الأربعاء 15 مايو 2024

كمال مغيث: صلاح عبد الصبور صوت الفقراء

4-2-2017 | 15:27

 

أقيمت بالقاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة بعنوان "زمن صلاح عبد الصبور..دراسة في المناخ الثقافي"بمشاركة الدكتور كمال مغيث، وأدارها الإعلامي عمر حرب.

وقدم الدكتور كمال مغيث، عرضًا للمناخ والظروف السياسية والاقتصادية والثقافية التي أحاطت بالشاعر الراحل صلاح عبد الصبور، منذ ميلاده وحتى وفاته، وقسمها إلى ثلاثة مراحل، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى تبدأ منذ ميلاده عام 1931م، وحتى عام 1952م، موضحًا إنها مرحلة حملت تغيير كبير، ليس على مستوى الوطن فحسب، بل في العالم كله، بحيث كان النظام الرأسمالي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وتكون مجموعتين من الدول الكبيرة، هي "المحور"، و"الحلفاء"، وانتهى الأمر بالحرب العالمية، التي تكبد فيها العالم 50 مليون قتيلا، إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية بزوال الشكل الاستعماري التقليدي.

وأشار الدكتور كمال مغيث، إلى أن الظروف السياسية والاقتصادية، ارتبط بها متغيرات ثقافية، وأصبحت الثقافة بشكلها التقليدي غير معبرة عن طموح الشعب وحماستها، وتمرده، ولم تعد القصيدة العمودية التي كان يمثلها أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، تلبي حاجة الناس للتمرد، موضحًا أن هذه الظروف أدت إلى ظهور الشعر الحديث الذي تحرر من عبء التفعيلة والقافية، ليعبر عن العواطف الجياشة والرغبة في التمرد، وأصبح صلاح عبد الصبور أهم رواده في مصر، متوجًا على رأسه كمؤسسً له.بالإضافة إلى ظهور جماعة الخبز والحرية، التي قدمت آداب وفنون مختلفة عن السائد والتقليدي في ذلك الوقت.وظهرت الأغنية الشبابية على رأسها عبد الحليم حافظ.

وانتقل "مغيث"، للحديث عن المرحلة الثانية، وهي مرحلة ثورة يوليو، مشيرًا إلى أن صلاح عبد الصبور قد انحاز في هذه المرحلة إلى الثورة والعدالة الاجتماعية، والمنجزات الاجتماعية، ولكنه لم يكن احتفاء المنافق المشيد بالدولة دون حق، لكن احتفاء الناقد المحذر من أي شكل من أشكال التهاون في حقوق الفقراء، وتجلى ذلك في ديوانه الأول "الناس في بلادي"، كما توج انحيازه للفقراء والشعب، بـ"مأساة الحلاج".وفي ذلك الوقت أيضًا كتب نجيب محفوظ الثلاثية، وكتب الشرقاوي فيلم الأرض.

وأوضح "مغيث"، أنه بعد هزيمة 197م، اهتز يقين بقين بعض المثقفين بالرئيس جمال عبد الناصر، وبثورة يوليو، وبدأوا يبحثون عن شكل جديد للخلاص، فظهرت الظاهرة الغنائية المعروفة والمهمة الشيخ إمام، والشاعر أحمد فؤاد نجم، وكتب عبد الصبور آخر أعماله المسرحية "ليلى والمجنون"التي تُعد صيحة تحذير، أو نبوءة للمستقبل.

وقال إن المرحلة الثالثة والأخيرة في حياة صلاح عبد الصبور، التي بدأت منذ عام 1970، وحتى وفاته عام 1981م، معتبرها مرحلة الانسحاق والغروب، وظهور الجماعات الإسلامية، والعنف الاجتماعي، والانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وهيمنة طبقة اجتماعية جديدة، حتى انتهى الأمر باتفاقية السلام، ورفض الكثير من المبدعين الذين أحسوا باليأس والمرارة.

وأوضح "مغيث"، أن صلاح عبد الصبور في هذه الفترة كان محتارًا بين انحيازه للفقراء والعدالة الاجتماعية، وإحساسه بالتناقض كونه كان جزءا من الدولة لعمله في وزارة الثقافة، وأشار إلى الواقعة الأخيرة قبل وفاته، وهي المناقشة الحادة التي دارت بينه، وبين الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، في حضور الفنان بهجت عثمان، حيث اتهمه عبد المعطي بالتطبيع مع إسرائيل، واستضافتها كضيف شرف لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة عشر، وبأنه عميل للسلطة، كونه رئيسًا للهيئة المصرية العامة للكتاب آنذاك، وعلى إثر هذه المناقشة الحادة أصيب بأزمة قلبية حادة.

وأكد"مغيث" أن عبد الصبور لم يكن يستحق هذا الاتهام، لأن كثير من التيارات اليسارية كانت تطلق الاتهامات جزافا في ذلك الوقت، وأن الأمانة التاريخية لا تجعلنا نقطع بأن هذه المناقشة الحادة تسببت في وفاة عبد الصبور.

وأشار "مغيث"، إلى أن الشاعر صلاح عبد الصبور، قبل وفاته، كان قد انسحب أدبيًا اعتراضًا على المناخ السياسي الذي كان على رأسه سلطة سياسية مستبدة، بعد أن قبض السادات على كل التيارات السياسية آنذاك ووضعها في السجون، ودفع العديد من المبدعين إلى اكتئاب حاد، مثل الشاعر صلاح جاهين، الذي تخلى عن كتابة الأغاني الوطنية، ولجأ لكتابة أغاني بسيطة، كنوع من الرفض والاعتراف على الواقع.

    Dr.Radwa
    Egypt Air