الأربعاء 22 مايو 2024

موكب طريق الكباش| الثالوث المقدس.. بطل حفل افتتاح طريق الكباش

طريق الكباش

ثقافة25-11-2021 | 18:25

عبدالله مسعد

يبدأ حفل افتتاح طريق الكباش مع غروب مساء اليوم الخميس الموافق 25 نوفمبر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء وكبار رجال الدولة، بالإضافة إلى عدد من الوفود الدولية من مختلف أنحاء العالم.

وستكون البداية بإنارة بانورامية تدريجية لمعبد الأقصر وطريق الكباش على طول حوالى 3 كيلومترات، وفي نفس اللحظة يجرى إنارة البر الغربي ومعبد حتشبسوت وتمثالي "ممنون" لتنطلق أضواء الليزر وتعانق السماء من النيل، كما تتحرك 3 ذهبيات عائمة صُممت على الطراز الفرعوني، وترمز لثالوث المعبودات الفرعونية "آمون وموت وخنسو".

كما ستنطلق مراكب شراعية ملونة بألوان هوية الأقصر البصرية، كما تنطلق عدد من المناطيد في سماء الأقصر احتفالًا بالافتتاح، ومن داخل معبد الأقصر تبدأ الاحتفالية الرسمية بخروج 3 محفات ترمز للثالوث المقدس، يحملها شباب بملابس فرعونية ويتقدمهم حاملو البيارق، ليخرجوا من قدس الأقداس عبر الصرح الأول للمعبد، وصولًا لتماثيل أبوالهول، إذ بداية طريق الكباش، ومع بداية الموكب تعزف الأوركسترا الفيلهارموني بقيادة المايسترو نادر عباسي، والتي ستعزف الموسيقى الفرعونية، ومن ثم أنشودة آمون، والتي يعاد إحياؤها بنفس الكلمات الفرعونية.

وأول هذا الثالوث المقدس هو "الإله آمون" وهو المعبود الرسمي للمملكة المصرية القديمة في معظم الفترات التاريخية، وهو سيد الآلهة المصرية القديمة وخالق الأرض والسماء في التاريخ المصري القديم، وكانت كلمة آمون في اللغة المصرية القديمة تعنى «الخفي، المحتجب، الباطن، السر، الغيب»، وجميعها ترجمات لكلمة «آمون»، ويُقال أن كلمة "آمين" التي تُقال في ختام الأدعية ما هى إلا تحريف لكلمة "آمون" التي تغيرت من تغير نطق الكلمات لدى المصريين، الذين تميزوا بوجود بعض الحروف الساكنة التى لا تنطق في أغلب لهجاتهم، فتحولت كلمة "آمون"، إلى "آمين".

آمون هو رب الشمس، ورمز إليه بالشمس بين قرنين الكبش الذى أخذ صفات المعبود «رع»، وهو رب الخصوبة وأخذ صفات المعبود «مين»، وهو رب الريح أيضًا حيث أخذ صفات المعبود «شو»، ورب الحروب كذلك متخذًا بذلك هيئة المعبود «منتو» معبود مدينة أرمنت، والذى أخذ منه «آمون» كل صفاته الحربية، وأمه المعبودة «نوت» ربة السماء، فهو الشمس التى تُلقّح أمه كل يوم ليولد من جديد متخذًا بذلك صفة المعبود «جب» معبود الأرض والمعبود «مين»، كما أطلق عليه لقب «جسد رع المتوفي».

ورد اسم «آمون» لأول مرة في عصر الدولة الوسطى على لوحين من الأسرة الحادية عشرة، عُثر على أحدهما في مقبرة الملك «إنتف عا» بمنطقة «القرنة»، حيث وردت به عبارة «pr-Imn»، أى «بيت»، أو معبد «آمون»، أما اللوح الثانى فقد سجلت عليه أنشودة موجهة إلى كل من الربة «حتحور» والرب «آمون»، واللوح خاص بالملك «إنتف واح عنخ» «إنتف الثاني»، وعثر عليه بجبانة «دراع أبوالنجا»، ومحفوظ الآن بمتحف «متروبوليتان» في نيويورك.

