الإثنين 20 مايو 2024

الدغيدي: المنتجون ضيعوا السينما المصرية.. والجمهور سبب نجاح الأفلام الهابطة

5-2-2017 | 00:21

 – المنتجون ضيعوا السينما المصرية.. والجمهور سبب نجاح الأفلام الهابطة

- محمد رمضان ممثل لديه قدرات فنية كبيرة لكنه لا يجيد اختيار أدواره

- جئت في زمن يشهد ردة فكرية.. وأحد أسباب تميزي أنني امرأة في مجتمع ذكوري

- لم أتوجه إلى التمثيل حفاظًا على وعد قطعته على نفسي.. وأعتبر أن المخرج يمتلك صفة إلهية

- الدولة فقيرة ولا تستطيع إنتاج أفلام سينمائية.. لكن عليها فرض سيطرتها على صالات العرض

 

شهدت ندوة المخرجة السينمائية إيناس الدغيدي التي أقيمت أمس السبت، 4 فبراير، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وأدارها الناقد الفني نادر عدلي – نقاشا حادا بينها وبين الجمهور حول عدد من القضايا المهمة، وجاء على رأس هذه القضايا، ما صرحت به سابقًا للإعلام حول إقامة علاقات جنسية بين الرجل والمرأة قبل الزواج، وقد احتج أحد الحضور على رأيها مستشهدًا بآيات قرآنية تقتطع بحرمانية هذا الفعل، إلا أن "الدغيدي"، أوضحت أن رأيها لا يتنافى مع الدين، قائلة:"إن الزواج قائم على العرض، والقبول، والإشهار، ولهذا فإن حدث إشهار وإعلان بإقامة علاقة جنسية بين رجل مرأة فإن هذا يُعد زواجا حتى وإن كان بدون عقد".

 وتطرقت الدغيدي إلى القضايا المحرمة في السينما حسب وصف الجمهور، وهي "الجنس"، وقالت إن الإعلام والإنترنت كسر هذا التابوه، وأصبحت هناك برامج تليفزيونية تتحدث بجرأة عن العلاقة الجنسية بين الزوجين، مشيرة إلى أن تعامل السينما مع هذا الموضوع يكون في إطار حرص شديد نظرًا للعادات والتقاليد التي تعتبر أنها موروثات يصعب التخلص منها.

وانتقلت المخرجة إيناس الدغيدي للحديث عن واقع السينما الآن، وأكدت أن السينما الآن أصبحت ترفض المخرجين المهمين، أصحاب الفكر والمهتمين بتقديم قضايا حقيقية، في حين أصبحت تستقبل الأفلام الكوميدية المُسفة، وأفلام البلطجة، وهو ما أدى إلى تراجع السينما بشكل كبير، وضياع ثقافتنا، مشيرة إلى أن السينما المصرية على مدار تاريخها هي الواصل بين الشعب المصري، وكل الشعوب العربية، أما الآن فانصرفوا عن متابعة السينما المصرية، وعن متابعة الفنانين الجدد.

وأضافت "الدغيدي"، أن الجمهور أحد أسباب نجاح الأفلام الهابطة، وأن المنتجين يقبلون على إنتاج هذه الأفلام بسبب تحقيقها إيرادات تتخطى في بعض الأحيان إلى خمسة ملايين، وبحجة "أن الجمهور عايز كدة". موضحة أن الجمهور إذا امتنع عن الذهاب لهذه الأفلام، لما أقبل المنتجون على صناعتها.

وأكدت "الدغيدي"، أن السينما لا تعتمد على المخرجين فقط، إنما رأس المال أصبح هو المتحكم الأساسي في السينما المصرية، وأصبح المنتجين يتعاملون معها بشكل تجاري مادي، مشيرة إلى عدم رفضها مع هذه النوعية من المنتجين بشرط أن يؤمن بنفس أهدافها في صناعة الفيلم.

وردًا على سؤال أحد الجمهور لها عن رأيها في الممثل محمد رمضان، قالت إيناس الدغيدي، إن محمد رمضان ممثل جيد ومجتهد، ولديه الإمكانيات التي تؤهله لأن يكون ممثلا ناجحًا على جميع المستويات في حال إذا كان أذكى من أن يترك نفسه يُستغل من قبل بعض المنتجين، لأن استغلاله – حسب رأيها - قد يقضي عليه، مضيفة أن عليه الخروج بذكاء من المنطقة التي حوصر فيها، بتقديم نوعية مختلفة من الأفلام.

