الأحد 20 اكتوبر 2024

إنى أعترف

13-6-2017 | 10:37

بقلم : محمد المكاوى

أعترف أن قرار اللجنة الوطنية للصحافة كان مفاجئا لي.. رغم تناثر الأخبار من هنا وهناك والتى تؤكد علي اختياري لهذا المنصب وبصراحة لم أكترث كثيرا للأمر لأسباب عدة ربما يكون من بينها أنني سبق وأن سمعت مثل هذه التكهنات والتوقعات قبل أكثر من 10 سنوات سرعان ما يتضح أنها كانت مجرد تخمينات وتمنيات من أصحابها، ثانيا وبصراحة أكثر أنني لدي عقدة ممن سبقوني في تولي هذا المنصب من أساتذتي وتحديداً منذ أن فاجأتنا الأستاذة الراحلة حسن شاه في أحد اجتماعات التحرير بقولها - وكنا لا نزال في بداية الطريق- «أنها شربت أكبر مقلب في حياتها عندما قبلت هذا المنصب لأنها لم تكن علي دراية بحال دار الهلال» وتكررت هذه العبارة علي مسامعي أيام أستاذنا الجليل الراحل.. «رجاء النقاش» عندما قال: «قبولي رئاسة تحرير الكواكب مقلب كبير بعد هذا العمر الطويل» وبالمصادفة أيضا قالها بعده بسنوات الأستاذ «محمود سعد» عندما كتب في أحد مقالاته علي صفحاته الكواكب «لم أكن أدري أن هذا المنصب أكبر مقلب في حياتي».. وظلت هذه العبارة محفورة في ذاكرتي واضعا نصب عيني المشاكل والصعاب التي يواجهها من يتولي رئاسة التحرير في مؤسستنا العريقة.

ويعلم الله أنني لم أسع لهذا المنصب علي اعتبار أنه لم يعد من بين طموحاتي المهنية لأنني علي يقين أن المناصب عندما لا تأتي في وقتها تصبح بلا طعم وتفقد الكثير من بهجتها وزهوتها.. صحيح «أن كل تأخيرة وفيها خيرة» وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا، ولكن أنا أتكلم عن مشاعري الخاصة وإحساسي بصدي هذا الاختيار في نفسي.

وطبعا كل أصدقائي وأهلي يعلمون جيداً أن مجرد العمل في «الكواكب» كان أحد أحلامي لأنها معشوقتي منذ سنوات الصبا والشباب ومازلت أذكر صورتي وأنا احتضنها بفرحة غامرة عندما أشتريتها من «عم أحمد» بائع الجرائد وهو يمر أمام بيتنا وأوصيه ألا ينساني في الأسبوع المقبل ويحجز لي عددا منها قبل نفادها من الأسواق وكم كنت سعيدا وأنا أري نجومي المفضلين علي أغلفتها بل إن «الكواكب» كانت تصدر في سنوات السبعينيات عددا خاصا في شهر نوفمبر من كل عام تطلق عليه «عدد الموسم» بنفس سعرها العادي وعدد صفحاته أضعاف صفحات العدد العادي.. كنت أتابع كيف تصنع نجوم الفن وتطلقهم إلي عالم الأضواء والشهرة والنجومية والإبداع وبعد تخرجي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة ضمن دفعة 85 - أشهر دفعات الكلية نجاحا ومهنية - كانت «الكواكب» هي قبلتي وهدفي ومبتغاي ووجدتني أطرق بابها طالبا الانضمام إلي أسرة تحريرها لتبدأ رحلة عملي فيها منذ ذلك العام محررا ثم سكرتيرا للتحرير ثم مديرا للتحرير وتشرفت خلالها بالعمل مع زملاء وأصدقاء أعزاء تولوا مسئولية هذا المنصب قبلي ولكن ما أسعدني وقتها هو احساسي أن جيلي بدأ يتحمل المسئولية.

الكلام كثير.. وذكرياتي في «الكواكب» لا تنتهي .. عشت فيها أجمل سنوات العمر بكل الحب وكل الآلام ولم أكن أنوي الكتابة عنها في هذا المقال ولكن تداعيات اختياري رئيسا لتحريرها هو ما جعل شريط الذكريات يتداعي أمامي رغما عني وأنا استلم مهام عملي بعد الزميلة العزيزة الأستاذة «أمينة الشريف» التي منحت الكواكب كل وقتها وجهدها وعصارة خبرتها ووضعت بصمات لا يمكن لأحد إنكارها بل أكاد أزعم لم يحققها أي رئيس تحرير قبلها فأعادت للمكان مكانته التي تليق بالكواكب وأبنائها تماما كما أعطت للمجلة بريقا أعاد لها بعضا من مجدها المفقود قبل سنوات ماضية ولا أملك إلا أن أقدم لها كل التحية علي كل ما بذلته من جهد ساهم في تطوير المجلة فى الشكل والمضمون ونرحب بها دائما ككاتبة كبيرة صاحبة قلم و فكر ورأي مستنير قادر علي التأثير في رسم ملامح حياتنا الفنية والثقافية، ولتسمح لي أسرة «الكواكب» بأن نتوجه إليها جميعا بالشكر والتقدير والعرفان آملين أن نواصل ما بدأته من تطوير لنستكمل هذا البناء بما يجعله في الصدارة دائما خاصة والجميع يعلم أن العمل الصحفى هو نتاج جهد جماعي فدعوني أضع يدي في أيديكم لبذل كل الجهد ولعلنا نضيف شيئا له قيمة تتذكرنا به الأجيال المقبلة وأنا أثق فى زملائي وأصدقائي وفي كفاءتكم وقدرتكم ومهنيتكم كل في موقعه.. لنبدأ والله الموفق.