الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

التطوير أم التكدير؟!

  • 14-11-2021 | 13:31
طباعة

لا أحد يمكن أن يكون ضد التطوير أو التحديث أو البحث عن الأفضل، ومن منا يرفض أن يكون لأبنائه فرص أفضل من تلك التي حصل عليها، لكن منحنا الله العقل لنتمكن من تضييق الفجوة بين الأماني والواقع لا تعميقها، فالمفترض بالتطوير أن ينقل من يقع عليه التطوير إلى حال أفضل من الذي كان عليه لا أن يدفع بالجميع إلى خانة تكدير الأمن الاجتماعي.

 

استوقفتني أم متسائلة "مش حضرتك صحفي؟" فأجبتها بـ"نعم"، فردت بلهفة: "لماذا لا تتحدثون عن مشكلة مناهج الصف الرابع الابتدائي وحالة النكد التي تعيشها الأسرة المصرية التي ابتلاها الله بطالب في هذه الصف؟".

 

وبعيدا عن فريق الوزارة الذي يتجاهل صرخات الأمهات لرؤية ابنائهن في دوامة لا حدود لها حيث أعدت الوزارة مناهج للطالب المبدع المختلف ولا أعرف أين يذهب غير المبدعين أو العباقرة حيث تتحدى تصريحات مسئولي الوزارة الكل رافعة شعار "احنا جبنا أعظم مراكز إعداد المناهج علشان نطور ونخلي الولاد ما فيش بعد كده.. كما لن أكون من الفريق الثاني الذي يتعامل مع موجات الصراخ الصادرة من الأسرة المصرية بل ومن القائمين على العملية ذاتها من أن المناهج لا تتناسب مع عقل طفل في هذه السن وأن من يقف وراءها كتائب الإخوان أو أعداء الوطن فهذا تسطيح واستخفاف يولد احتقانا لا تحمد عقباه.

 

فحين يتحدث وكيل الأزهر عن عجز استعياب المعاهد الأزهرية لأعداد طالبي التحويل إلى التعليم الأزهري فهذا يعني أننا أمام مشكلة حقيقية وحين يتزايد هروب الطلاب خاصة ميسوري الحال إلى النظام التعليم الأمريكي أو البريطاني فهذا يعني أننا أمام مشكلة ..وحين يتصاعد الأنين فيتقدم أعضاء بمجلس النواب بطلبات إحاطة لوزير التربية والتعليم بسبب المناهج فهذا يؤكد أننا أمام مشكلة لا يجدي معها تصريحات الاستخفاف بالعقول التي يصدرها مسئولو التعليم من قبيل أن المسئولين عن العملية التعليمية والمدرسين غير مؤهلين للحكم على صعوبة المناهج وأن المناهج وضعت ليكون عقل الطالب لا يختلف عن نظيره بسنغافورة واليابان .. رجاء لا داعي لمثل هذه التصريحات فالطالب في تلك البلدان لا يتكدس في فصله ويجد له مقعدا وتتنظره الكتب على أبواب المدرسة ومعلمه موجود ولا يعمل متطوعا بالحصة لا داعي لمثل هذه المقارنات المستفزة التي تستدعي مقارنة بالتأكيد لن تكون في صالح الوزارة .

إن التطوير عملية متكاملة فكيف يولد الإبداع داخل نفس مرتبكة وأسرة منهكة خائفة.. والسؤال: ألم يسأل القائمون على الوزارة - الذين يتخذون من التحدي منطلقا في مناقشة كل انتقاد من أولياء الأمور بل ومن خبراء غير أصحاب مناصب- ألم يكن التدخل الرئاسي لأكثر من مرة حاسمة ومرجحا لمصلحة الناس في كل أزمات تطوير الدكتور طارق شوقي.

 

إن الأمان المجتمعي أهم بكثير مما يراه الدكتور طارق شوقي تطويرا فالتطوير الحقيقي لن يكون إلا بعقولنا نحن المصريين أما الاستعانة بمراكز أجنبية فيجب أن يكون استرشاديا ملهما وليس بطريقة "كوبي بيست" العمياء، حيث لا تفهم طبيعة المجتمع المصري ولا الظروف التي تسير فيها العملية التعليمية فتتخيل أن مدارسنا عبارة عن مراكز تكنولوجية فائقة التطور لا ينقصها إلا مناهج تواكب طموحها وبالطبع ستظهر تلك الفجوة وتلك الصدمة التي تعيشها الأسرة المصرية اليوم.

 

إن استعجال البناء مهما بلغت مواد البناء من جودة ومتانة لن يسفر إلا عن سقوط مؤجل لنجد في النهاية أسرة تتعامل مع التعليم على أنه أزمة يجب المناورة فيها لاجتيازها أو طالب يكره التعلم ويعتبره نوعا من التعذيب والتكدير وفي النهاية تكون المحصلة "صفر" أمام أنظمة تعليمية أخرى ارتقت على تؤدة وعلى بصيرة بعيدا عن لغة الإنجاز المتوهم وأرقامها الخداعة.

 

لاشك تعيش الأسرة المصرية أزمة تستدعى الحل فالمواطن اليوم بعد أن استبد به الأمر يريد أن يغادر مسار المفاجآت التي يعيشها مع فريق طارق شوقي الذي أجهد الروح المعنوية للمصريين لسنوات طويلة فحين تعجز عن إيصال إحساس حقيقي بأنك تسير إلى الأمام في كل أسرة مصرية فبالتأكيد أنت على خطأ يستوجب المراجعة بعيدا عن لغة الهزيمة والانتصار أو التعالي إعلاء للصالح العام وتنحية للمجد الشخصي وبعد أن كان همنا مواجهة التسرب من التعليم بتنا اليوم في حاجة إلى أسباب بحث الجميع عن مسار بديل ومغادرة التعليم الحكومي الذي إن كان متاحا للجميع لوجد طارق شوقي وفريق مفاجآته وحيدين في مقر وزارتهم بلا أي مبالغة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة