قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن القرآن الكريم نهى عن الفساد والإفساد بكل صورهما وأشكالهما وضروبهما، حيث يقول الحق سبحانه : "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" ، ويقول سبحانه : "وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ " ، فإنه سبحانه وتعالى لا يحب الفساد ولا المفسدين ، حيث يقول (عز وجل) : "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" ، ويقول سبحانه : "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ" ، ويقول سبحانه: "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ" .
وتابع وزير الأوقاف: نهى نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن كل أنواع الفساد غشًا أو رشوة أو اختلاسًا أو شهادة زور ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : " مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا " ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ " (صحيح البخاري) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):"فَأَمَّا مَنْ ابْتَغَى وَجْهَ اللهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ ، وَيَاسَرَ الشَّرِيـكَ ، وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ ، فإنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْــرًا وَرِيَــاءً وَسُمْعَةً ، وَعَصـَى الْإِمَامَ ، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ".
وأشار إلى أن القرآن الكريم بيّن جزاء بغاة الفتنة والمفسدين في الأرض ، حيث يقول الحق سبحانه : "وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" ، فلا يظننَّ باغٍ أو مفسد أنه إن نجا أو أفلت من حساب الناس فإنه يمكن أن يفلت من حساب الخالق (عز وجل).
وأضاف وزير الأوقاف، أن مواجهة الفساد أحد أهم دعائم الحكم الرشيد؛ فالمفسدون، والبغاة، والمعوِّقون لمسيرة الخير والإصلاح مِعول هدم للمجتمع، ولا بد من التصدي لهم بكل حزم وقوة ، فهم شرار الخلق.
وتابع: المفسدون جهرًا خوارج وبغاة ، والمفسدون سرًّا هم الجبناء المنافقون ، والنفاق قائم على مخادعة المجتمع وبث الأراجيف بين أبنائه قصد هدم الدول أو إسقاطها خيانة لها أو عمالة لأعدائها ، والكذب وإشاعة الفتنة من أخص صفات المنافقين .
وأشار إلى أن الفساد والإفساد كلاهما جريمة في حق الدين والوطن غير أن عقاب المفسدين أشد، فالمفسد هو من لا يكتفي بفساد نفسه بل يعمل على إفساد غيره أو يشطط في فساده ، دون وازع من دين أو وطنية أو ضمير إنساني حي .
وأوضح أن أخطر أنواع الفساد هو فساد المتاجرين بالدين، أو المتاجرين بالوطنية من جماعات أهل الشر الذين يبيعون دينهم وأوطانهم لأعداء دينهم ووطنهم .
على حد قول الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري:
ولقد رأى المستعمرون فرائسا
منا وألفوا كلب صيد سائبـا
فتعهدوه فراح طوع بنانهــم
يبرون أنيابـــــا له ومخالبــا
مستأجرين يخربون بيوتهــم
ويكافأون على الخراب رواتبا
واختتم أن من أشد أنواع الفساد وأخطرها جريمة التزوير أيا كان نوعها، فهي بمثابة خيانة الوطن، لما يترتب عليها من آثار مدمرة للدول، فضلا عن كونها جريمة مخلة بالشرف والمروءة ، مما يخول المشرع أن يذهب بعيدا في عقوبتها، ولا سيما ما يتصل اتصالا مباشرا بحياة الناس ويترتب عليه ضرر في صحتهم أو أموالهم أو المال العام .