراضى الليبية، وحالة الانقسام التى زرعها فريق الإخوان المجرمين، ورعاتهم وداعموهم.. وتسعى إلى استعادة ليبيا الدولة الوطنية فيها، ومؤسساتها القوية القادرة على مواجهة كافة التحديات والتهديدات والإرهاب والتشرذم والانقسام، وجمع الليبيين على كلمة سواء.. وتوزيع الثروات والموارد النفطية على جميع الليبيين بالعدل والمساواة، وحمايتها من الأطماع الإقليمية المكشوفة.

الحقيقة أن حالة التفاؤل التى تحلق فى سماء مؤتمر باريس حول ليبيا تستند إلى مكونات ومشاركات المؤتمر، حيث تشارك جميع دول الجوار الليبي، وعلى رأسها مصر، التى ترتبط بليبيا ارتباطاً مصيرياً، وأيضاً الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وإيطاليا.. فى ظل توافق فرنسى إيطالى على دعم المسار السياسى  فى ليبيا، وإخراجها من النفق المظلم.. فهناك رغبة وإرادة فرنسية على إصلاح ما جرى فى 2011 من نظام فرنسى سابق، ربما تسبب فيما شهدته ليبيا من فوضى وإسقاط للدولة الوطنية وانفلات، لذلك هناك إرادة فرنسية لاستعادة الأوضاع الطبيعية فى ليبيا.
أيضاً هناك حضور أمريكى ممثل فى نائبة الرئيس جون بايدن، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية والأممية وجامعة الدول العربية.

هذا الإجماع والزخم الدولى الكبير لإعادة ليبيا ودعم مسارها السياسى ربما يصطدم بفريق يحاول عرقلة كل هذه الجهود الخلاقة التى يجمع عليها المجتمع الدولي.. وهذا الفريق يمثل تنظيم الإخوان الإرهابى المدعوم من قوى إقليمية، وهو ضالع فى ترسيخ الفوضي.. وطول أمد الأزمة الليبية، ويرفض خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية.. ويدعم التدخل الأجنبى فى السيادة والبقاء على الأراضى الليبية، وأيضاً يعارض تنفيذ الاستحقاق الانتخابى الليبى فى 24 ديسمبر المقبل، لاستعادة الدولة الوطنية، ووجود حكومة تعمل على إزالة كافة التهديدات والإرهاب وميليشياته والتدخلات الأجنبية غير الشرعية، وإعادة البناء والإعمار لتحقيق آمال وتطلعات الشعب الليبي.

من الواضح أن هناك إرادة دولية لدعم المسار السياسى فى ليبيا.. وحل الأزمة سياسياً وإجراء الاستحقاق الانتخابى نهاية الشهر القادم لإعادة ليبيا إلى الوضع الطبيعى قبل 2011 لتؤدى دورها على المستوى العربى والإقليمى والمتوسطي، وتستغل ثرواتها ومواردها لتحقيق احتياجات شعبها.

مصر من مؤتمر برلين يناير 2019 وحتى مؤتمر باريس 2021، أصبح العالم يعول عليها ليس فقط فى إعادة الوضع الطبيعى إلى ليبيا، ولكن أيضاً فى قيادة المنطقة إلى الأمن والسلام.. فهى إحدى الدول التى تعرضت لمخطط الفوضى والإرهاب منذ عقد كامل، وصاحبة تجربة فى القضاء على كافة التحديات والتهديدات والإرهاب، واستعادة زمام الأمن والاستقرار فى البلاد حتى باتت واحة الأمن والأمان.

مصر تسعى إلى حل الأزمة الليبية سياسياً، وجمع شمل الأشقاء.. وتوحيد كلمتهم، وأيضاً توحيد جهودهم من أجل استعادة ليبيا، وأيضاً توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، وتوحيد المناطق فى الدولة الوطنية الليبية التى يحكمها الدستور والقانون، وتترسخ فيها معايير العدل والمساواة.. بل إن مصر تريد وبحكمة وشرف نزع فتيل الصراعات بالمنطقة بالكامل، وحظيت بثقة دولية غير مسبوقة.. فهى مَن تقول وتفعل، وتسعى وتبذل الجهود من أجل تخفيف التوترات، ونبذ السياسات التى تؤدى إلى التوتر، وتخفيف حدة الصراعات فى المنطقة.

إن حضور مصر مؤتمر باريس والمشاركة الفاعلة للرئيس عبدالفتاح السيسى التى تحمل الرؤية والإرادة والتجربة لاستعادة ليبيا.. تجسد المعدن النفيس للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكونها لا تريد من ليبيا إلا أن تكون دولة طبيعية تنعم بالأمن والاستقرار والرخاء.. تحقق تطلعات شعبها وتقوم بمسئولياتها تجاه نطاقها فى الإطار الإقليمى والدولى والمتوسطي.. فهى دولة تمتلك أدوات التقدم والبناء والتنمية، وأن ما يحدث من تمزق وانقسام لن يفضى إلا إلى مزيد من ضياع الوقت وإهدار الثروات والموارد وانتشار للفوضى والانفلات،وعدم الأمن والاستقرار.

حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى ومشاركته وكلمته القوية التى حملت العديد من الرسائل المهمة والنبيلة ضمن 30 قائداً وزعيماً ومسئولاً دولياً، يجسِّد أيضاً دور مصر وثقلها ورؤيتها حول تسوية الأزمة فى ليبيا سياسياً، فهى من وضعت حجر الأساس للحل ودعم المقررات الدولية، وتدعم كل الحلول السياسية، وتنفيذ الاستحقاق الانتخابى فى نهاية الشهر المقبل.. لذلك فإن مؤتمر باريس يمثل فرصة ثمينة وذهبية لإنهاء الوضع فى ليبيا وإعادتها إلى الحالة الطبيعية من خلال دعم الدولة الوطنية فيها، وذلك لما يمثله من قوة فى المحتوى والمضمون للمؤتمر، وأيضاً فى الحضور والمشاركات الدولية وإجماع العالم على تفعيل ودعم الحل السياسى فى ليبيا، وهو ما يعكس وجهة النظر والرؤية المصرية، أكثر الدول المعنية بالقضية الليبية.

الحقيقة أيضاً أن الشعب الليبى أصبح أكثر دراية بمن يعمل لمصالحه وأمنه واستقراره ووجوده، والحرص على سيادته واستقلال إرادته والحفاظ على ثرواته وموارده، ومن يقف ضد مصالحه وتطلعاته، ويعمل ويسعى على استمرار الأوضاع الحالية من الغموض بالمستقبل، وتدخل أجنبى سافر فى الشئون الداخلية الليبية، وإدخال الميليشيات الإرهابية والمرتزقة، والقوات الأجنبية غير الشرعية التى تعيث فى الأراضى والمناطق الليبية فساداً وإرهاباً وسلباً للثروات والموارد الليبية.

الموقف المصرى أيضاً يمثل ذروة الشرف، فمصر لا تمول ولا تدعم ولا تنحاز إلى أى طرف داخل ليبيا.. وتقوم رؤيتها ونواياها وسياساتها على تحقيق هدف واحد هو جمع شمل الليبيين وتوحيد كلمتهم.. فهى الدولة الأهم التى تدرك قيمة تحقيق الأمن والاستقرار فى ليبيا واستعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها.. حيث تجمعهما حدود يبلغ امتدادها 1200 كيلومتر.

لا يمكن اختزال ليبيا الشقيقة.. الدولة المهمة فى محيطها العربى والإقليمى والمتوسطي.. فى تنظيم الإخوان الإرهابي، ومحاولاته وخياناته فى محاولة تفتيت الدولة الليبية وتقسيمها وبيع ثرواتها ومواردها إلى الطامعين والمنتهكين لسياستها.

فى اعتقادى أن مؤتمر باريس الذى تشارك فيه مصر بقوة وفاعلية ورؤية ورغبة صادقة وأهداف شريفة فى استعادة الدولة الليبية، وتنفيذ المسار السياسى وإجراء الاستحقاق الانتخابى فى ديسمبر المقبل.. وهو ما يدركه الليبيون جيداً، لذلك فإن خشية فريق الإخوان المجرمين وأعوانهم من المرتزقة من إجراء الاستحقاق الانتخابى لأنهم يدركون أن المواطن الليبى أدرك الحقيقة وأصبح على يقين من أن هؤلاء لا يعملون لصالحه، أو مصلحة ليبيا.

جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى قوية ومعبرة ومجسدة للسياسات والأهداف والرؤية المصرية لليبيا كالتالي:

< تعهد الجميع فى مؤتمر برلين فى 2019 بحماية سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، ودعم جهود الأمم المتحدة لإطلاق عملية شاملة ومستدامة بقيادة ليبية من أجل إنهاء حالة الصراع واستعادة الاستقرار.

إن مصر حذرت وبعثت برسالة واضحة إلى جميع أطراف المعادلة الليبية مفادها أن الوقت حان للبدء فى إجراءات محددة للوصول إلى حل سياسى شامل للأزمة الليبية، محذرة من خطورة الصراع المسلح على الأمن القومى الليبي، وعلى دول جوارها العربى والأفريقي، والأوروبي.. وأن مصر قد تضطر لاتخاذ إجراءات لحماية أمنها وحفظ ميزان القوى فى حالة الإخلال به.

