الثلاثاء 7 مايو 2024

افتتاح طريق الكباش.. حدث عالمي على أرض طيبة

طريق الكباش

ثقافة24-11-2021 | 16:00

عبدالله مسعد

تفصلنا عدة ساعات عن واحد من أهم الاحتفالات التي ستقام على أرض العظماء طيبة عاصمة مصر القديمة، فمشروع "طريق الكباش" من أهم المشروعات الآثرية التي تم الإنتهاء منها في عهد الرئيس السيسي، وتزينت مدينة الأقصر استعدادًا لهذا الحدث العالمي الذي يصفه خبراء السياحة بأنه سيكون أهم وأكبر وأعظم وأبهر من حفل نقل المومياوات الملكية.

وشهدت منطقة معابد الكرنك ومعبد الأقصر بوسط مدينة الأقصر الأسبوع الماضي، تجهيز وضع المراكب المقدسة في قلب طريق الكباش لبدء البروفات النهائية، عقب نهاية التجهيزات ووضع اللمسات النهائية لتجهيز عدد من تصميمات لمراكب تضاهي صور المراكب على جدران المعابد في "عيد الأوبت" الفرعوني الذي كان يتم بمشاهد بديعة في العصور المصرية القديمة.

ومنذ ما يقرب من خمسة آلاف عام، بدأ ملوك مصر القديمة في بناء طريق يربط بين موقعي معبدي الأقصر والكرنك، لكن لم يتم البدء في بنائهما بعد، فقد كانت أرض الكرنك أرضًا مقدسة، لأن شكل من أشكال عبادة الإله أمون اتخذ من الكرنك مكانا له قبل توحيد البلاد، فقام المصريون القدماء ببناء طريق الكباش لتسير به المواكب المقدسة للملوك والآلهة في احتفالات عيد "الأوبت" أو مهرجان الأبت أو كما كان يطلق عليه المصري القديم: "حب – نفر – إن – إبت"، وتعنى "الأوبت الجميل"، هو أحد الاحتفالات الخاصة بمدينة طيبة القديمة، وكان البطل الرئيسي لهذا الاحتفال هو الإله آمون، ويرمز الاحتفال إلى استعادة ذكرى الزواج المقدس بين الإله "آمون" والإلهة "أمونيت"، وهى التي تمثل الصورة الأنثوية للإله آمون، وكان يتم الاحتفال بعيد الأوبت، بعد انتهاء موسم الحصاد، فيما يعادل الفترة من شهر سبتمبر إلى شهر نوفمبر، وفقا للتقويم الحالي.

واستمر الاحتفال به حتى نهاية العصور المصرية القديمة، ومن أجل هذا الاحتفال قام الملك "نختنبو الأول"، مؤسس الأسرة المصرية الحاكمة الأخيرة، بتشييد تماثيل أبو الهول في طريق المواكب الكبرى، التي كان يتم استخدامها لمرور المواكب الاحتفالية بين معبدي الأقصر والكرنك، والمعروف حاليا بـ"طريق الكباش".

وتبدأ الاحتفالات من "قدس الأقداس" بمعبد الكرنك، حيث يوجد تمثال الإله آمون، وهناك يقوم الملك بإقامة الصلوات للإله، ليتم وضع التمثال في الزورق المقدس الذى يطلق عليه "أوسر حات"، والمميز بوجود "رأس كبش" في مقدمة ومؤخرة الزورق، ويتم إخفاء التمثال عن الأعين خلال الموكب، احتراما لقدسيته وفقا للمعتقد المصري القديم.

كما يخرج الكهنة حليقي الرؤوس حاملين الزورق على أكتافهم من قدس أقداس معبد الكرنك، عبر طريقين رئيسيين، فإما عبر طريق نهر النيل، أو عن طريق المواكب الكبرى بريا، ويصاحب الزورق الخاص بالمعبود "آمون"، زورق المعبودة "موت"، والمعبود "خنسو"، وهم أعضاء الثالوث المقدس لمدينة طيبة، وفى بعض الأحيان، يصاحبهم زورق الملك.

