ربما كان أكثر المتشائمين قبل مواجهة منتخب مصر أمام منتخب تونس، لا يتوقع الهزيمة بالهدف الوحيد الذى أحرزه النجم التونسى طه ياسين بمساعدة زميله يوسف المساكنى، بل كان الجميع يتوقع أن تنتهى المباراة بالتعادل، لثقة الجماهير فى الجهاز الفنى للفراعنة بالقدرة على الخروج بالمباريات إلى بر الأمان.
قواعد كرة القدم تؤكد أنه إذا كنت تلعب على التعادل فقط، فبالتأكيد سوف تخسر النقاط الثلاث، لأن الهجوم يساعدك دائمًا على التماسك، وأن تكون قريبًا من مرمى المنافس، ربما تستطيع التقدم بهدف قبل أن يتعادل معك خصمك، أو أن تخطف الفوز بالهدف الوحيد، مثلما حدث فى عدة مباريات مع مستر كوبر فى نهائيات بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة فى الجابون ٢٠١٧، إلا أن الحظ لم يخدم هذا الرجل فى مواجهة منتخب تونس، حيث خسر بالهدف الوحيد فى مباراة كان من السهل الخروج بها بتعادل سلبى إلى بر الأمان، مستر كوبر مدرب كبير، ولكنه لم يقم بقراءة الخصم هذه المرة بشكل جيد.
كوبر لعب بطريقته المعتادة فى دفاع المنطقة الـ»زون» من وسط ملعبه، حتى حدود منطقة الجزاء الخاصة به، حيث لعب برباعى دفاعى قريب من بعضه، فى ظل وجود محمد عبد الشافي، وأحمد حجازى وعلى جبر وأحمد فتحى، وفى الوسط الدفاعى ثنائى قوى هما محمد النني، وطارق حامد، وفى الوسط الهجومى ثلاثة على خط واحد هم محمد صلاح، فى الناحية اليمنى وعبد الله السعيد فى القلب، ورمضان صبحى فى الطرف الأيسر، وفى الهجوم محمود كهربا مهاجم صريح، وهو الشيء غير المفهوم، لأن قدرات كهربا أن يكون قادمًا من الخلف بسرعته المعروفة، وليس كمحطة، وكان من الممكن أن يبدأ كوبر بالاعتماد على عمرو جمال إذا كان يريد المهاجم المحطة للقادمين من الخلف، إلا أنه كان يرغب فى عدم ترك مساحات فى خطوطه الثلاثة للاعبى تونس، وهو ما تحقق له فى الشوط الأول فقط، ولم يستطع تنفيذه فى الشوط الثانى، والذى كان مختلفًا تمامًا,
منتخب مصر اعتمد على طريقة « ٤ / ٢ / ٣ / ١ « استكمالًا لمباريات بطولة كاس الأمم الافريقية الأخيرة، إلا أن تلك الطريقة، تنجح فى حالة «فوقان» عبد الله السعيد، إلا أن الخط الأمامى بوجود الرباعى صلاح ورمضان وعبد الله وكهربا كانوا تحت رقابة لصيقة وانعزلوا عن خط الوسط، بينما تفرغ أحمد فتحى لإفساد خطط على معلول فى الطرف الأيسر عند امتلاك منتخب تونس للكرة، فأصبح منتخب مصر بدون جبهة يمنى طوال المباراة، خصوصًا مع تفوق أحمد فتحى فى الشق الدفاعى أكثر من مرة.
منتخب مصر فشل فى العودة إلى المباراة بعد هدف طه ياسين، وهذا يؤكد عدم وجود أنياب حقيقية للفريق، حيث كان للفراعنة فى العديد من المباريات الصعبة شخصية واضحة للعودة مرة أخرى مثلما حدث فى أمام متخب الكونغو فى مباريات تصفيات كأس العالم، حيث كنا خاسرين فى الشوط الأول بهدف، وتحولت النتيجة فى الشوط الثانى إلى فوز بهدفين خارج ملعبنا، كما أن التغييرات التى أجراها الجهاز الفنى لم تغير النتيجة أو الأداء، حيث إن عمرو جمال لم يلعب إلا خلف كهربا فى الهجوم، واضطر للنزول لوسط الملعب لاستلام الكرة، ونفس الحال مع مصطفى فتحى الذى وضح أنه يحتاج إلى خبرة اللعب على المستوى الدولى، كما أن عمرو وردة نزل متأخرًا جدًا، ولم نشعر به.
من الواضح أن منتخبنا يفتقد إلى عدة عناصر تعود كلها إلى وجهة نظر الجهاز الفنى، يأتى فى مقدمتها ضرورة وجود الجرأة الهجومية للاعبين من خلال جمل تكتيكية واضحة، وكيفية نقل الكرة بسرعة والتحول إلى الهجوم بأسرع مايمكن مع العودة إلى الدفاع عندما نفقد الكرة، كما أن فريقنا يفتقد إلى صانع ألعاب يستطيع نقل الكرة من الوسط إلى الهجوم فى أسرع وقت ممكن، وبأقل عدد من التمريرات، حتى فى وجود عبد الله السعيد فى الملعب، والذى افتقد واحدة من أهم مميزاته فى الاخترقات من العمق أو التسديد من مسافات بعيدة فى ظل تماسك منتخب تونس دفاعيًا، وكان من العجيب خروجه من الملعب، لأنه الوحيد القادر على نقل الكرة، وصاحب حلول فردية، من الممكن أن تأتى فى اللحظات الأخيرة، كما افتقد لاعبونا للضغط بعد إحراز طه ياسين لهدف تونس الوحيد، حيث كان من الممكن أن نشهد انتفاضة قوية للاعبين، إلا أن الفريق استسلم دون أن يكون لديه أنياب حقيقية لتحقيق التعادل، وكان من الممكن أن يتفوق على لاعبى تونس.
السؤال الذى يطرح نفسه هل أصبحت طريقة لعب المنتخب الوطنى مع هيكتور كوبر محفوظة، والإجابة واضحة « نعم «، باتت تلك الطريقة محفوظة لكل المدربين فى قارة إفريقيا، من خلال دفاع المنطقة المتكتل، ثم التمرير الطولى فى المكان المتواجد فيه محمد صلاح، وكأن فريقنا تم اختزاله فى لاعب واحد فقط.
الشئ الأخير فى المباراة، ويمثل لى العديد من علامات الاستفهام، ما سر اختيارات الجهاز الفنى للاعبين الموجودين على دكة البدلاء، حيث تم استبعاد كل من الثنائى عمر جابر وأحمد الشيخ من المباراة من الأساس، رغم أن الأخير يعتبر من أهم اللاعبين فى مصر الآن، بصفته هداف الدورى كما أن عدم وجود حسام عاشور على دكة البدلاء يمثل علامة استفهام أكبر، حيث إنه يمتلك العديد من الخبرات فى المواجهات الصعبة وكان من الممكن أن تتم الاستعانة به عند خروج عبد الله السعيد.