وردًا على إحدى المداخلات حول دور الدولة في مساندة السينما المصرية، أكدت "الدغيدي" إدراكها التام أن الدولة الآن فقيرة، ولا تستطيع تقديم إنتاج سينمائي، معتبرة أن دور الدولة في هذه الفترة هو عدم فرض رسوم ضريبية كبيرة على الأفلام، وأن تجعل دور العرض تحت سيطرتها، وأن تضع قوانين لطرح الأفلام، ومدة عرضها بالتساوي، مشيرة إلى احتكار صالات العرض، في تحديد فترة عرض الفيلم، وكيف أن الإدارة يمكن أن ترفع فيلمًا في اليوم الثاني من عرضه لمجرد أنه لم يحقق أرباحًا جيدة.

ورأت "الدغيدي"، أن المخرج والكاتب في سلة واحدة، معتبرة أن الكاتب يصنع الجسد، والمخرج يضع الروح لهذا الجسد، ولذلك فمن حقه أن يتمتع بالحرية في تغيير شكل الجسد، أو يغير الممثلين، قائلة:"إن السيناريو قد يكون سهلا، لكن المخرج يشوهه، ولذلك فالمخرج يمتلك صفة إلهية في وضع الروح للفيلم السينمائي".

وتحدثت إيناس الدغيدي، عن مشوارها في الإخراج السينمائي، والتحديات التي واجهتها كونها امرأة، وما نتج عن ذلك من خوف المنتجين في إسناد أفلام سينمائية لها، ورؤية النقاد التي كانت تقلل من حجمها كمخرجة امرأة، وقالت "الدغيدي"، إن المنتجين كانوا يرون أن مهنة الإخراج صعبة جدًا بالنسبة للمرأة، ولم يتقبلوا فكرة إسناد ميزانية مالية بالملايين لامرأة تتحكم فيها، ولهذا فقد خضت العديد من التحديات حتى أثبت جدارتي واستحقاقي في كوني مخرجة مجتهدة ومختلفة، ولدي فكر أتميز به عن باقي المخرجين، وأشارت إلى بدايتها في الإخراج، وكيف كانت مع المخرجة نادية حمزة، أول مخرجتين بعد فترة انقطاع عن تقديم وجود المخرجات النساء.

وأشارت إلى أنها بدأت كمساعد أول مخرج، لمدة عشر سنوات، وأنها عملت مع كبار المخرجين أمثال صلاح أبو سيف، وكمال الشيخ، مؤكدة أن هذه الفترة الزمنية هي التي صنعت خبرتها كمخرجها، وأفادتها في أفلامها بعد ذلك من حيث شهرة اسمها، وعلاقتها بالمنتجين والفنانين، مؤكدة أن المنتج واصف فايز، آمن بها كمخرجة يمكن إسناد فيلم كامل إليها، وكان هذا تحدي كبير بالنسبة لها.

ونفت "الدغيدي" أنها نجمة، كما وصفها أحد الحضور، مؤكدة أنها تعتز بكونها مخرجة لها وجهة نظر مختلفة في الحياة، ولها بصمة خاصة تنحاز إلى الواقعية الفكرية، كما أرجعت اختلافها عن الآخرين إلى كونها وجدت امرأة في مجتمع ذكوري، يرفض أن تكون المرأة قائدة وناجحة، مشيرة إلى أنها جاءت في زمن ردة الفكر المصري، الذي يرفض الاختلاف ويرفض المرأة، ويرفض الخروج عن الثوابت.

وأوضحت "الدغيدي"أنها لم تتوقع يومًا أن تكون مشهورة، وتلتقي بكبار الفنانين والمثقفين، ورؤساء جمهوريات، مؤكدة أن حياتها مليئة بالكفاح من أجل الوصول لما هي عليه الآن، حيث أنها لم تعتمد على أحد في حياتها، ولم تصل إلى ما وصلت إليه إلا عن طريق اجتهادها الذاتي، ودأبها، وليس من خلال الواسطة، ولهذا فهي تفكر في إخراج فيلم سينمائي عن قصة حياتها، ويكون هو الفيلم الذي تختتم به مسيرتها في الإخراج الفني، مشيرة إلى أنها ستختار الفنانة يسرا لتجسيد شخصيتها.

وأشارت "الدغيدي"، إلى أنها لم تفكر في التمثيل يوم ما، نظرًا لوعد قد قطعته على نفسها من أجل والداها، الذي طلب منها عدم الانخراط في التمثيل، مؤكدة أنها التزمت بهذا الوعد طيلة حياتها، وأن الأدوار الصغيرة التي قامت بها، لم تكن سوى إنقاذ موقف، لتعويض ممثل غاب عن أداء دوره، أو اعتذر عنه.

وحول مستقبل السينما المصرية قالت، إن مستقبلها بعيد، نظرًا لقلة الإمكانيات سواء على مستوى الإنتاج، أو التكنولوجيا، وأشارت إلى السينما الأمريكية وكيف إنها تستخدم التكنولوجيا بطريقة مبهرة، بإنتاج يتكلف المليارات، معتبرة أن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث في مصر إلا في المستقبل البعيد، أما الآن فستظل السينما المصرية بشكلها التقليدي المعروف.