الأربعاء 27 نوفمبر 2024

قراءة بين السطور فى زيارة الرئيس لألمانيا

  • 14-6-2017 | 12:57

طباعة

بقلم –  مجدى سبلة

 

فى دعوة هى الثالثة بين أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية والرئيس عبدالفتاح السيسى انتهت الأخيرة بقمة كان يترقبها العالم.. كان عنوانها «الاستثمار فى مستقبل مشترك» بين دول إفريقيا ودول مجموعة العشرين، التى تتحكم فى ثلثى حجم التجارة فى العالم وأكثر من ٩٠٪ من الناتج المحلى العالمى.

وأسفر التعاون المصرى الألمانى بعد ٦ لقاءات تمت خلال عامين ونصف العام الماضية بين الرئيس السيسى والمستشارة ميركل عن دعم ألمانى لمصر قوامه ٥٠٠ مليون دولار لبرامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وتقديم قروض أخرى فى مجالات الزراعة، والتعليم، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والطاقة، واتفاقيات جديدة فى مجالات الكهرباء والنقل وبرامج لتأهيل الشباب لسوق العمل.

لكن كانت هناك أهداف ورسائل كاملة بين السطور فى زيارة الرئيس لألمانيا هذا الأسبوع فى توجيه عدة ضربات متلاحقة للجماعات الإرهابية والجماعة المحظورة، أولها ضرب التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية فى عقر دارها فى المانيا، بالرغم من تواجده فى تركيا وإنجلترا وبرغم حفاظ المانيا على الوجود الأوربى ثم ضرب نفس الجماعة فى تركيا ودويلة قطر المعزولة وفى إطار التكشيرة الأمريكية وغضبة دول الخليج للصغيرة قطر وفضحها وشقيقتها تركيا فى مؤتمر القمة العربية الإسلامية الأمريكية الأخيرة.

أعضاء التنظيم الدولى للإخوان الذين يقدر عددهم بنحو ١٣٠٠ عضو غالبيتهم من المصريين والسوريين، بالإضافة إلى ما يزيد على ٤٠ ألف شخص أعضاء فى المنظمة التركية «رؤيا الملة» موجودة فى ألمانيا، خاصة بعد أن تمكن الإخوان من السيطرة على منظمة رؤيا الملة التركية، عبر علاقاتهم بحزب «العدالة والتنمية التركي»، بالإضافة للمصاهرة بين إبراهيم الزيات وصبرى أربكان الرئيس السابق للمنظمة، كما أن مازيك أيمان رئيس المنظمة الحالي، والأمين العام لمنظمة ميلى جراش الإسلامية التركية أجوز أوشتشو يعدان من الإخوان.

يضاف لذلك أن إبراهيم الزيات الذى يعد من أبرز قادة الإخوان فى ألمانيا ويحمل الجنسية الألمانية وأمه أصولها ألمانية، والزيات يعد من أهم الحلقات المالية للتنظيم الدولى للإخوان، وهو صاحب نفوذ مالى كبير فى الجالية التركية فى ألمانيا، فهو مدير عام لعدد من الشركات الألمانية والتركية، ورئيس مجلس إدارة الزيات للتجارة، ورئيس مجلس إدارة «إس إل إم» لتجارة العقارات والاستثمار، وهى الشركة التى تدير الأعمال العقارية للإخوان فى أوربا وليس ألمانيا فقط، بالإضافة لذلك فهو مسئول أوقاف مؤسسة «رؤيا الملة» التركية، لذلك يعتبر الزيات حلقة الوصل الحقيقية بين أموال الإخوان وأوربا، والتى يتم تمريرها عبر المنظمة التركية، واستغلال وضعه فيها، فى ظل التقارب بين الإخوان والحكومة التركية.

قبل زيارة الرئيس لألمانيا جهز الإخوان الذين يستخدمون عدة تنظيمات فى ألمانيا، تحركات متوقعة تجاه مصر، مثل منتدى «الشباب المسلم الأوربي» ويضم فى عضويته اتحادات الشباب الموجودة فى مختلف دول أوربا ومقره ألمانيا، ومركز «الرسالة»، و«المجلس الإسلامي» فى برلين ويديره الشيخ خضر عبدالمعطى المنسق العام للمجلس الأوربى للأئمة والوعاظ فى أوربا، وهو واحد من أبرز قيادات الإخوان فى التنظيم الدولى، و«الجمعية الإسلامية» فى ألمانيا، وهى مرتبطة بالمركز الإسلامى للإخوان فى ميونيخ ويديره الشيخ أحمد خليفة وهو من أصول مصرية ويعد من أهم الشخصيات الإخوانية فى ألمانيا، ويعمل فى مجال الدعوة وله أنصار بين المسلمين، وهناك تنظيم شبابى آخر يطلق عليه «المجلس الأعلى للشباب المسلم»، تابع للمركز الإسلامى فى ميونيخ، والإخوان سيطروا عليه بالكامل حالياً. وهناك أيضا «المركز الثقافى للحوار»، وهو مركز يقع بحى فيدينج، بالعاصمة برلين. وأنشئ عام ٢٠٠٤ ويتبعه مسجد لكن الإخوان سيطروا عليه، ويتم جذب عناصر إليه عن طريق مركز لتعلم اللغة الألمانية للآباء والأمهات المهاجرين. أما المنظمة الأكبر التى يعتمد عليها الإخوان فى تحركاتهم فى ألمانيا فهى منظمة «رؤيا الملة».

  والتى تمتلك ٣٠ جمعية نشطة، و ٥١١ جامعاً ومركزاً «زاوية صلاة»، و١٠٩١ حلقة دينية، و ٢١٣٧ جمعية شبابية ونسائية جامعية.

