إشراف : مروة لطفي - متابعة: محمد عبد العال - هدى إسماعيل - نرمين طارق - تصوير إبراهيم بشير
قدمت الأعمال الدرامية هذا العام نماذج نسائية عديدة كما هو الحال فى الأعوام السابقة ما يعكس السيطرة النسائية على المسلسلات الرمضانية وتواجد المرأة بها وبشكل مؤثر فى كافة أحداثها، بل إن عددا كبيرا من الفنانات يتنافسن على صدارة مارثون الدراما الرمضانية، ورغم هذه السيطرة النسائية إلا أن صناع الدراما لا يزالون يتعمدون تقديم المرأة بشكل يسيء لها من خلال أعمال تظهرها دجالة أو خائنة أو قاتلة، وهو ما لا يمت لواقع المرأة المصرية من بعيد أو قريب.
مجلة «حواء » كان لها السبق فى التطرق لهذه القضية من خال ندوتها «المرأة و دراما رمضان ،» حيث ناقشت خلالها الصورة السلبية التى تظهر بها المرأة خال المسلسلات الرمضانية، وتداعياتها على المجتمع، وكيفية تصحيحها.
بدأت فعاليات الندوة التي شارك فيها نخبة من المثقفين والسياسيين والمهتمين بقضايا المرأة بكلمة للكاتب الصحفي مجدي سبلة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة"دار الهلال" أكد فيها على أهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع باعتبارها شريكا فى بناء الوطن، وهذا ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعلانه عام 2017 عاما للمرأة، وأن مؤسسة"دار الهلال" تساهم بشكل واضح وملموس في الدفاع عن قضايا المرأة وحقوقها عبر إصدارتها المختلفة خاصة"حواء" أعرق وأقدم المجلات النسائية فى الوطن العربى.
الربح السريع
ثم تحدث د. محمود علم الدين، الأستاذ فى كلية الإعام وعضو الهيئة الوطنية للصحافة قائلا: تركز الأعمال الدرامية دائما على الصورة السلبية للمرأة لأن المنتج يبحث عن الربح، لذلك نجد الألفاظ الخادشة للحياء، الأمر الذى يصدر صورة سيئة عن الأسرة المصرية بشكل عام، وهو ما يطرح عدة قضايا منها دور الدولة فى الإنتاج الفنى، لذلك أصبحت الساحة حكرا على القطاع الخاص ما أدى لضياع حق المتلقى فى إعام جيد.
وأضاف خلال كلمته فى الندوة: اتخذ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام خطوات جدية للحد من هذه السلبيات مثل تغريم القائمين على أى أعمال درامية تقدم ألفاظاً غير مقبولة للمشاهد، بالإضافة إلى إعداد مواثيق الشرف الإعلامى التى تعدها نقابة الإعلامين فى الوقت الحالى، لأنه لا يوجد إعلام بلا تنظيم.
وتابع: رغم تشويه صورة المرأة فى بعض الأعمال الدرامية إلا أن مسلسل «حاوة الدنيا » قدم نموذجا إيجابيا للمرأة.
وسائل التواصل
«الدراما المصرية تؤثر بصورة كبيرة فى الثقافة العربية إن لم تكن قائمة عليها ».. بهذه العبارة بدأت النائبة هالة أبو السعد، عضوة البرلمان المصرى حديثها قائلة: دفعتنى بعض الأعمال الدرامية التى تناولت قضايا الشعوذة والسحر والعنف للتساؤل عن مدى تأثر الجيل الجديد بكل ما هو معروض، وكانت الإجابة حاضرة فى ذهنى، وهى أنه سيكون مشبعا بهذه الثقافة، لذلك لدى توجس مما سيحدث فى المستقبل، بالإضافة إلى أن الانفتاح الثقافى وتنوع وسائل التواصل ساهم فى انتشار كل ما هو سيء بسرعة كبيرة لدرجة جعلت الكثير من الأهالى يشاركون أبناءهم فى اكتشاف العالم الخارجى حتى يكونوا على نفس المستوى المعرفى وتطمئن قلوبهم. وأكدت النائبة البرلمانية على ضرورة أن يكون للبرلمان دور فى الحفاظ على الثقافة المصرية ومن ثم علينا وضع بعض التشريعات التى تحافظ على الهوية الثقافية المصرية، فعلى سبيل المثال الثقافة الهندية والتركية بجميع تفاصيلها منتشرة ومعروفة لدى الكثير من الشعب المصرى خاصة الشباب، الأمر الذى وصل إلى حد التقليد فى كل شيء، ما جعل الهوية المصرية تختفى وسط الثقافات الغربية الدخيلة على مجتمعنا.
