الإثنين 17 يونيو 2024

خيرا تفعل.. شرا تلقى! (2)

11-6-2017 | 23:48

بقلم : سكينة السادات

رمضان كريم.. وكل عام ونحن جميعا بخير وأسأل المولى العزيز أن يمكننا من أداء صلواتنا وصيامنا وزكاتنا إنه سميع مجيب الدعوات.. كتبت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية الحاج محسن الريدى وهو من كبار رجال الأعمال فى مصر والخليج كيف أنه تخرج فى كلية التجارة جامعة القاهرة وأسعده حظه بعقد عمل محترم فى إحدى دول الخليج, ووثق فيه أصحاب العمل فأسندوا إليه إدارة سلسلة محلات ومعارض السجاد التى يملكونها فى مختلف البلاد العربية, ومضت السنوات سراعا وازدادوا ثقة فيه حتى صار هو الكل فى الكل, وكان فعلا جديرا بتلك الثقة فلم يضع فى جيبه قرشاً واحدا من أموالهم التى كانت متاحة أمامه, فلم يكن يحاسبه أحد أو يراجع دفاتره, وكانوا يحبون فيه الأمانة, وذات زيارة له فى القاهرة بكت أمه لأنه كان قد تخطى سن الثلاثين دون أن يفكر فى الزواج لكثرة أسفاره وعمله بالخليج, ووعد أمه بالتحدث مع الشيخ خليفة صاحب العمل فى أمر زواجه بناء على رغبة أمه, فوعده أن يفكر فى الموضوع ويرد عليه, ولم يتصور محسن يومها المفاجأة التى جعلته على وشك الإغماء التى فاجأه بها كفيله إذ قال له: ما رأيك فى ابنتى مشاعل؟ ابنة الشيخ خليفة الملياردير صاحب العمل الذى يعمل به محسن آن ذاك!

***

واستطرد الحاج محسن.. فعلا دارت الدنيا بى فمن أنا؟ حتى أتزوج من الجميلة مشاعل التى كانت أجمل فتيات أسرتها, وكانت قد نالت الثانوية العامة وتراسلت مع إحدى الجامعات الأمريكية, ويومها قلت للشيخ خليفة: وهل تقبلنى ست الستات التى يتهافت عليها أحسن شباب البلاد؟ قال: إنها المفاجأة يا محسن يا ابنى.. مشاعل رفضت عدة عرسان محترمين لأنها كانت تتمنى أن تتقدم لها !

***

واستطرد الحاج محسن.. قال الشيخ إنه من أسباب حبه وإعجابه بى أننى لم أرفع بصرى ذات مرة إلى بناته وحريمه, ومن هنا زاد حبه لى وباختصار.. تزوجت مشاعل فى حضرة أبى وأمى وإخوتى الذين كادوا يطيرون من الفرحة, وسافرنا لقضاء شهر عسل جميل فى باريس, وعرض على جامعة زوجتى فى أمريكا وعدت إلى عملى, ومرت سنة كاملة ولم تحمل زوجتى, فسافرت أنا وهى إلى ألمانيا وأجرينا الفحص الطبى فكانت المفاجأة الأليمة أننى لن أنجب أبداً فى حياتى ! وكانت مأساة كادت تصبنى بالشلل وزادوا أن قالوا إنه لا أمل فى أى علاج, وعندما أجريت الفحوص فى كل بلاد العالم وأجمعوا على أنه لا أمل فاتحت زوجتى فى أمر تسريحها بإحسان حتى تستطيع أن تنجب وألا تحرم من الإنجاب, وبكت زوجتى ورفضت, لكن والدتها أصرت على أن تطلق منى, ويومها اسودت الدنيا فى وجهى وصممت على أن أترك كل شيء وأعود إلى مصر!

***

واستطرد الحاج محسن.. وقررت ألا أتزوج بعد حبيبتى وزوجتى, وبدأت مشروعا كبيرا للسجاد أيضاً فى مصر واستعنت بأولاد أخى وأولاد أختى, وكان والداى قد لقيا وجه رب كريم حزنا على ما أصابنى وعلى حظى القليل فى الدنيا, فالمال موجود بوفرة لكن الولد غير موجود والصحة تأثرت بحزنى على نفسى, ما أشكو لك منه هو جحود أولاد أخى وأولاد أختى الذين اسندت إليهم كل أمور حياتى وعدم إخلاصهم لى رغم أننى لم أبخل عليهم بأى شيء فى الدنيا, وعندما سمعت بأذنى ولم يقل لى أحد وبمحض الصدفة سمعت ابن أخى الذين أصبح ثريا بعد إدارته لأملاكى سمعته يقول: - عمى محسن ماسك فى الدنيا بإيده وسنانه ربنا يريحه ويريحنا علشان كل واحد ياخد راحته! إنهم يتمنون موتى رغم أننى أعطيهم كل شيء أكثر مما يتصور أى إنسان.. خيرا تفعل.. شرا تلقى!

***

لا تحزن يا حاج محسن والدنيا لا تعطى أى إنسان كل شيء.. ربما يخرج ولا يقصد لكن عليك أن تواجهه وتعاقبه وعليك ألا تحرم المرضى والمحتاجين من مالك الحلال ولماذا لا تتزوج من تؤنس وحدتك . وتواسيك وربما الأفضل أن تكون أرملة أو مطلقة لها أولاد على ألا تكون طامعة فى مالك؟ الله يوفقك ولا تغضب فالجحود أصبح سمة هذا العصر!