الخميس 23 مايو 2024

الحصاد المر

مقالات17-11-2021 | 20:20

مشاهد سقوط الأوطان.. وتحول الدول إلى أطلال.. وديار أصبحت مثل بيوت الأشباح.. يخيم عليها صوت القبور.. لم يعد سوى لون الدماء وجثث الأطفال.. وفحيح أفاعى الإرهاب.. وزخات الرصاص.

سقطت الدولة الوطنية.. ودخلت جحافل القوات الأجنبية، وضاعت أحلام الرخاء.. فأين الذين وعدونا بالخير والنماء والديمقراطية المزعومة.. أين أوطاننا ودولنا؟ لم تحصد هذه الشعوب سوى الندم والحسرة والتشرد على حدود الدول، أو على أكثر تقدير فى مخيمات ومعسكرات ووسط الثلوج، ومعاناة الصقيع بين أمهات ثكلى.. وصرخات الأطفال، وأشلاء الأوطان.. هى المحصلة لما جرى على مدار 10 سنوات منذ انطلق ربيع الدمار العربى.. فهل تعلمت الشعوب الدرس.. وهل وعت المؤامرة الكبرى؟

مصر أنقذها من الضياع قائد وطنى مخلص وشريف، أصبح مصدر إلهام وصاحب الرؤية الفريدة فى الإنقاذ والإنجاز.. وكيفية الحفاظ على الأوطان.. إنه الرئيس السيسى.

 

من وحى الوعود المزعومة بالرخاء والنماء والديمقراطية.. ومن مشاهد الدمار والخراب ومعسكرات اللاجئين.. ومن رائحة الدم والقتل.. ومن أصوات أقدام الدخلاء المرتزقة والقوات الأجنبية التى هتكت عرض السيادة الوطنية بعد ضياع الأوطان.. فهل تتعظ الشعوب؟ وهل تتعلم الدرس؟

ما بين مشاهد اللاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين من الدول التى مزقتها كوارث ما أطلقوا عليه الربيع العربى فى يناير 2011 على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا والتوترات التى حدثت ووقعت بين البلدين والتصعيد.. وما بين أوروبا من جهة وروسيا وبيلاروسيا من جهة أخرى.. وحال هؤلاء اللاجئين وأسرهم وأطفالهم «الذى يصعب على الكافر».. وصراخ الأطفال ووجودهم فى هذه المناطق مع الصقيع والثلوج الأوروبية.. وما بين خراب الأوطان وسقوط الدول خلال عقد كامل من الزمن دفعت فيه الشعوب ثمناً باهظاً من أمنها واستقرارها ووجودها، بسبب غياب الوعي، فقد هدموا أوطانهم وأسقطوا دولهم بأيديهم، وأصبحوا من النادمين.

مشاهد مأساوية كثيرة نراها على مدار 10 سنوات.. ليست فى جثث القتلى من الأطفال والنساء وكبار السن والشباب.. وليست أيضاً فى معسكرات اللاجئين فى دول مختلفة وعلى الحدود.. أو فى مشاهد الغرق والقتلى فى البحار والمحيطات من النساء والأطفال والشباب.. وليس فى بيوت هُدمَت، وعائلات وأسر شُرِّدَت.. وأمن واستقرار ذهب بلا أمل فى العودة.. ولكن فى أوطان دُمِّرَت.. ودول سقطت.. وجيوش تفككت.. وإرهاب استشرى وانتشر، وانتهاك صارخ وسافر للسيادة فى مرحلة اللا وطن.. وتدخلات أجنبية وقوات لدول تتصارع من أجل الفوز بمقدرات الدول التى سقطت من نفط وغاز وثروات أخرى كثيرة.. وتخلف عن الركب.. وتأخر فى البناء.. وميزانيات بالمليارات من الدولارات تحتاجها هذه الدول لإعادة البناء والإعمار إذا قُدِّرَ لها العودة من جديد.

