الجمعة 27 سبتمبر 2024

بالصور.. كبارة شيخ المقارئ اللبناني.. قلب وكيان مصري

10-6-2017 | 21:08


عند سماع الآية الأولى من تلاوة الشيخ محمد صلاح الدين كبارة يسري في كيانك الخشوع الممزوج بالحيرة.. أهذا الصوت مصري؟! نعم صوت مصري.. كيف إذن وصاحبه لبناني؟ في السطور التالية نعرف حكاية أحد أعمدة دولة التلاوة الشيخ صلاح كبارة..

كما أن الموسيقى لغة عالمية فأيضاً دولة التلاوة لا حدود لها، فهي ممتدة في كل أنحاء العالم وإن كان مركزها مصر، فرغم الموهبة التي بثها الله في الصبي الصغير محمد صلاح الدين كبارة المولود في لبنان في كنف أسرة عريقة متدينة عام 1921، إلا أنه بعد حصوله على الابتدائية ودراسته في دار التربية الإسلامية وحصوله على الشهادة الشرعية، واتمامه حفظ القرآن كاملاً، وهو في سن العشرين بطرابلس في لبنان، قرر السفر إلى مصر ليلتحق بالأزهر الشريف ليتلقى أصول التلاوة والقراءات المتواترة.

 

وبالفعل نال الشاب عظيم الشرف بأن تتلمذ على يد الشيخ على محمود، الذي رسخ في كيانه موسيقى التلاوة وجماليات الإلقاء، فالشيخ على محمود مدرسة في التلاوة، وأتم الشيخ كبارة التلاوات العشر على يد الشيخ عامر السيد عثمان، وحصل على إجازات رسمية من الأزهر الشريف.

 

اشتهر الشيخ طبارة في مصر بدماثة أخلاقة وطيب معشره، فأصبح صديقاً لكبار المقرئين آنذاك، منهم الشيخ مصطفى إسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد وكامل يوسف البهتيمي.. ومن العجيب أنه لا يمكن لأي شخص أن يفرق بين الشيخ كبارة وبين المقرئين المصريين، فصوته أصبح مصرياً صميماً، ولولا عمامته اللبنانية التي حرص دوماً على ارتدائها لقلنا أنه من أهل مصر، خصوصاً بعد أن عينته وزارة الأوقاف المصرية قارئاً في مسجد الفتح في سراي قصر عابدين، وأصبح ينافس بجمال صوته وحلاوة تلاوته كبار مشاهير القراء المصريون.. ولم يكن أداؤه منافسة بشكلها المعهود بل كان جمالاً أضيف إلى جماليات دولة التلاوة التي بدأت ونشأت في مصر .. بعدها عاد الشيخ كبارة لينفع بلده لبنان بما فتح الله عليه من علوم في الأزهر وما اكتسبه من مقومات جمال التلاوة المصرية.

 

عُين الشيخ كبارة مدرساً للقرآن الكريم والقراءات في مديرية الأوقاف بلبنان ومع بداية عام 1951 عُين مُدرساً بدار الإفتاء بطرابلس وقارئ المسجد الكبير في بيروت وأصبح من كبار القراء في الإذاعة اللبنانية، وفي عام 1967 سافر الشيخ صلاح الدين كبارة ممثلاً عن شيوخ لبنان إلى مؤتمر أتحاد القراء في باكستان وقد ضم المؤتمر كبار مشاهير القراء في مصر، منهم الشيخ محمود خليل الحصري والشيخ عبد الباسط عبد الصمد .. وتقديراً لبراعته في التلاوة وأيضاً في الابتهالات الدينية صدر قراراً من مفتي لبنان بتعيين الشيخ كبارة شيخاً لقراء طرابلس ثم نائباً لرئيس مجلس إدارة الأوقاف الإسلامية ثم رئيساً للجنة تحكيم المسابقات جميع هيئات ومؤسسات لبنان الإسلامية.

 

 وهب الله الشيخ كبارة تسعة إبناء لا يختلفون عنه في دماثة الخلق وطيب الطباع، منهم ست ذكور وهم موفق وعامر ومصطفى وبلال وهلال وخلدون فيهم من أصبح محافظاً على مدينة طرابلس وأيضاً من يدرس العلوم في أوروبا، ولديه أيضاً ثلاث إناث وهن بارعة وندى وجنان، وقد أكرم الله الشيخ كبارة الذي عرف بالتقوى والصلاح والإسراع لعمل الخير ونجدة الناس بأن توفاه الله في العشر الأخير من شهر رمضان، في 31 ديسمبر 1999.