< استعادة الاستقرار الدائم وتحقيق السلم الاجتماعى والحفاظ على الهوية والنسيج الوطنى فى ليبيا، يتطلب إتمام المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع أبناء الشعب الليبي، والتوزيع العادل للثروات لتحقيق التنمية الشاملة فى سائر أقاليم ليبيا دون استثناء، وصولاً إلى دفع عجلة الاقتصاد وضمان الاستفادة المثلى من موارد ليبيا، لتلبية آمال أبناء شعبها.

< لا يمكن لليبيا أن تستعيد سيادتها ووحدتها واستقرارها المنشود إلا بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضى الليبية دون استثناء، أو تفرقة، أو المزيد من المماطلة.

< رفض بقاء الوضع على ما هو عليه، وإدانة استمرار مخالفة المقررات الدولية ذات الصلة بإنهاء كافة أشكال التواجد العسكرى الأجنبى فى ليبيا ووضع آليات وضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه خلال مؤتمر باريس وتحديد مدى زمنى واضح وملزم لتنفيذ خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب الذين دخلوا ليبيا بعد 2011.

< استعداد مصر التام لتقديم كافة أشكال الدعم للأشقاء الليبيين لتنفيذ خطة لجنة «5 + 5» العسكرية المشتركة فى هذا الشأن، وتوحيد مؤسسات الدولة، وبناء القدرات حتى يملك الليبيون مقدراتهم، ويتمكنوا من تقرير مصيرهم، ورسم مستقبلهم.

< حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من محاولات بعض الأطراف داخل وخارج ليبيا لتقويض أى تقدم على صعيد المسار السياسي، تحت حجج وذرائع واهية، ظناً بأنه يمكن المحافظة على وضع لا يمكن لأى ليبى حر معتز بوطنيته وسيادة بلاده، القبول باستمراره.

< دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى جميع الأطراف الفاعلة داخل ليبيا وخارجها إلى الارتقاء بمستوى الحدث، والتصرف بمسئولية، ومنطق رشيد، والكف عن أوهام التمدد وبسط النفوذ على مقدرات وأمن الغير، والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية، فضلاً عن عدم توفير ملاذات آمنة أو أى شكل من من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة، أو نقل عناصرها من دولة أخري، بما يخرج ليبيا من أزمتها ويرفع المعاناة عن شعبها الشقيق.

< إن مصر كانت وستظل داعمة للشعب الليبى وللجهود الدولية والإقليمية المتواصلة لتحقيق طموحاته، حيث جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر باريس حول ليبيا قوية وغزيرة فى رسائلها، وأيضاً أكدت محددات ومكونات الموقف المصرى الثابت والشريف تجاه الشقيقة ليبيا، وتجاه أيضاً العديد من القضايا التى هى السبب الرئيسى فى تمدد الأزمات والصراعات بالمنطقة، ولعل رسائل التحذير أحياناً، والدعوة أحياناً تكشف بجلاء ووضوح أسباب توتر وصراعات الشرق الأوسط.. والقوى الإقليمية المتورطة فى ذلك، وبطبيعة الحال هى معروفة للجميع.

جاء نداء الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الشعب الليبى الشقيق من قلب باريس بليغاً ونبيلاً وصادقاً.. فقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى الشعب الليبى وناداه «يا أحفاد عمر المختار.. لقد حان الوقت لكى تستلهموا عزيمة أجدادكم الذين بذلوا الغالى والنفيس من أجل الحرية واستقلال القرار الوطني، وأن تلفظوا من بلادكم كل أجنبى دخيل، مهما تغنى بأن فى وجوده خيراً لكم.. فالخير فى أياديكم.. أنتم إن تجاوزتم خلافاتكم، وعقدتم العزم على بناء بلادكم بإرادة ليبية حرة، ستجدون مصر سنداً لكم، وقوة متى احتجتموها دعماً لأمنكم وخياراتكم وطموحاتكم».

رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحة، وحملت معانى شريفة، تجسد نوايا مصرية صادقة لإعادة ليبيا الشقيقة، وترسيخ استقلال القرار الوطني، فالرسائل حملت المبادئ والثوابت المصرية الشريفة، وأيضاً تستنهض إرادة وهمة ووطنية الشعب الشقيق لإعادة وطنه إلى الاستقلال والحرية والسيادة الوطنية، والحفاظ على ثرواته وموارده.. فهذا هو الخير بين أياديهم.. وعليهم أن يتجاوزوا خلافاتهم.. فلا يمكن أن يكون الخير من يد تسعى للاحتلال والنهب والسلب، والتدخل فى إرادة الليبيين.. وأن مصر الشريفة العظيمة سند لأشقائها وقوة متى احتاجوها.

تحيا مصر

Dr.Randa
Dr.Radwa