هل ارتاحت الشعوب التى أسقطت دولها بأيديها؟ هل هنأت بالرخاء والديمقراطية الموعودة؟ وهل فتح الغرب أحضانه وقبلاته ووروده الحمراء للمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين والهاربين من ويلات الإرهاب والصراعات والاقتتال الداخلى فى بلدانهم؟ أم أن الغرب يسوق هؤلاء النازحين واللاجئين مثل ما تُساق البهائم، وهم بها أرحم وأعطف؟ ألم يكن من الأفضل أن نقبض على أوطاننا ودولنا كالقابض على الجمر، نحفظها ونحميها حتى لو ربطنا الصخور على البطون؟ هل ما كان أرحم أم ما أصبحنا عليه الآن فى الدول التى سقطت فيها الدول الوطنية؟

كم من الأرامل واليتامى والقتلى والمعاقين والخراب والدمار والدماء؟!.. حدث خلال السنوات العشر الأخيرة تحت شعارات كاذبة ومسمومة من ديمقراطية مزعومة.. ورخاء مثل الحمل الكاذب.. وأوهام وأوهام، ولم يحصد هؤلاء المغفلون والمغيبون سوى المر والأشواك والندم بعد أن تحولت الديار إلى بيوت أشباح.. وبعد أن كانت تعج بالحياة، أصبحت مثل صمت القبور.

لا أريد أن أسوق أمثلة للدول التى تسببت شعوبها فى إسقاطها، وبَعُدَت مصر عن السقوط الذريع فى مستنقع اللا دولة.. والفوضى والإرهاب والأطماع والتدخلات، احتراماً وتقليداً تعلمته من الرئيس عبدالفتاح السيسى، القائد العظيم، صاحب الإنقاذ والإنجاز.. وله الفضل بعد المولى عز وجل فى انتشال مصرمن الضياع، أو أن تلقى مصير الدول التى سقطت فيها الدولة الوطنية.. شجاعة وجرأة القائد الوطنى الشريف، والتفاف المصريين حوله، هى من حافظت على مصر، ليس هذا فحسب.. بل قاد الرئيس عبدالفتاح السيسى مع شعبه أكبر معركتين فى تاريخ مصر وأخطرهما.. هما معركتا البقاء والبناء.. فأعاد الأمن والاستقرار للوطن.. فأصبح واحة الأمن والاستقرار، وملاذ اللاجئين والهاربين والفارين من ويلات الفوضى والإرهاب.. وجعل لهم من مصر وطناً يلقون فيه الاهتمام والرعاية والأمن والاستقرار.. ومعاملتهم كمواطنين مصريين فى الخدمات والحقوق والواجبات.. ولم يقم لهم المعسكرات والمخيمات.. بل يعيشون مع المصريين جنباً إلى جنب، ينعمون بخيرات وأمن وأمان واستقرار.. وحماية مصر.

هل تتذكرون ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل صديق وشقيق، ولكل الشعوب العربية: «حافظوا على أوطانكم».. «خللوا بالكم من بلادكم».. إنها روشتة الحفاظ على الأوطان.. وخارطة الطريق لكل مواطن عربي، أو فى أى دولة.. فالحفاظ على الأوطان مهمة مقدسة.

هل تتذكرون ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى لنا نحن المصريين: «اللى هيحمى البلد دى مش الجيش والشرطة.. اللى هيحميها ناسها وأهلها وشعبها».. لكن السؤال المهم: كيف تحمى الشعوب دولها وأوطانها.. وما هو مضمون ورسالة ما قاله الرئيس لشعبه.. ولكل مواطن عربي؟!.. فإذا كان رجال الجيش والشرطة يحملون السلاح، ويضحون من أجل الحفاظ على الوطن أو الدولة.. حدودها وثرواتها وسيادتها.. وتوفير الأمن والأمان والاستقرار لشعبها.. فما أقدم عليه الشهداء من أبطال الجيش والشرطة نموذج وقدوة لفداء الأوطان.. والتضحيةمن أجل أن تبقى وتحيا كريمة.. لكن ما هو مطلوب من الشعوب أو المواطنين أو الجماهير؟!!.. نوجزه فيما يلى:

> من المهم والضرورى والحتمى أن تتحلى الشعوب بالوعى والفهم والإدراك لكل ما يحاك للوطن من مخططات للهدم والدمار والإسقاط، والكذب والتشكيك والتشويه والشائعات.. إن من يطلق المخططات والمؤامرات يريدك أنت أيها المواطن أن تهدم بلدك بيدك من أجله هو فقط.. من أجل أن يحقق أهدافه وأطماعه فى إضعاف وطنك.

