الجمعة 7 يونيو 2024

التميز ضد المرأة

8-6-2017 | 10:16

بقلم :  د. أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر

قوامة الزوج على زوجه رياسة «أعباء » لا رياسة «تسلط » تقوم على الإنفاق وتأمين الحياة الكريمة وحماية العرض والذود عن النسب والسهر على الكرامة.

مضى القول فى تكريم الإسلام للمرأة فى مبحث( النظام الاجتماعى ) ولتوضيح سوء الفهم أو سوء القصد غير من يجعلون ( المرأة ) دليلاً على عنصرية ليس لها فى الواقع نصيب ، وذلك فى عدة مبادئ ثابتة مقررة منها :

المرأة لها شخصيتها المدنية الكاملة وذمتها المالية المستقلة فى شتى المعاملات من إنشاء العقود وفسخها والرجوع فيها والوكالة ... الخ

الولاية فى الزواج مقاصدها مشورة الفتاة والوكالة عنها فى مجلس العقد صيانة لها من الاختلاط وجرأة التصريح ، وليس كل فقهاء الشريعة الإسلامية يجمعون على الولاية فقد جعل الإمام أبا حنيفة – رضى الله عنه – للمرأة الرشيدة مباشرة عقد الزواج لنفسها بكراً أو ثيباً ، وجعل ابن حزم الظاهرى الثيب من سبق لها الزواج نفس الحق ، والرضا والإرادة فمن المرأة وحدها بإجماع الفقهاء ، قال الله – تعالي - { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ } ( ) وقال رسول الله ( الأيم أحق  بنفسها من وليها ) ( )

قوامة الزوج على زوجه رياسة ( أعباء ) لا رياسة ( تسلط ) تقوم على الإنفاق وتأمين الحياة الكريمة وحماية العرض والذود عن النسب والسهر على الكرامة ، قال الله – عز وجل - {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ( ) ، { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } ( ) وجاءت الوصية النبوية فى مواقف عديدة ( اتقوا الله فى النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ... ) ( )

شهادة المرأة :

ينبغى أن يعلم أن الشهادة كإحدى وسائل الإثبات فى الدعاوى القضائية على مراتب

أربعة رجال عدول فى جريمة الزنا والشذوذ الجنسى ( فعل قوم لوط ) .

رجلان عدلان فى جرائم القتل والقذف والسرقة والحرابة والردة والبغى .

رجل وامرأتان فى العقود المالية قال – تعالي -{  فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى  } ( ) .

نساء فقط فيما لا يطلع عليه إلا النساء أو ما يتصل كالبكارة والرضاع

وعلى هذا فجعل رجل مع امرأتين إنما للاستيثاق لأن المرأة مع أعباءها الكثيرة وعاطفتها قد تضل أى تنسى ، أما فى الأوليين فهذه الجرائم العاتية لا تتناسب أن تراها المرأة بدقة رؤية الرجل !! ، فالأمر ليس فيه تمايز بل مجرد استيثاق ليس إلا .

 تأديب المرأة : يراد به ليس التأديب العادى للابنة ومن ماثلها من وليها ، بل تأديب الزوج لزوجته ، هذا وإن كان مشروعاً إلا أنه بقيود وصفة ملخصها وسيلة ثالثة لزوجة ناشز خارجة معاندة مكابرة عن حدود الطاعة المشروعة ، قال الله – عز وجل -{ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ا }( ) .

والضرب رمزى ( غير مبرح ) قال رسول الله ( ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) ( ) .

وجاءت الوصية بها بآيات قرآنية وأخبار نبوية عديدة مضى ذكر بعضها ومما يتصل بموضوعنا ما أرشد وحض وألزم به رسول الله ( أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتست ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، لا تهجر إلا فى البيت ) ( ) ، ( لا تضربوا إماء الله ) ( ) ، ( لا يعزك " يبغض " مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى الله منها أخر ) ( ) .( علام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد ولعلها يجامعها فى آخر العبد ) ( ) ، ( ما ضرب رسول الله امرأة ...... ) ( ) .

 الطلاق : الطلاق ليس من مخترعات الإسلام فقد وجد فى الشرائع المنسوبة إلى السماء اليهودية ، والمسيحية ( ) ، وكان معروفاً لدى اليونانيين والرومانيين .

والطلاق فى الإسلام حل أخير لاستحالة العشرة الزوجية بعد : -

الوعظ ، الهجر فى المضجع ، الضرب الرمزى غير المبرح ، الحكمين ( من أهله وأهلها ) مع بغض الدين له ومن تحذير وتذكير ووعيد محشوم فى نصوص محكمة منها { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ  عَلِيمٌ } ( ) .

والطلاق لغير حاجة معتبرة محظور يأثم فاعله ، ففى الحديث ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ) ، وقام غضبان - ( ) .

وفى المقابل أعطى الإسلام حق الخلع للمرأة{ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ   بِهِ } ( )

تعدد الزوجات : تعدد الزوجات كتشريع الطلاق والرق ليس من اختراع الإسلام ، فقد عرفته المجتمعات والشرائع قبل الإسلام ، وجاء الإسلام لتقييد التعدد بعدد محدود بإباحة فهو ليس واجباً يأثم تاركه وليس حراماً يأثم فاعله ، بل هو " مباح " والقيد القرآنى مشّعر به {َإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً  } ( ) ، { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ} ( ) .

والإباحة تقتضى فعله أو تركه حسب الأحوال والظروف والملابسات

وختاماً : ليت المنصفين يراجعون أوضاع المرأة المالية فى تشريعات معاصرة ، وفى شرائع سابقة دينية وغير دينية ، ليتهم بعين بصيرة ينظرون إلى مادية النظرة من الإستغلال لها سلعة إعلانات إباحية وأدوات جاسوسية وما لا يحسن ذكره !! حتى يعرفوا أن تكريمها إنما فى( الرسالة الإسلامية الخاتمة ) .