عقد المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور حاتم ربيع، وبرعاية الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة، أمسية ثقافية بمناسبة مرور 25 عاما على رحيل المفكر فرج فودة، وأدار الأمسية الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق.
وأبدى وزير الثقافة سعادته بإقامة تلك المناسبة وقال: إنه منذ بداية العام كان لدية قائمة بالمناسبات الكبرى وكان على رأسها هذه المناسبة، فالراحل فرج فودة نحتاج أن نقف أمامه كثيرا لأنه حالة مميزة في الثقافة المصرية، وهو أول كاتب ومفكر تم اغتياله بالشارع على بعد أمتار من القصر الجمهوري، مؤكدا أنه كان يعرف أن مناظرة الدولة المدنية والدولة الدينية هي نهاية حياته، فعندما اشتبك فودة بالمناظرة ورد بقوة وثقافة واسعة، كما انتزع منهم اعترافات كثيرة وهامة وأصدر مأمون الهضيبي بيانا بأنه المسئول عن اغتياله.
وأعرب الدكتور جابر عصفور، عن شعوره بالفخر لآن هذا اللقاء الذي يستعيد فكرة الراحل فرج فودة الذي يستحق أن يكون شهيدا، كما أكد على كلام طه حسين بأن هذه الأمة قد منحها الله من صفوة المثقفين ممن دفعوا حياتهم ثمنا لحلم التقدم، وفودة من هذه الأسماء النادرة في تاريخنا المصري الحديث.
وقال عصفور: إن فودة دفع حياته ثمنا لرفع لواء الدولة، وحصل على بكالوريس الزراعة وكان من الشباب الذين اهتموا بمستقبل هذه الأمة، وخرج فى مظاهرات 1968، وكان يدافع عن مصر المستقبل، كما طالبه العديد من أبناء جيله أن يساهم في كتابة مشروعات الدولة المدنية.
وأكد على ليبرالية فودة فكان يدعو لدولة جديدة متحضرة حديثة تعتمد على الدستور والقانون، مشيرا للمعارك التي خاضها أمام الذين يريدون الرجوع بنا الوراء، هكذا ظل فارسا محاربا يدافع عن الدولة المدنية، كما أوصى بطبع كل أعماله في طبعة تجمع أعماله بسعر زهيد حتى تكون في متناول أيدي الجميع.
وجاءت كلمة الدكتور حاتم ربيع، مؤكدة على أن المجلس الأعلى للثقافة حريص على إحياء ذكرى أصحاب الفكر والتنوير أمثال الكاتب الراحل فرج فودة، الذي طالته يد الغدر ورحل عنا وهو يواجه الأفكار المتطرفة وفتح القضايا الشائكة لتصحيح الأفكار المغلوطة، كما كان له آراء مميزة وكان يدعو لمواجهة العدو الإسرائيلي، مع هذا كان يرفض فكرة العنف مع الجماعات المتأسلمة، مؤكدا على أهمية دعوة جميع المنابر الثقافية لمواجهة الإرهاب الأسود.
وألقى الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، قصيدة "شفق على صور المدينة" التي كتبها بعد اغتيال فودة كرثاء له.
ومن جانبه استعرض الدكتور أحمد الشوكي مقتنيات دار الكتب من تراث فرج فودة وأهم المقالات التي اشتبك فيها مع مختلف القضايا الفكرية والسياسية مثل مقال " ألا شاهت أوجه الجبناء" الذي نشر في جريدة الأهالي عام 1990، يدافع فيه عن الإسلام ضد ما يلصقه به بعض من يسمون أنفسهم شيوخا دون أن يدرسوا العلم الشرعي ويروجون للأساطير رغم دعوة الإسلام للتفكر وإعمال العقل، ومقال "لا تظلموا بطرس غالي" في مجلة أكتوبر وكتبه عام 1991 وطالب فيه أن يراعي العرب أن غالي قد تم تعيينه أمينا عاما للأمم المتحدة وليس مندوبا للعرب هناك، وفي أكتوبر من نفس العام أيضا كتب مقال بعنوان "فدان الأرض الصحراوية بمليون جنيه" وتصدى فيه لمافيا الأراضي والفساد الإداري، بالإضافة إلى مقال "ومجلس الشعب مجلس عظيم" يناشد فيه نواب الحكومة والمعارضة بالاحتكام إلى صوت القانون بعيدا عن الأهواء الشخصية.
كما أشار الشوكي إلى مقال بعنوان "المأزق عن الفرص الضائعة في تاريخ العرب".. واختتم الشوكي حديثه قائلا: كنت طالبا في المرحلة الثانوية عندما حضرت مناظرة فرج فودة بالإسكندرية في مواجهة محمد عمارة ومحمد الغزالي وقتها عرفت أن مثل هذا الرجل لا يهزم أبدا.
كما أشار المهندس أحمد بهاء الدين، إلى أهمية النظر بعمق لمواجهة واقع الإرهاب، وأنه يجب الاستفادة من دروس اغتيال فرج فودة وعلى القوة المثقفة أن تدلي بأصواتها للمشاركة في مواجهة الإرهاب.
وأكد الشاعر شعبان يوسف، على مطالبة الدكتور جابر عصفور بطبع كتب ومقالات الراحل فرج فودة، كما قالت الدكتورة عزة كامل، إن فودة رجل خاض المعركة منفردا وكان دائما يتوجه للمستقبل قبل الحاضر وكان يتميز ببصيرة واسعة.
وعلى هامش الاحتفالية شاركت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية في الاحتفالية بمعرض للدوريات تحت عنوان "فرج فودة.. شهيد الفكر"، وتضمن المعرض عددا من أهم مقالات فوده ومقولاته وما كتب عنه، كما ضم المعرض أهم ما نشر في الدوريات المصرية عن حادث اغتيال المفكر الراحل واعترافات القاتل.