الخميس 2 مايو 2024

القاهرة كامبالا

مقالات2-12-2021 | 12:17

كنا قد تجاوزنا منتصف النهار بقليل، حين وصلنا مدينة جينجا التي تبعد عن العاصمة الأوغندية كامبالا بنحو تسعين كليومترا.

إرهاق أربع ساعات ونصف الساعة في الطريق المزدحم دوما لم يمنعنا من الاستمتاع بمدخل المدينة البديع، حيث يمتد جسر حديث أعلى مجرى نهر النيل العظيم فيما يكسو اللون الأخضر شوارع المدينة بأشجار باسقة تلقي بظلالها على العابرين.

لم يتبق سوى عدة كيلومترات لبلوغ نبع النهر الخالد عند بحيرة فيكتوريا وها هي اللوحات الإرشادية تدلنا على الطريق.

ظهر علم مصر محتضنا القارة السمراء على إحداها ليدلنا على حضور مصري لافت في تلك البقعة المهمة للأمن المائي المصري، مركز طبي مصري يقدم خدماته للأشقاء الأوغنديين، سبقه بعقود طويلة مقر بعثة الري المصرية في المدينة، تماما كما هو الحال في العديد من المدن بدول حوض النيل.

حضور مصري يرسخ المنهج المتبع في السنوات الأخيرة مع الأشقاء الأفارقة والذي يركز على مشروعات تنموية واجتماعية متنوعة ضمن استراتيجية التعاون والشراكة التي تتبناها مصر.

تحدثت مرافقتي الزميلة الأوغندية فريدة بحماس: الأوغنديون يقدرون المصريين جدا ويعتبرونهم أشقاء ثم تضيف ضاحكة رغم اختلاف لون البشرة الواضح بيننا وبينكم، يشاركها زميلي حسام الضحك معلقا: ليس إلى هذا الحد فالمصريون في أسوان والنوبة يحملون ذات لون البشرة .

وتواصل فريدة: الرئيس موسيفيني يقدر عاليا الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ويعتبره من القادة العظام، وأعتقد أن علاقته بالرئيس السيسي أيضا جيدة.

لم تخطأ فريدة فيما قالت فالرئيس موسيفيني صرح في كثير من المناسبات بتقديره لزعيم مصر التاريخي جمال عبد الناصر، وأكد غير مرة اعتزازه بالرئيس السيسي وبالعلاقات المصرية الأوغندية في عهده. 

نحو ثلاث ساعات أمضيناها في المدينة، زرنا خلالها نبع النيل وتحدثنا مع مواطنين أوغنديين يعملون بالصيد ويعيشون على ضفاف النهر الذي يعد مصدر رزقهم الوحيد.

بمجرد أن يعرفوا أننا مصريين يبدأون بالحديث عن العلاقات التاريخية بين البلدين ويعربون عن رغبتهم في زيارة مصر.

قال أحدهم: تمنيت لو أن بوسعي الإبحار في مياه النيل حتى أصل إلى مصر، أمنية هذا الشاب الأوغندي لم تعد مجرد حلم بل هي مشروع بدأ تنفيذه بالفعل، سيكون مشروعا ضخما يصل بحيرة فيكتوريا حيث نبع النيل بمصبه في البحر المتوسط.

 وقد قدم البنك التنموي الإفريقي 650 ألف دولار للمشروع ووفقا لوزير النقل المصري كامل الوزير فقد تم تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع والانتهاء من نحو ألفين كيلومتر منه بالتعاون بين وزارة النقل وقطاع النقل النهري بوزارة الري المصرية حيث تم تنفيذ عمليات التطوير بميناء وادي حلفا .

هذا المشروع الضخم سيحدث نقلة كبرى في العلاقات بين الدول الإفريقية ويسهم في رفع معدلات التنمية لدول حوض النيل، هكذا تحدث إليّ السفير المصري في أوغندا أشرف سويلم الذي التقيته في اليوم التالي لزيارتي مدينة جينجا.. مضيفا: إن العلاقات المصرية الأوغندية في غاية الأهمية وهناك رغبة أكيدة لتعزيز التعاون بين البلدين في السنوات المقبلة .

كان الحديث مع السفير أشرف سويلم مفيدا وممتعا في آن، فالرجل ابن بار لمدرسة الدبلوماسية المصرية التي تعي جيدا أبعاد ومحددات الأمن القومي المصري، وتكرس جهودها وخبراتها المتراكمة لخدمة بلادها والدفاع عن مصالحها.

قال السفير فيما قال: الحضور المصري في أوغندا متنوع الأشكال، فإلى جانب بعثة الري المصرية هناك علماء الأزهر ووزارة الأوقاف، ومشروعات الخدمة العامة التي تبنتها الدولة المصرية، وكذلك الشركات المصرية العاملة في مجال البنية الأساسية وتنفيذ مشروعات كبرى في العاصمة كمبالا وغيرها، فضلا عن الحضور الدبلوماسي الذي يعكس ثقل مصر في القارة السمراء.

حضور يؤكد أن سنوات القطيعة التي كانت بين مصر وإفريقيا قد ذهبت إلى غير رجعة، وأن نوبة الصحيان التي أطلقها الرئيس السيسي في 2014 للتوجه نحو الأشقاء الأفارقة سترسم مستقبل العلاقات بين مصر والدول الإفريقية في السنوات المقبلة بما يحقق التنمية والرخاء للجميع.

Dr.Randa
Dr.Radwa