الثلاثاء 21 مايو 2024

أنا‭ ‬والمشير


د . مصطفى الفقى

مقالات21-11-2021 | 15:23

د . مصطفى الفقى

ربطتنى‭ ‬علاقة‭ ‬قوية‭ ‬وطيبة‭ ‬بالمشير‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬الرئاسة‭ ‬قائدا‭ ‬للحرس‭ ‬الجمهورى‭, ‬وكنت‭ ‬وقتها‭ ‬سكرتيرا‭ ‬للرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬حسنى‭ ‬مبارك‭ ‬للمعلومات‭ ‬وتوطدت‭ ‬صلتى‭ ‬بالقائد‭ ‬العسكرى‭ ‬الكبير‭ ‬أثناء‭ ‬أعمال‭ ‬الرئاسة‭ ‬والمقابلات‭ ‬المختلفة‭ ‬والجلسات‭ ‬بين‭ ‬مقابلات‭ ‬الرئيس‭ ‬فى‭ ‬بهو‭ ‬الاتحادية‭ ‬واكتشفت‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬راويا‭ ‬للشعر‭ ‬ومحبا‭ ‬للأدب‭ ‬وبدأ‭ ‬يحكى‭ ‬لى‭ ‬عن‭ ‬عمله‭ ‬فى‭ ‬باكستان‭ ‬كملحق‭ ‬عسكرى‭ ‬وعن‭ ‬عمله‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬الجزائر‭ ‬ضمن‭  ‬البعثة‭ ‬العسكرية‭ ‬التى‭ ‬ذهبت‭ ‬لتدريب‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائرى‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬عاد‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭  ‬بالسيارة‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬ساحل‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬وكاد‭ ‬يغفو‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭  ‬مراحل‭ ‬الطريق‭ ‬حتى‭ ‬كادت‭ ‬السيارة‭ ‬أن‭ ‬تسقط‭ ‬فى‭ ‬جرف‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يودى‭ ‬بحياته‭ ‬لولا‭ ‬أنه‭ ‬تنبه‭ ‬فى‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة‭ ‬وكان‭ ‬يقول‭ ‬لى‭ ‬دائما‭: ‬أن‭ ‬الأعمار‭ ‬بيد‭ ‬الله‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬

كان‭ ‬عسكريا‭ ‬قويا‭ ‬جريئا‭ ‬منضبطا‭ ‬قوى‭ ‬الشخصية‭ ‬أحكم‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهورى‭ ‬ولم‭ ‬يسمح‭ ‬لأى‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬بالتدخل‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهورى‭.‬

حظى‭ ‬بثقة‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬مبارك‭ ‬وأنا‭ ‬أتذكر‭ ‬أنه‭ ‬رآه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬فى‭ ‬مناسبة‭ ‬عسكرية‭ ‬فى‭ ‬أحد‭ ‬المطارات‭ ‬فى‭ ‬شرق‭ ‬الدلتا‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬قائدا‭ ‬للجيش‭ ‬الثانى‭.‬

ووقعت‭ ‬عيناه‭ ‬عليه‭ ‬وأنا‭ ‬قلت‭ ‬له‭: ‬سيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬إنك‭ ‬سوف‭ ‬تختاره‭ ‬قائدا‭ ‬للحرس‭ ‬الجمهورى‭.‬

فقال‭ ‬الرئيس‭ ‬مبارك‭ ‬لى‭: ‬كيف‭ ‬عرفت؟

قلت‭ ‬له‭: ‬طريقة‭ ‬نظرتك‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬أعطتنى‭ ‬إحساسا‭ ‬بإعجابك‭ ‬به‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالظبط‭.‬

ثم‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رئاسة‭ ‬هيئة‭ ‬العمليات‭ ‬لفترة‭ ‬قصيرة‭  ‬ثم‭ ‬قائدا‭ ‬ووزيرا‭ ‬للدفاع‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬القادة‭ ‬القلائل‭ ‬الذين‭ ‬تولوا‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمروا‭ ‬بمنصب‭ ‬رئيسا‭ ‬للأركان‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬رئيسا‭ ‬للأركان‭ ‬أبدا‭.‬

ولذلك‭ ‬هو‭ ‬تصرف‭ ‬بحكمة‭ ‬شديدة‭ ‬فى‭ ‬كان‭ ‬عسكريا‭ ‬قويا‭ ‬جريئا‭ ‬منضبطا‭ ‬قوى‭ ‬الشخصية‭ ‬أحكم‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهورى‭ ‬ولم‭ ‬يسمح‭ ‬لأى‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬بالتدخل‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهورى‭.‬

ولذلك‭ ‬هو‭ ‬تصرف‭ ‬بحكمة‭ ‬شديدة‭ ‬فى‭ ‬السنة‭ ‬التى‭ ‬حكم‭ ‬فيها‭ ‬مصرمن‭ ‬خلال‭ ‬توليه‭ ‬رئاسة‭ ‬المجلس‭ ‬العسكرى‭  ‬وحقن‭ ‬الدماء‭ ‬وحمى‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬انزلاقات‭ ‬كثيرة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أعصابه‭ ‬وصحته‭ ‬ولم‭ ‬يتطلع‭ ‬إلى‭ ‬منصب‭ ‬ولم‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الفترات‭ ‬التى‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬مصر‭.‬

وكانت‭ ‬فترة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الحكمة‭ ‬والهدوء‭ ‬والقوة‭ ‬التى‭ ‬يتسم‭ ‬بها‭ ‬المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوى‭.‬

فقد‭ ‬كان‭ ‬ابنا‭ ‬وطنيا‭ ‬للعسكرية‭ ‬المصرية‭ ‬وشريفا‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬كل‭ ‬ضباط‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬فى‭ ‬بلادنا‭.‬

فهو‭ ‬حافظ‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬وعلى‭ ‬الرسالة‭ ‬التى‭ ‬تحمل‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬كجبل‭ ‬ثابت‭ ‬بالحكمة‭ ‬والرؤية‭ ‬وتناول‭ ‬الأمور‭ ‬بإخلاص‭ ‬مع‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتحمله‭ ‬البشر‭ ‬العادى،‭ ‬فهو‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬بشر‭ ‬فكيف‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور؟‭ ‬ولكنه‭ ‬تخطى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬بالهدوء‭ ‬والاتزان‭ ‬ليصل‭ ‬بمصر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬ونظرة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مختلفة‭ ‬أصبحت‭ ‬ترى‭ ‬بها‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬ورؤية‭ ‬جديدة‭.‬