الأربعاء 5 يونيو 2024

التحالف الشيطانى!

14-6-2017 | 13:04

بقلم – خالد ناجح

من الأمثلة الشعبية المعروفة «أنا وأخويا على ابن عمى ..وأنا وابن عمى على الغريب»، هذا المثل تطبقه بحذافيره الجماعات المتطرفة فى كل مكان، فهى إحدى عادات التنظيمات الإرهابية فى وقت الأزمات؛ حيث تتناسى خلافاتها السياسية والأيديولوجية.

 

ثم ما تلبث أن تتحالف لمواجهة الأخطار وكأنها كيان واحد وهو ما يحاولون فعله وتكراره بمصر بعد تطبيقه بليبيا والعراق وسوريا، فمثلا بعد هزائم داعش سيناء وتنظيم الضابط «القاعدى» المفصول بليبيا ترجح دخولهما فى تحالف جديد .. أيضا داعش والقاعدة يتجاوزان خلافاتهما بالعراق لتشكيل كيان جديد.. وهى التجربة القابلة للتكرار بمصر خاصة بعد وجود تحرك من خلايا تتحالف حاليًا لأهداف سياسية تعلو فوق الخلافات الأيديولوجية لتعويض هزائمها منها السياسية المعروفة ومعتادة تجرى فى العراق، تمامًا مثلما يحدث فى سوريا أو لبنان أو غزة أو حتى فى باكستان وأفغانستان وليبيا. وليس هناك ما يمنع أن تتكرر صور مشابهة لها هنا فى مصر.

كان لمصر خبرة سابقة، وأخرى حالية فى هذا الشأن فى مطلع الثمانينيات، كانت الخطوات الجادة لاندماج تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية، ومداولات السجن الشهيرة عن ولاية الضرير «عمر عبد الرحمن» جماعة إسلامية»، وزعامة الأسير «عبود الزمر» الجهاد»، التى لاتزال حاضرة فى الذهن.

أما فى زمن العنف الإخوانى الداعشى السلفى الجهادى القاعدى بعد ٣٠ يونيه و٣ يوليو ٢٠١٣، وما تمخض عنهما من إسقاط دولة المرشد، تلاشت الفوارق الفكرية والأيديولوجية والسياسية بين الخلايا والكيانات العنيفة والمسلحة على الأرض، لتشكل ولو من دون ترتيب تنظيمى ممنهج، واجهات مسلحة هجينة، ذات أهداف سياسية مشتركة لا دينية، تنشد ضرب نظام الحكم ومؤسساته الرئيسية كالجيش والشرطة المدنية.

كون العناصر المكونة لغالبية الخلايا الإرهابية فى مصر خلال السنوات الأربع الماضية من شباب «رابعة» و»حازمون»، جعل من التنقل بين التنظيمات المتعارضة فكريًا ومن خلال الأبواب الخلفية لها، فى أعلى مستوياته، ناهيك بتوحد مصادر التمويل، سواء من قوى عربية أو دولية، أو عبر الإخوان ووكلاء تنظيمهم الدولى الرامى لاستهداف السلطة الحالية على أمل العودة إليها مجددًا، فى النهاية، لم يعد الداعشى المصرى، الذى يكفر الإخوانى باعتباره خارجًا عن الدين، يجد أى غضاضة فى التحالف معه فى عملية دموية.

وما يزيد من عمليات الدمج والتحالفات، التمويل الذى ربما يتأثر من عملية الحصار العربية للدولة الممولة «قطر»، وهذا الخوف يجعل تلك التحالفات إلى حد ما صلبة وعملياتها قوية؛ لأنها هنا ارتبطت بمصدر «المال» وتأثيرها على كل التنظيمات مباشر، خاصة أن بعض أسماء المؤسسات والتنظيمات التى أعلنت مصر والسعودية والبحرين والإمارات فى البيان الرباعى المشترك، لم تكن مألوفة عند الكثير من المصريين، لذا كان طبيعيًا أن نبحث وفق المعلومات المتاحة لهذه الكيانات الداعمة للإرهاب وكثير من الجمعيات الخيرية تمارس أنشطتها فى النور؛ لكن بعضها له أدوار خفية.

وها هو التمويل القطرى يصل إلى ليبيا عبر سرايا الدفاع عن بنغازى، ففى يونيه ٢٠١٦ وبعد عدة ضربات قوية للجيش الليبى بدعم من مصر وقوات دولية، حاول المتشددون فى ليبيا أن يستجمعوا قواهم مرة أخرى فى شكل تنظيم جديد، أسموه «سرايا الدفاع عن بنغازى»، بمدينة الجفرة، جنوبى ليبيا، وبالفعل تشكلت «سرايا الدفاع عن بنغازى» من فلول مجلسى «شورى ثوار بنغازى وأجدابيا» و»مجلس شورى مجاهدى درنة»، وهى جماعات تابعة لـ «تنظيم أنصار الشريعة» القاعدى، والمصنف من قبل مجلس الأمن جماعة إرهابية، وبقايا حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم جضران، ثم تلاها انضمام لعناصر تتبع «المجلس العسكرى بمصراتة» ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين المصنفة فى مصر بالإرهابية بالطبع، وكالعادة تبنى هذا التنظيم عمليات تصفية واغتيالات، وقام بتفجير سيارات مفخخة استهدفت عسكريين ومدنيين، وهو ما يؤكد الطابع الدموى له، كما تلقى دعمًا يقدر بملايين الدولارات من المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته والسلطة غير الشرعية المنبثقة عنه، والتى تسمى بـ «حكومة الإنقاذ»، فى محاولة لردع تقدم قوات الجيش الليبى، إلا أن مساعيها باءت بالفشل.