> الأمر الثانى والمهم.. علينا أن نحذر ونحترس من الغزو والاحتلال العقلى والثقافى بأفكار مستوردة ومعلبة تصدرها الدول المعادية والمتآمرة، وأجهزة مخابراتها لتزييف وعى الشعوب وتسوق لهم أوهاماً ووعوداً كاذبة مثل التى نشروها منذ إسقاط العراق، ثم ليبيا وسوريا واليمن.. هل تتذكرون أقوال الرئيس السيسى حول أهمية وحتمية الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها، وفى القلب منها الجيش الوطني.. وأيضاً قول الرئيس: «لابد من استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها فى الدول التى سقطت، أو التى تواجه أزمات» والأسماء معروفة.. لا تخلو مناسبة دولية أو فى محفل دولى أو لقاء ثنائى أو مؤتمر صحفى إلا ويطرح الرئيس السيسى رؤيته فى كيفية حماية الأوطان، والحفاظ عليها.. أو كيفية إنقاذ الدول التى سقطت من خلال العمل على استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها، ومنع التدخلات الأجنبية وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة.. وأن تجتمع الأطياف الوطنية على طاولة حوار وطنى للوصول إلى حلول سياسية من خلال إعلاء شأن الوطن ومصالحه العليا والحفاظ على سلامته ووحدة أراضيه، والتوزيع العادل لثرواته وعوائدها.

> إننا أمام رؤية متكاملة للدولة المصرية تطرحها قيادتها السياسية للحفاظ على الدول أو إنقاذ الدول التى سقطت، والحفاظ على الدول.. الشعب هو صاحب أهم دور من خلال وعيه وإدراكه وفهمه.

> على الشعوب أن تعلم أن كل حجر يطلق أو يقذف على مؤسسات الدولة.. أو شرارة نار يتم حرقها، أو طلقة تستهدف الفوضي.. هو خصم من بقائها وأمنها واستقرارها.

> الشعوب هى صمام الأمان لبقاء الدول والحفاظ على الأوطان.. ومن المهم أن نبذل أقصى جهد فى مقاومة الأفكار الهدامة.. والتصدى للشائعات والأكاذيب ومحاولات التشكيك.. وأيضاً فى دحر الأفكار الشاذة.. ومحاولات بث الفتنة بين نسيج الأمة الواحد.. لابد أن كل مواطن يحذر من منصات ومنابر الشر، ويدرك خطورتها.. ومن المهم أيضاً بناء وعى حقيقى وخلق حالة فريدة وصلبة من الولاء والانتماء الذى يجب أن نعلمه لأبنائنا فى البيوت والمدارس.

> لا شك أيضاً أن القيم والمبادئ والتنشئة السليمة، والابتعاد عن الانحراف والثقافة الاستهلاكية والانتهازية، وترسيخ التسامح والعطاء والوفاء، والتعايش.. كل ذلك يقوى جدار الولاء والانتماء.. فحب الأوطان فضيلة عظيمة لابد أن تبدأ منذ الصغر، وفق رؤية شاملة ومتكاملة.

ما حدث خلال السنوات العشر الماضية فى المشهد العربى بضياع وسقوط بعض الدول هو درس قاسٍ ومُر للشعوب.. التى يجب ألا تخضع لسيطرة الأفكار الخبيثة والاحتلال والغزو الثقافى، فهى تمتلك ذخيرة وأدوات ومكونات بناء الوعى الحقيقي.. وعلى الإعلام الوطنى والمؤسسات الدينية والثقافية والتربوية والتعليمية أن تنشط وتبذل قصارى جهدها وفق رؤية ثاقبة لتشكيل وبناء وعى حقيقى.. يرتكز على الفهم الصحيح والإدراك الشامل لكل ما يحدث من مخططات وإدراك أيضاً لكل تحديات وتهديدات تواجه الوطن.. ولابد من إعادة إعمار وبناء وترميم للشخصية العربية شديدة الولاء والانتماء بالأرض والأوطان، وعلينا - كما فعلت ونجحت فيه مصر - أن نلتزم بأعلى معايير الشفافية والمصداقية والمصارحة مع شعوبنا وحتى لا نخلق مساحات يتحرك فيها الأعداء بنشر الأفكار الشيطانية واستقطاب شبابنا لتحقيق أهدافهم الخبيثة.

 

تحيا مصر