الخميس 23 مايو 2024

جمهور «الست»

مقالات15-11-2021 | 13:19

ما هذا الشعور الذي يتسرب إلينا مئات المرات ونحن نشاهد حفلات أم كلثوم على الشاشة؟ لم نكتفِ بالاستمتاع بصوت وكلمات وألحان؛ فانتقلنا نحو حالة من الوجد والانتشاء، نبحث فيها عن وجوه تلك الجماهير التي تستمع إليها ونتوحد معها في لحظات النشوة ومع ذلك الصوت الذي لم يغب!! ونشاركهم الآهات والنظرات، ونرى في ملامح بعضهم أشخاصاً نشعر أننا نعرفهم، حتى أننا نستغل مواقع التواصل الاجتماعي في نشر صورهم والبحث عنهم!! وقد نرى ذلك الحنين في تساؤل تائه عن هذا الجمهور وأين ذهب، هل كانت حفلات أم كلثوم ستختلف لو لم يتواجد هذا الجمهور؟

لقد شعر بكل ذلك صانعو التكنولوجيا، فأهدوا إلينا ساعات من الزمن يمكن أن نصبح فيها هذا "الجمهور" من خلال تقنية "الهولوجرام" علنا نعيد بعض المشاهد التي استمتعنا بها ونكون هؤلاء الأشخاص في تلك الأوقات .

تقنية الهولوجرام تعتمد على التصوير ثلاثي الأبعاد الذي يمزج بين التصوير الفوتوغرافي بعدة زوايا مختلفة، ليشعر من يرى الصورة الهولوجرامية بالشخص الذي يراه بكامل هيئته وحجمه الطبيعي من زوايا مختلفة كأننا ننظر إلى جسم حقيقي، فنشعر بتواجد هذا الشخص وتفاعله وكأنه موجود بشكل واقعي.

وهكذا عادت الإعلانات من جديد عن حفلات لأم كلثوم بتقنية الهولوجرام ، فكانت الحفلة الأولى في عام 2020 بدار الأوبرا المصرية ثم توالت الحفلات؛ ما بين دار الأوبرا وقصر عابدين، فرأينا ملامح الماضي ولهثنا وراء قطاره علنا نعيش لحظات في إحدى العربات، وها هي المساحة تتاح لنا من جديد للعودة لزمن طالما بحثنا عنه، فكم من مرة نُشرت صور سيدات ورجال ذلك الزمن بتلك الأزياء الجميلة الراقية التي تعكس طلة وهالة لمن يرتديها، وكم من مرة استمر السؤال أين ذهب هؤلاء؟؟

لم تكن إقامة تلك الحفلات تقتصر على مصر؛ بل سبقتها العديد من الحفلات في الدول العربية ولاتزال تقام ، وكأن الجمهور على امتداد الوطن العربي وجد ضالته المنشودة التي لم يختلف حولها الجميع؛ بل كانت موعداً للاتفاق على المتعة والخيال.

لقد جاء الهولوجرام مصر لأول مرة عام 2019 عندما اختارت كارول سماحة أن تقدم دويتو مع العندليب الأسمر عبد الحليم، ليظهر حليم على خشبة المسرح ويشاركها الغناء.

ويبدو أن استقبال الجمهور لحفلات أم كلثوم وعبد الحليم طرح المزيد من الأفكار، ليجمع مؤخراً حفل في قصر عابدين بين مدحت صالح وريهام عبد الحكيم فنستمتع لأجمل أغاني الأفلام التي عشقناها منذ سنوات .

لقد تسابق الحاضرون في كل حفلة من تلك الحفلات على التواجد بأرواحهم قبل أجسادهم وكأنهم اختاروا بمحض إرادتهم العودة لزمن يجمع مساحات الرقي بكل صوره، لقد حضر هذه الحفلات جمهور بكل حنينه لهذا الزمن وذلك "الفن" ، إنها رسالة لا يمكن أن تخطئها البصيرة من جمهور "الست".