سلطت صحيفة "النهار" الكويتية، الضوء على الحدث العالمي الذي شهدته مدينة الأقصر أمس، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، في احتفالية أسطورية مهيبة لفعالية (الأقصر.. طريق الكباش)، بحضور السيدة انتصار قرينة الرئيس، وسط اهتمام عالمي بهذا الحدث الذي يجسد عظمة وعراقة الحضارة المصرية الممتدة على مدى آلاف السنين، وانعكس إشعاعها الحضاري على شتى بقاع العالم.
وأبرزت الصحيفة، أن أنظار العالم اتجهت إلى مدينة الأقصر السياحية جنوبي مصر، مساء أمس الخميس، لمتابعة الاحتفال بافتتاح طريق الكباش الأثري الذي يعد أقدم طريق أثري في العالم وذلك بعد الانتهاء من مشروع تطويره، ويعد كذلك بانوراما فرعونية في الأقصر.
وقال المدير العام لآثار متحف الكرنك مصطفى الصغير - خلال الاحتفالية - : "إن كل الجهات المعنية التي تولت تصميم وتنفيذ عروض الحفل العالمي، تواصل العمل ليل نهار لإنجاز الحفل، الذي سيحضره زائرون من كل دول العالم".
وشهد الحفل تنفيذ محاكاة لاحتفالات عيد "الأوبت"، أهم أعياد التقويم في مصر القديمة، ويرمز إلى "تجديد شباب ملوك الفراعنة من وحي الطبيعة"، وكان يُقام سنويًا في طريق الكباش أثناء موسم الحصاد بداية من عصر الدولة الحديثة خلال أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر.
يشار إلى أنه جرى تجميل وتزيين الطريق الذي سيشهد الاحتفالية الكبرى، عبر إضافة إضاءات ليلية مبهرة بطول الطريق، حيث سيكون بمقدور المصريين والسائحين الأجانب مشاهدة الآثار عبر أجواء تستلهم عبق التاريخ، مع رصف الطريق ببلاطات من الحجر الرملي، وترميم بعض أجزائه لتظل على الحالة الأثرية نفسها التي كان عليها تاريخياً في زمن المصريين القدماء.
وخلال الأيام الماضية توافد الكثير من المصريين والأجانب على الطريق الذي يشهد بروفات الاحتفالية، والتقطوا صورًا تذكارية لتماثيل الكباش والمراكب المقدسة التي ستتحرك على الطريق في موكب ملكي مهيب أثناء الفعاليات، بجانب أطفال المدارس الذين سيشاركون في الحفل بالزي الفرعوني.
الاهتمام الحكومي وزخم الإعلام المحلي بمتابعة ترتيبات حفل افتتاح طريق الكباش، يعيدان للأذهان الاحتفالية الكبرى التي نظمتها مصر في أبريل الماضي، لمصاحبة نقل مومياوات 22 ملكا فرعونيا من المتحف المصري إلى متحف الحضارات، فيما عرف إعلاميا بموكب المومياوات الملكية.
حفل مختلف
وتوقع مدير آثار مصر العليا بالأقصر فتحي ياسين أن تشهد الأقصر طفرة سياحية بعد افتتاح طريق الكباش الأثري الذي يعد جزءًا من تاريخ الإنسانية، قائلاً إن افتتاح هذا الطريق أمام الجمهور للمرة الأولى هو ثمرة سنوات من العمل الشاق الذي شارك فيه عدد ضخم من الأثريين والمرممين وعمال الحفائر.
وأوضح أن مشروع تطوير طريق الكباش بدأ في 2007 وتوقف في 2011، ثم استؤنف العمل في 2017 حتى العام الجاري، مضيفًا أن مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة الفرعونية المقدسة كانت تستمر فترة تتراوح بين 11 إلى 27 يومًا وتتضمن مراسم شعبية ومراسم رسمية تتمثل في موكب مهيب ينطلق من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بمشاركة الإله آمون والإله خونسو والإله موت.
ويعرف طريق الكباش بأنه طريق مواكب الآلهة ويعود لعصر الأسرة الثامنة عشرة من الدولة المصرية القديمة في عهد الملكة حتشبسوت للاحتفال بموسم الفيضان، فيما عرف بعيد الأوبت قبل أن يندثر الطريق تحت الأرض بمرور القرون وتعاقب الأزمنة.
ويقع طريق الكباش في مدينة الأقصر التي كانت قديما تسمى "طيبة"، وهي عاصمة مصر لمدة طويلة خلال عصور الدولة الفرعونية الوسطى والحديثة، وأضيفت طيبة القديمة ومقابرها إلى قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 1979، وفق الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار.
ويربط طريق الكباش بين معبد الأقصر جنوبا ومعبد الكرنك شمالا بطول 2750 مترًا وعرض 76 مترًا، وعلى جانبيه توجد تماثيل يرجع تاريخها لأكثر من 3500 سنة، يبلغ عددها 1059 تمثالاً، ويفصل بين كل منها 4 أمتار.
وتأخذ تماثيل طريق الكباش شكلين: الأول هو جسم أسد ورأس إنسان (أبو الهول)، والثاني هو هيئة الكبش كرمز لأحد الآلهة عند الفراعنة وهو "أمون رع"، وتستقر جميع التماثيل فوق قواعد حجرية.
وقد بدأ الملك "أمنحتب الثالث" من الأسرة الثامنة عشرة تشييد هذا الطريق، لكن الجانب الأكبر من التأسيس حتى تمام البناء كان في عهد الملك «نختنبو الأول»، مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية، آخر أسر مصر القديمة.
وأطلق المصري القديم على طريق الكباش اسم "وات نثر"، أي طريق الإله، وأقام فيه الاحتفالات بعدة أعياد، مثل: عيد تتويج الملك، وعيد الآوبت وهو عيد الحصاد عند الفراعنة، وكان طريقا لمواكب كبرى ملكية في الزمن القديم.
من جانبه، وصف الدكتور زاهي حواس العالم الأثري الكبير الحدث بأنه أهم مشروع أثري تم في القرن الواحد والعشرين، مضيفًا أن حضور وتشريف الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذا الحدث رسالة للعالم كله أن مصر تهتم بآثارها وتقدمها للعالم أجمع لأنها ليست ملكًا لها ولكن للعالم والإنسانية كلها، كما تأتي أهمية هذا الحدث بأنه سيعمل بشكل كبير على جذب السياحة وتشجيع السياح حول العالم لزيارة مصر بشكل عام والأقصر بشكل خاص.
وعبر الدكتور زاهي حواس عن سعادته وفخره الكبير لافتتاح المشروع والكشف عن طريق المواكب الكبرى من جديد أمام العالم، حيث قال إن هذا المشروع بدأ منذ عام 2005 عن طريق مجموعة ضخمة من كبار الاثريين مصر وأكثر من 1000 عامل، وجاء الدكتور خالد العناني واستكمل المشروع بمجهود وصفه بالجبار ليقدم للعالم طريق الكباش من جديد.