ويتقدم المشهد كهنة يرتدون عباءات من جلد الفهد، ويسيرون بمحاذاة كل زورق، لتلبية احتياجات الآلهة، وأمام كل زورق يظهر كاهن يحرق البخور وكاهن آخر يرش الحليب، ويعلن نافخوا الأبواق انطلاق الموكب، الذى يتقدمه رجل في لباس عسكري ينشد ترنيمة تمجد أمون رع.

وعلى طول مسار الرحلة، تقام الاحتفالات بمشاركة الجنود على عرباتهم الحربية، ومعهم حملة الأعلام والشعارات الملكية والموسيقيون وعازفوا الأبواق والطبول والراقصون، وتصل الاحتفالات ذروتها عند الاقتراب من ميناء "معبد الأقصر"، فتبدأ مراسم ذبح الأضاحي، التي يتم تقديمها كقرابين للآلهة، وتوزيعها على المشاركين في الاحتفال.

وبعد تباطؤ مقصود قبل الدخول إلى قلب المعبد، يدخل الموكب إلى "قدس أقداس" المعبد، ليستقر تمثال آمون هناك، وتستمر الاحتفالات طوال مدة إقامة الإله أمون والثالوث المقدس بمعبد الأقصر، وفي عهد الأسرة الثامنة عشر كانت الاحتفالات تتواصل 11 يوما، وزادت المدة حتى 27 يوما في عهد الأسرة العشرين، وفى بعض الأحيان، كان الموكب يتخذ الطريق البرى الممتد من "معبد الكرنك" وحتى "معبد الأقصر" بطول 2700 متر، والمتميز بانتشار 1200 تمثال لأبو الهول، برأس إنسان وجسم أسد. وكان يتم ترجيح الطريق البرى وقت انخفاض منسوب النيل.

وبدأت أعمال الحفائر بالطريق في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بواسطة الأثري زكريا غنيم، تبعه الدكتور محمد عبد القادر الذي اكتشف بداية الطريق عند معبد الأقصر في الخمسينيات، ثم قام الدكتور محمود عبد الرازق بالكشف عن أجزاء من الطريق عند معبد الأقصر خلال حقبة الستينيات، وبعد فترة توقف قام الدكتور محمد الصغير بالكشف عن أجزاء مختلفة من الطريق في منتصفه وعند بدايته بجوار معبد الكرنك خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة، تلاه الدكتور منصور بريك الذي قام بالكشف عن باقي أجزاء الطريق خلال الفترة من 2006م حتى 2011م إلى أن توقف العمل بعد ثورة يناير لنقص الاعتمادات المالية.

ومن المقرر خلال هذه الإحتفالية افتتاح عدة مشروعات آثرية أخرى، فالمشروع الأول المرتقب افتتاحه مع افتتاح طريق الكباش، هو تركيب وترميم تمثال الملك تحتمس الثاني، والذي يعاني من التكسير منذ 1600 سنة، وكان عبارة عن 74 قطعة جرى تجميعها وترميمها بشكل كامل.

التمثال الذي جرى ترميمه هو أحد ثلاثة تماثيل للملك، إذ حكم تحتمس مصر لفترة وجيزة قبل وفاته، وهو زوج الملك حتشبسوت، ويبلغ ارتفاع التمثال بعد ترميمه نحو 11 مترا، وهو من أضخم التماثيل بمعابد الكرنك، واستغرق ترميمه نحو 6 أشهر.

والمشروع الثاني هو الإعلان عن الانتهاء من ترميم تمثال الملك "توت عنخ آمون"،  في صورة  "آمون"، واستغرق ترميمه أكثر من عام.

أما المشروع الثالث فهو يتعلق بصالة الأعمدة الكبرى والتي تضم 134 عمودا، حيث جرى العمل على ترميم 12 عمودا خلال فترة 4 أشهر، شارك فيها أكثر من 130 من شباب  الخريجين".

 

 

Egypt Air