 وضع التنظيم الدولى لجماعة الإخوان خطة موسعة لإفشال زيارة الرئيس السيسى إلى ألمانيا، حيث رصد ميزانية مالية ضخمة لإفشال الزيارة. وعقد التنظيم الدولى لجماعة الإخوان خلال الأيام الماضية اجتماعات مكثفة للاتفاق على شكل التحركات، سواء داخل ألمانيا أو خارجها من أجل تشويه مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى.

 واعتمد التنظيم الدولى فى تحركاته على تمويلات ضخمة من الدول الداعمة لجماعة الإخوان أبرزها قطر وتركيا، كما اعتمدوا على منظمات حقوق الإنسان المشبوهة التى أنهت مصر أعمالها بالبلاد.. ومن ضمن التحركات التى قامت بها جماعة الإخوان أعلن ما يسمى «المجلس الثورى»، الذى أسسته جماعة الإخوان من تركيا، عن توجيه رسالة إلى المستشارة الألمانية، ميركل، محرضا إياها على وقف دعم ألمانيا لمصر، وهدد بأن تجاهل مطالبهم سيؤدى إلى زيادة الهجمات الإرهابية والعنف بالمنطقة، ودعا هذا المجلس الذى تترأسه مها عزام إلى إعادة النظر فى الدعوة لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لألمانيا. فى تهديد واضح للدولة المصرية لكنهم فشلوا فشلا ذريعا، لدرجة يعتبرها المراقبون صفعة قوية وانحسارا لهذه الجماعة داخليا وخارجيا.

 ومن ضمن عناصر خطة تنظيم الإخوان، دعا ما يسمى «الائتلاف المصرى الألمانى لدعم الديمقراطية» المؤيد للإخوان كلا من ميركل ووزير الخارجية الألمانى فرانك فالتر شتاينماير لإلغاء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى برلين..  وهدد الائتلاف بتنظيم فعاليات حاشدة داخل برلين وخارجها حال عدم إلغاء الزيارة لألمانيا، لدرجة أنهم كانوا بدأوا بالفعل فى تنظيم المظاهرات، زاعمين أنهم أجروا اتصالات ومراسلات بمسئولين ألمان لمنع هذه الزيارة.

يقود تحركات الإخوان في ألمانيا، بعض القيادات الإخوانية هناك منهم، سعيد رمضان وهو أحد الرواد الأوائل من كوادر الجماعة الذين وصلوا مبكرًا إلى ألمانيا، وكان سكرتيرًا شخصيًا لمؤسس الجماعة، حسن البنا، وأسس فى ألمانيا «التجمع الإسلامى فى ألمانيا» الذى أصبح فيما بعد واحدا من المنظمات الإسلامية الثلاث الكبرى هناك، والتى ترأسها من ١٩٥٨ إلى ١٩٦٨.

وأسهم رمضان كذلك فى تأسيس «رابطة العالم الإسلامي»، وعمل على تمويل عدد من المراكز الإسلامية فى مقدمتها «المركز الإسلامى فى جنيف» و«التجمع الإسلامى فى ألمانيا» وعدد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية الكبرى، الأمر الذى يضعه فى التاريخ الإخوانى بمثابة مؤسس الفرع المصرى للإخوان فى ألمانيا.

فضلاً عن عصام العطار الذى اختار الفرع المصرى للإخوان فى «ميونيخ»، لكى يكون منطلقًا لعملياته فى ألمانيا، وكان أول من انتقل إلى «آخن» من آل العطار، والذى فرَّ من سوريا فى الخمسينيات.. إلى جانب إبراهيم الزيات.

ويشار إلى أن التجمع الإسلامى فى ألمانيا.. هو نموذج كاشف للطريقة التى صنع الإخوان المسلمون بها قوتهم، وهذا التجمع يتعاون مع عدد كبير من التنظيمات الإسلامية فى ألمانيا، واندرجت تحت مظلته مراكز إسلامية من أكثر من ثلاثين مدينة ألمانية، وتكمن القوة الحقيقية للتجمع فى تنسيقه وإشرافه على عدد من المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية فى ألمانيا.

 صحيح احتلت الجالية التركية المركز الأول فى قائمة الأجانب المقيمين بألمانيا، إذ بلغ عدد الأتراك المقيمين بألمانيا باعتبارهم أجانب أى لا يحملون الجنسية الألمانية مليونًا ونصف المليون عام ٢٠١٣.

 والإخوان المسلمون وإن كان عددهم لا يزيد على آلاف؛ إلا أنهم أصبحوا يمثلون ثانى أكبر استثمارات فى ألمانيا، معتمدين على الجالية التركية التى يبلغ عددها٤٠٠ ألف مهاجر.

  وقُدرت استثمارات الإخوان فى ألمانيا عام ٢٠١٥ بنحو ١٥ مليار يورو، وتمت زيادتها من ٤ مليارات يورو كنوع من المغازلة للحكومة الألمانية لتبقى على موقفها ضد النظام المصرى، وهو ما كان قد أكده إبراهيم منير نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، المقيم فى لندن، عندما قال: نستطيع أن نغير سياسات الدول بالمال والاستثمارات.. وهو ما يراهن عليه التنظيم الدولى لتفعيل آليات الضغط ضد الحكومة المصرية والرئيس السيسى؛ لكن زيارة الرئيس السيسي حققت نجاحا باهرا فى ألمانيا، وأفشلت تماما المخطط الإخواني والقطرى والتركى.

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة