الجمعة 17 مايو 2024

نكسة 67 في شعر العامية بين «صدمة قاعود وصرخة نجم»

9-6-2017 | 16:42

في التاسع من يونيو عام 1967 خرج الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليلقي على الشعب خطاب التنحي بعد إعلان هزيمة مصر في حرب الأيام الستة والتي عرفت بعد ذلك باسم نكسة 67 .

مصطلح "النكسة" هو الأكثر تعبيرا عن الحالة العامة للشعب المصري في تلك الفترة فلم تكن الهزيمة عسكرية فقط، بل انعكست على جميع مناحي الحياة في تلك الفترة، حتى أنها ظهرت واضحة في كتابات الشعراء و خاصة شعراء العامية باعتبار أنهم الأقرب إلى الشارع ولغته.

“الهلال اليوم” تعرض لكم أهم قصائد العامية التي تناولت النكسة :

 

صدمة فؤاد قاعود:

 

الشاعر الكبير فؤاد قاعود يترجم حالته النفسية في قصيدته "الصدمة" والتي كتبت بتاريخ الخامس من يونيو 1968 وهي بالطبع لسان حال كل مصري في تلك الفترة. والتي كتبها "قاعود" بعد عام من النكسة.

ويوضح قاعود أن ما جرى أفقده نعمة الاندهاش ولذة الصدمة فنراه يربك قوانين الطبيعة وفطرة المخلوقات دون أن يندهش فما حدث من نكسة يفوق التوقعات والخيال، ويقول في مطلع قصيدته:

لو نزلت المحروسة ملفوفة القوام

أم العيون بنفسجى

من قصرها العالى و شاورت لى

لوحدي من دون الأنام

حأغض بصرى

و مش حرد السلام

علشان أنا من سنة

نفضت إيدى من الغرام

وفي مقطع آخر يوضح قاعود حالة الحزن المسيطرة والتي تغلب كل ضحك زائف، فالهزيمة هي الحقيقة الثابتة فيقول :

لو اصطفانى المضحك المشهور

بلبعه وأتشقلب قصادى

حيطل من عينى الغضب

ومستحيل أبتسم

مهما المهرج هاص وزاط

علشان أنا من سنة

عرفت إن الضحك ابن العياط

وفي مقطع آخر اعتمد فيه "قاعود" على المفارقات ومخالفة قوانين الطبيعة ليوضح أن ما حدث من هزيمة ليس بالأمر الطبيعي بعد أن كانت مصر قادرة على أن تلقي بإسرائيل في عرض البحر - كما كان يشاع آنذاك -.

فيقول :

لو النجوم تنزل وتمشى فى الشوارع

ولو العمارات تطير

ولو الضفادع فى الشتا عرقت

والجو فى أغسطس أصبح مطير

ولو الحمير أتكلمت بفصاحة

والنملة صبحت فى ضخامة الفيل

مش حندهش

بعد اللى فات

علشان أنا من سنة

إحساسى بالدهشة مات

"الأبنودي" حزينا في الشارع الهادي خالص:

يصدق عبد الرحمن الأبنودي على كلام" قاعود" من خلال قصيدته " كباية شاي" والتي نشرت في ديوان "الزحمة " مزيلة بتاريخ 1967، ويطل الأبنودي من خلال قصيدته على الشارع في ذلك الوقت، فنرى من خلاله "الرجل الأصلع خالص" في الشارع الهادي خالص خالص بينما يمر الشاب الذي يتحدث إلى فتاة على التلتوار" بالصوت الواطي خالص".

ربما لو أنك قرأت قصيدة الأبنودي لشعرت بملل غريب يصيبك وقد تهاجم الأبنودي وتنتقده على هذا النص الفقير المفتقد لكثير من الفنيات ولكن ما أن وقعت عينك على تاريخ كتابة النص ووجدت 67 أسفلها حتى يتضح لك الأمر وظهرت حالة الشارع جالية في تلك الفترة، فيقول في مطلع قصيدته :.

علي كرسي ف قهوة ف شارع شبرا قعدت

وجاب لي كبايه الشاي الجرسون

 كبايه شاي القهوة غير كباية شاي البيت خالص

بصيت كتير مش عارف ليه؟

من مده طويله مشاشفتش حي

كان الشارع نابض فيه الدم المطفي وحي

ويصف الأبنودي حالة الشارع في جزء آخر من النص يقول فيه:

مر عليا الراجل الاصلع خالص

و البنت الللي ف ايدها طبق الفول الناقص خالص

و الست لابسة التوب اللسود خالص

مرت عربيه جديده وفيها ناس وشها ساكت خالص

وولد بيكلم بينت ع التلتوار بالحس الواطي وخايف خالص

وع التلتوار التاني كان دكان فكهاني منظم خالص

ونيونه مشعلل انوار خالص خالص

وقعت سنجه تروماي ( خمسه ..)

طلع الولد . المتشعبط . ركبها

و ركب من باب الترماي قدام الكمساري

شافه ما كلموش خالص

ويلخص الأبنودي حالة رجل الشاعر في جملة شاعرية صافية توضح مدى الهزيمة الواقعة على الرجل العادي فيقول: "عدى الراجل اللي منزلشي من ع العجلة بقي له ست سنين كان تعبان جداً وموطي ومش بيبدل خالص".

"جاهين" الناصري يغرد خارج السرب :

وجاء صلاح جاهين ناصري التوجه والذي ظل يكتب للناصرية والقومية طيلة فترة حكم عبد الناصر حتى وقوع النكسة ليغرد خارج السرب، فبدلا من إلقاء اللوم على مصر وقف يتحدى الزمن ويعلن حبه لها وعلى التاريخ أن يقول ما شاء.

ربما شعر جاهين بتأنيب ضمير على مساندته للناصرية وشعاراتها حتى فاق على خبر النكسة لكن يكفي جاهين صدقه عندما طلب "عبد الحليم حافظ " منه أن يكتب بعد النكسة فقال له "جاهين" "إحنا كنا فاكرين أننا بنغني للناس طلعنا بنغني عليهم" ورفض جاهين أن يمجد الحاكم بعد ذلك ".

لكن جاهين كان له موقف مع النكسة أيضا من خلال قصيدته "على اسم مصر" والتي تعد من أروع ما كتب في شعر العامية، ويقول في مطلعها :

على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء

أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء

بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب

وبحبها وهي مرمية جريحة حرب

بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء

واكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء

فؤاد نجم الأكثر جرأة :

أحمد فؤاد نجم الشاعر اليساري المعروف كان أكثر مباشرة وجرأة في تناوله للنكسة، من خلال قصيدته "خبطنا تحت بطاطنا" والتي جاءت ألفاظها أكثر جرأة وأشد نقدا للنظام القائم آن ذاك فيقول في مقطع من قصيدته :

الحمد لله خبطنا

تحت بطاطنا

يا محلا رجعه ظباطنا

من خط النار

يا أهل مصر المحميه

بالحراميه

الفول كتير والطعميه

والبر عمار

والعيشه معدن واهي ماشيه

اخر اشيا

مادام جنابه والحاشيه

بكروش وكتار