الأربعاء 26 يونيو 2024

رؤية عصرية للحرف التراثية

19-6-2017 | 23:04

بقلم: د. وهاد سمير - أستاذة الحلى بالمعهد العالى للفنون التطبيقية

يعد الفن المصرى منذ أقدم العصور وإلى الآن أحد أنبل معطيات الحضارة المصرية العريقة، وتحظى الحرف التراثية المنبثقة من هذه الحضارة حاليا بقدر كبير من الاهتمام لأنها تعكسها، وإذا حاولنا أن نتجول فى تاريخ نشأة وتطور هذه الحرف سنجد أن العصر الفاطمى يعد البداية الحقيقية لنمو الفنون الإسامية، فى حين يعد العصر المملوكى أعظم عصور ازدهارها حيث كانت هناك منافسة بن الساطين والأمراء فى الإنفاق على بناء المساجد والقصور والمدارس والوكالات تعبيرا عن القوة والزهو، ومع بداية الحكم العثمانى لمصر عام 1516 تم نقل أفضل الصناع المهرة فى الحرف التقليدية إلى إسطنبول للمشاركة فى عمليات التشييد والتجميل للمنشآت المقامة تحت حكم الدولة العثمانية الوليدة التى ما زالت آثارها باقية هناك شاهدة على عملية التأثير الحضارى لمصر فى تلك الباد، وعلى العكس من ذلك فقد شهدت الحرف التقليدية فى مصر تراجعا وتدهورا نتيجة هجرة شيوخ وأرباب الصناعات وترحيلهم إلى الأستانة لكن سرعان ما استعادت مصر قدرتها على التطور الحضارى.

يقودنا ذلك إلى الحديث عن جهود وزارة الثقافة فى الوقت الراهن للحفاظ على الحرف التراثية وذلك ببناء وتطوير «مركز الحرف التقليدية »، وما تبعه من نقل للحرفين من وكالة الغورى التابعة لقطاع الفنون التشكيلية وهو ما يعد خطوة مهمة فى سبيل تطوير الحرف التراثية التى سرعان ما آتت ثمارها، وذلك بإتاحة الفرصة الكاملة أمام الفنانن والحرفين لممارسة إبداعاتهم وتأكيد القيمة الفنية فى هذا المضمار، لذا فإن الأمل معقود على هذا المركز باعتباره مصدر إشعاع فى منطقة الفسطاط.

كل هذه الجهود كان لها ولا شك دور فى الحفاظ على الحرف التراثية ورفع كفاءة الصناعات اليدوية، ولا ننسى فى هذا الإطار جهود اتحاد الصناعات المصرية التابع لوزارة الصناعة، من خال إنشائه لغرفة صناعة الحرف اليدوية التى تعتمد على انضمام الحرفين وأصحاب المصانع والمشروعات اليدوية وغيرهم، بهدف رفع كفاءة الصناعات اليدوية بحيث تتناسب مع احتياجات السوق المحلي والدولى، هذا بالإضافة إلى رعاية مصالح العاملن فى مجال الحرف اليدوية.

ولا شك أن لهذه الغرفة من خال قطاعاتها المختلفة والتي تضم: المنسوجات اليدوية، التطريز، المنتجات الزجاجية، حرف الأحجار، الفخار، الخزف، السيراميك، المشغولات الخشبية، وغيرها دورا كبيرا فى دعم الحرف اليدوية وحمايتها من الانقراض بما يلعب دورا فى الحفاظ علي التراث المصري وفى نفس الوقت يساهم فى إضفاء روحا جديدة عليه تتناسب وطبيعة العصر الحالى، وهو أمر مهم فى ظل اعتبار الحرف اليدوية مصدرا من مصادر الثروة القومية لمصر، وبالتالى فإنه من الضرورى العمل على ازدهارها تحت مظلة نظام واضح للطوائف الحرفية، خاصة وإنها تسهم فى حماية معالم الهوية الثقافية والوطنية من المتغيرات العالمية السريعة، وتحقق فى نفس الوقت نقلة حضارية .

وعلينا نحن أيضا دور فى هذا الإطار من خال اقتراح الحلول المناسبة للنهوض بهذه الحرف، وإظهار دورها الاقتصادى مع التأكيد على إبرازها للقيم الاجتماعية والثقافية، وتعبئة كافة الجهود والموارد نحو تبنى آليات حديثة ومتطورة لرفع القدرات التنافسية لمنتجات الصناعات التقليدية، وحماية منتجات الحرف التقليدية وتطويرها وفق أسس عصرية لزيادة الإنتاج مع العمل على تقديم منتجات حرفية حديثة ومتطورة تحمل الطابع والهوية المصرية وتكون قادرة على المنافسة فى الأسواق ومواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية.