الجمعة 17 مايو 2024

هل تستعين الحكومة بالقطاع الخاص لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة؟

19-6-2017 | 15:57

مصانع الدولة حائرة بين فزاعة الخصخصة وحلم الإنتاج

برلماني: عودة الإنتاج بالمصانع المتعثرة خطوة قوية

عضو لجنة القوى العاملة: الاستعانة بالقطاع الخاص كورقة أخيرة

اللجنة الاقتصادية بالبرلمان: قانون الاستثمار سمح للقطاع الخاص بالمشاركة في شركات الدولة

عمال النسيج: سوء الإدارة دمر القطاع

 

تعاني أغلب شركات ومصانع القطاع العام من مشكلات ضخمة أدت إلى توقفها كليًا أو جزئيًا خلال السنوات الماضية، وباتت تلك الشركات متعثرة ومهددة بالتوقف التام كالتي سبقتها من الشركات الآخرى في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد، ووسط حالة من التخوف والزعر من توحش القطاع الخاص وهيمنته على جميع مفاصل القطاع العام.

رغم هواجس الخوف ورسائل التحذير، اقترح مجموعة من النواب وخبراء الاقتصاد والتنمية، مشاركة رجال الأعمال في إعادة هيكلة وتشغيل وتدوير مصانع وشركات الدولة لعودة الحياة إلى طبيعتها لتحقيق إنتاج قوي، مع الحفاظ على حقوق العمال كاملة، مبررين ذلك بأنه من أجل الخروج من الأزمات التعجيزية التي يمر بها القطاع العام، وعجز الحكومة عن التمويل الكلي لتلك الشركات والمصانع وسط الأزمات الاقتصادية المتردية والصعبة.

 

القطاع الخاص.. نافذة الخروج من الأزمة

 

النائب صلاح عيسى، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان، رحب بمقترح مشاركة القطاع الخاص في تنمية وتطوير شركات القطاع العام بما يضمن حقوق العمال والدولة، وقال إن إعادة العمل والإنتاج لمصانع وشركات قطاع الأعمال العام المتعثرة مرة أخرى يخدم الصالح العام ويساعد في النهوض باقتصاد البلاد، مشيرًا إلى أن مشاركة رجال الأعمال في إعادة إحياء المصانع المتوقفة خطوة جيدة بما يضمن إعادة الحياة لتلك المصانع كما يقضي على البطالة ويوفر فرص عمل، دون المساس بحقوق الأعمال.

 

ولفت لـ«الهلال اليوم» إلى أن صيانة الآلات والمعدات وإعادتها للعمل على أيدي رجال أعمال مقابل الحصول على نسبة محددة، يعتبر إنجاز قوي ومهم لإعادة الصناعة المصرية مرة أخرى إلى سابق عصرها، لكن بما يحفظ حقوق الدولة والعامل، مؤكدًا أنه مع أي فكرة أو مشروع لإعادة الإنتاج والتصدير مرة أخرى.

 

وأشار إلى أن القطن المصري كان الأول بمنطقة الشرق الأوسط وكان يعتبر من أجود الأنواع التي تصدر للخارج، فضلا عن أن صناعة الغزل والنسيج، كانت من أفضل الصناعات المحلية التي توفر العملة الصعبة، فضلا عن فتح مئات البيوت.

 

وشدد على أنه يدعم إعادة وتحليل المصانع المتعثرة لعودة العمل حتى لو من خلال إشراك القطاع الخاص مقابل نسبة من مكاسب المشروع، مع الحفاظ على حق الدولة في الضرائب وخلافة، ومنح العامل حقه الكامل من مرتبات ومظلة صحية وحماية تأمينية.

 

وأكد أن هناك شركات حكومية شاركت رجال أعمال وبنوك مقابل أن نسبة الدولة تكون 50% +1 بما يضمن أن الإدارة الكاملة في يدها، كما أن شركات رجال القطاع الخاص لا تخسر، فضلا عن نجاحهم في القضاء على البطالة المقننة والعمل بطريقة قوية وسلمية.

