في تحقيق شيق كتبه الصحفي المجتهد جميل الباجوري، بمجلة الكواكب بتاريخ 29 نوفمبر 1960، أي من 61 عاما بالتمام والكمال، أكد أولا أن كوكب الشرق ستغني بعد يومين في حفلها الشهري الجديد أغنيتين جديدتين، وهما "حب إيه" تأليف الشاعر عبد الوهاب محمد، والأخرى "هو صحيح الهوى غلاب" كلمات الشاعر بيرم التونسي، وتعود بها ثومة للغناء من ألحان الشيخ زكريا أحمد بعد خصام دام طويلا، أما أغنية "حب إيه" فهي من ألحان بليغ حمدي .. وفي السطور التالية التفاصيل الشيقة عن ميلاد الأغنيتين.
أكد جميل الباجوري أن قصة أغنية "حب إيه" هي نفسها قصة حب الشاعر عبد الوهاب محمد نفسه، عاش أحداثها وأخلص لحبيبته من كل قلبه، لكنها كانت تخون الوداد، ثم عادت لتصارحه بحبها ولم يصدقها وصرخ فيها باكيا "حب ايه اللي جاية تكلميني عليه؟"، وذهب عبد الوهاب محمد إلى صديقه بليغ حمدي الذي كان يعلم بقصة حبه، ولما سأله بليغ وعرف منه ما حدث، أخبره أن تساؤله هذا لحبيبته المستهترة يصلح ليكون مطلعا لأغنية، وكان لقاؤهما في دار سينما ريفولي بالقرب من صالة الشاي، فجزبه بليغ من ذراعه ليجلسا هناك وليكتب بدموعه قصة حبه.
بعد أن انتهى عبد الوهاب محمد من كتابة الأغنية أخذها منه بليغ وعاشت معه أياما طويلة، بعدها أخبر الشاعر بأن السيدة أم كلثوم تريد أن تراه، وسأله الشاعر، لماذا تريد أن تراني؟ فقال له أنها استمعت إلى الكلام الذي كتبته وتريد أن تراك، وفي اليوم التالي ذهب لمقابلة أم كلثوم وأبلغها بسعادته أن الكلمات أعجبتها، وطلبت منه أن يغير الكوبليه الثاني الذي يقول فيه:
سيبني اعيش من غير وجودك .. سيبني في حرمان جديد
طيفك ارحم من وجودك .. والبعيد عنك سعيد
وطلبت منه كوكب الشرق أن يوحد القفلات كلها لتكون:
انت فين والحب فين .. ظالمه ليه دايما معاك؟
انت لو حبيت يومين .. كان هواك خلاك ملاك
استمر ذلك اللقاء ساعتين تم فيهما التعديل والاتفاق على كل شئ، ولم ير عبد الوهاب محمد أم كلثوم إلا عندما استدعته لتسجيل الأغنية على أسطوانة من ألحان بليغ حمدي، وذهب إليها وهو يحمل معه أغنية جديدة وهي "فكروني".
أما الأغنية الجديدة الأخرى فكانت "هو صحيح" تأليف بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد، وهي أغنية من ثلاث اتفقت مع الشيخ زكريا على غنائها بعد الصلح بينهما .. وبالفعل في يوم الخميس 1 ديسمير 1960 شدت أم كلثوم في وصلتها الأولى بدار سينما أوبرا بأغنية "هجرتك" ثم "حب إيه" واختتمت الحفل بأغنية "هو صحيح الهوى غلاب".