كانت عبادة آمون والديانة المرتبطة بها من أعقد ثيولوجيات مصر القديمة، ففى أسمى صوره كان «أمن-رع» إلها خفيا مثلما يعنى اسمه، ولكن لاهوتيا فلم يكن الإله وحده خفيا، بل إن اسمه خفى أيضا وأن شكله لا يمكن إدراكه، كما أن الغموض المحيط بآمون سببه هو كماله المطلق، بحيث ظل منفصلا عن الكون المخلوق، مرتبطا بالهواء مما سهل له الترقى كإله أعلى، خالقًا لنفسه، وبتوحده مع رَع، الشمس، تجلى آمون للخلق، ولهذا جمع «أمن-رع» في نفسه النقيضين الإلهيين، فهو بصفته آمون كان خفيا وغامضا ومنفصلا عن العالم، وبصفته «رع» كان جليا وظاهرا ومانحا للحياة اليومية، كما مثل ارتباطه بماعت المفهوم المصرى للعدل والتوازن في الكون.

بالإضافة إلى المعبود «خونسو» أو «خونس»، الذي هو ابن الإله آمون من الإله "موت"، هو إله القمر في الديانة المصرية القديمة، وابن «آمون» و«موت» في ثالوث طيبة، و«خونسو» يعنى العابر، بل يُعد إشارة أيضًا في عالم الموتى إلى عبور المتوفى للعالم، مثله في ذلك مثل القمر، ويعتبر المعبود «خونسو» ابنًا للمعبود «آمون»، وكان يمثّل في شكل رجل له رأس صقر يعلوه قرص قمرى، كما ظهر أيضًا في صورة مومياء أو طفل يعتبر أحد آلهة القمر، أو رداء ضيق محكم، لذا فإن يديه قد تكونان كلها أو نصفيًا غير مقيدتين، ويعلو رأسه الهلال والقمر، وتتدلى من رأسه خصلة شعر، وعادة ما يقبض على مجموعة من الشارات والصولجانات، وأحيانًا ما يصور برأس الصقر كرب سماوى، ويميز عن المعبودين «رع» و«حـور» بقرص القمر والهلال.


معبد خونسو من أجمل وأهم المعابد بالكرنك، وهو نموذج كامل للمعبد المصرى القديم، بدأ بناءه الملك «رمسيس الثالث» ثانى ملوك الأسرة العشرين سنة ١١٩٨ قبل الميلاد، ثم زاد فيه من بعده ولده «رمسيس الرابع»، ثم «رمسيس الحادى عشر»، وأخيرًا أتمه «حريحور» رئيس الكهنة، الذى أصبح ملكًا «فرعونًا» عام ١٠٨٥ ق. م، وهو آخر ملوك الأسرة العشرين، ويظهر «خونسو» على هيئة إنسان أو صقر، مرتديًا ثوبًا ضيقًا يُغطى جسده، ويحمل على رأسه الهلال، يحيط به قرص القمر الكامل، وتتدلى من جانب رأسه ضفيرة، في إشارة إلى دوره ابنًا في ثالوث طيبة، ويُعتبر القرد البابون أحد رموزه الدينية كرب للقمر، على الرغم من أن «خونسو» نفسه لا يصور في هيئة القرد كثيرًا، بخلاف المعبود «چحوتى»، والذى يصور عادة في هيئة القرد، وله ألقاب كثيرة منها «خنسو السامى العقل»، و«خونسو المدبّر في طيبة»، و«المعبود الذى يطرد الأرواح الشريرة».

تُعتبر «طيبة» هى مكان العبادة الرئيسى للمعبود «خونسو» كأحد أعضاء الثالوث الخاص بها، إلا أنه وجدت له العديد من المقاصير الخاصة بالعبادة في أماكن عدة في أرجاء البلاد، ومعبده في نطاق معابد «الكرنك» من عصر الملك «رمسيس الثالث»، وتم توسيعه بواسطة عدد من خلفائه.

وكان «خونسو» يشارك في العديد من الاحتفالات والأعياد الدينية، مثل «عيد بداية السنة»، حيث كان تمثاله المقدس ينتقل في مركب من معبده في «الكرنك» إلى معبد «الأقصر»، حيث يشارك أبويه «آمون» و«موت» في الاحتفالات، وجسدته النقوش المختلفة كطفل أو شاب، حيث يضع على رأسه خصلة الشعر الجانبية، وتشبه ملامح وجهه ملامح الملك توت عنخ آمون، كما أن له تمثالا يُعرف «خونسو» على أنه بتاح، الأمر الذى يفسر وجود مناظر عبادة بتاح في مقصورة خونسو الموجودة في الفناء الكبير المفتوح بمعبد آمون في الكرنك.