 

هواجس «الخصخصة»

 

بينما يرى عبد الفتاح محمد عبد الفتاح، عضو لجنة القوى العاملة، أن الاستعانة بالقطاع الخاص تكون حلًا أخيرًا في حال عجز الحكومة عن تمويل تلك الشركات وإعادتها للعمل مرة أخرى، مشيرًا إلى أن مشاركة القطاع الخاص تكون من خلال الإدارة والهيكلة فقط عن طريق المساهمة بنسبة في أسهم الشركة، دون التنازل أو بيع أصول الشركات والمصانع.

 

ورفض عضو لجنة القوى العاملة في تصريح لـ«الهلال اليوم» بيع أي أصول للشركات حتى لو ظلت متعثرة مدى الحياة، ولكن يسمح بالمشاركة فقط مقابل نصيب من الأرباح التي ستتحقق، مشددة على ضرورة الاستعانة برجال أعمال وطنيين للمساهمة في إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال.

 

وفضل "عبد الفتاح" عدم مشاركة القطاع الخاص في إحياء الصناعة المصرية وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، لأنها تصل في النهاية إلى بيع أصول الشركات وخصخصت القطاع العام وتحويل مصر لقطاع رأس مالي.

 

رفض الدمج مع القطاع الخاص

 

أما النائب أحمد فرغلي، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، رفض مشاركة رجال الأعمال والقطاع الخاص في إعادة تشغيل قطاع الأعمال، لأن الهدف هو خصخصة القطاع بأكمله وليس إعادة التشغيل وتحقيق أرباح، مؤكدًا أن الأزمة الحقيقية ليست في ضخ استثمارات أو مشاركة للقطاع الخاص في إعادة الحياة لمصانع القطاع العام، ولكن العرقلة تكمن في سوء الإدارة وتوظيف العمل بالطريقة الصحيحة.

وقال لـ«الهلال اليوم» إن قانون الاستثمار الجديد يتيح لرجال الأعمال والقطاع الخاص المشاركة في قطاع الأعمال العام وشركات ومصانع الدولة، مشددًا على أن مصر بهذه الطريقة ستتحول كليًا إلى النظام الرأسمالي لأن قانون الاستثمار منحهم السبل القانونية لمشاركة القطاع العام.

 

العمال يحملون الحكومة أزمة المصانع المتعثرة

 

بينما لفت محمد العطار، أحد العاملين بشركة مصر للغزل والنسيج، إلى أن المشكلة في مصانع وشركات قطاع الأعمال ليست مشكلة ضخ استثمارات جديدة أو مشاركة القطاع الخاص لكن أزمة إدارة في المقام الأول، لأن الدولة قدمت مئات المليارات لإعادة تشغيل مصانع القطاع العام إلا أن سوء الإدارة والتوزيع أهدر مليارات الجنيهات، فضلا عن تشريد مئات العاملين.

 

وقال "العطار" إن الشركات العامة تحتاج إلى سياسات استثمارية وإدارية صحيحة لإعادة العملية الإنتاجية، فمصر قائمة على الإنتاج الزراعي والصناعي والصناعات الخفيفة مثل الحديد والصلب، ولا توجد صناعات كبرى كالأسلحة والمعدات الحربية، ورغم ذلك تم تدمير كل تلك الشركات وتحويلها من شركات رائدة إلى شركات متعثرة ومدانة.

 

وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن المشكلة الحقيقية التي تواجه القطاع العام تكمن في القوانين والمعوقات والإدارات، ليس في عملية السيولة وضخ الاستثمارات، لأن الدولة ضخت أموال في كل قطاعات الأعمال ولكن سوء توظيف هذه الأموال أدى إلى إهدارها، بسبب سوء الإدارات المتعاقبة ليس إدارة بعينها ولا حكومة بعينها، ولكن تراكمات أثمَت فيها حكومات والوزارات والإدارات متتالية.

 

وأكد أن الاتحاد الأوربي، أشاد بمصنع الغزل والنسيج خلال زيارته لمقره، وقال إنه لم يشهد شركة لها بنية تحتية وأساسيات ضخمة مثلما شهد في شركة غزل المحلة، ولكن الإدارات دمرت كل شيء، مشيرًا إلى أن غياب الرؤية الواضحة للنهوض بتلك المصانع أدت إلى كل تلك الكوارث، لأن الحكومة لا تبحث عن الكفاءات بل تبحث عن أهل الثقة في المقام الأول، ولابد من الاستعانة بأهل الخبرة والكفاءات والقضاء على الوساطة والمحاباة المحسوبية.