دور الدولة
وعن صورة المرأة المصرية لدى الغرب أكدت د. حنان يوسف، عميدة كلية الإعام بالقرية الذكية ورئيسة المنظمة العربية للحوار أن صورة المرأة فى الدراما المصرية سيئة جدا، وهذا ليس وليد اليوم بل هو توجه منذ سنوات عديدة بسبب غياب دور الدولة فى الإنتاج، ما جعل الأمر بن أيدى المنتجين الذين يبحثون عن المكاسب المادية دون الاهتمام بالمضمون ،ولكن كان على صناع الدراما أن يدركوا أن الأمر هذا العام مختلف، فهو عام المرأة كما أعلنه الرئيس السيسي، لذلك وجب عليهم أن يظهروا المرأة بصورتها الحقيقية التى تستحقها بدلاً من الترويج لصورة فاسدة ومبتذلة حتى أن البعض يرى أن مايقدم على الشاشة دعوة للتحرش، لذلك فإن العبرة ليست بكم المسلسلات المقدمة بل بالمضمون الذى تقدمه.
وتابعت: الدول تتعرف على ثقافات الشعوب من الفن الذي يقدم، فعندما نقدم صورة سلبية للمرأة تلتصق بأذهان الكثير من أفراد شعوب الدول العربية أو الأجنبية، لذلك لا نستطيع أن نلقىباللوم إلا على أنفسنا،لا أقول إننا ليسلدينا سلبيات فكل شعوب العالم لديها من الثقافات ما هو جيد وردىء، ولكن الصورة التى يظهرها للعالم الخارجي هى النقطة الرئيسية التى يجب أن نبدأ بها، لذلك نجد دائما الدول الغربية تحاسبنا على ملفي"حقوق الإنسان، والمرأة" لأن بهما يستقيم حال الشعوب.
المرصد الإعلامي
من جانها أكدت د. رانيا يحيي، عضوة المجلس القومى للمرأة أن هناك لجنة لرصد صورة المرأة فى دراما رمضان منبثقة من لجنة الإعلام بالمجلس برئاسة د. سوزان القلينى تعمل على رصد وإعداد تحليل لمضمون دراما رمضان والخروج بتقرير نهائى عن كيفية تناولها لقضايا المرأة، والصورة التى تم إبرازها سواء سلبية أو إيجابية وملامحها، بالإضافة إلى طريقة العرض بهدف الخروج بمؤشرات يتم الإعلان عنها فى وسائل الإعام المختلفة على أن يتم فى نهاية الشهر الكريم تقديم تقرير كامل للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
وعن التشريعات القانونية وأهميتها في ضبط مايقدمه المنتجون أوضحت أن المسألة تحتاج إلى ضمير وأخلاق حتى تؤدى التشريعات دورها فى ردعالمخالفين، بالإضافة لأهمية تفعيل دور الرقابة على المصنفات.
بينما كشفت الناقدة د. ناهد عبدالحميد، مديرة النشاط الثقافى والإنتاج الفنى بوزارة الثقافة خلال كلمتها أن قطاع الرقابة قام بدور كبير فى مراقبة الأعمال الدرامية التى تشوه صورة المرأة، حيث منع عرض عدد من المسلسات إلا أن البعض لديه تحفظ على هذا الدور، مشيرة إلى أن هناك 37 عماً درامياً خال رمضان كان للمرأة دور بارز فى 7 منها.
المرأة المهمشة
أما الكاتب الصحفى خالد ناجح ، رئيس تحرير مجلة «الهلال » فيرى ضرورة تغيير صورة المرأة المهمشة فى الدراما بشكل عام، حيث قصرت الدراما دور المرأة فى عدد من المشاهد التى تظهرها تسكن العشوائيات ليؤول حالها إلى عاهرة أو فاسدة، وهى صورة لا تعكس الواقع، وتساءل عن أسباب عدم رصد الدراما المصرية لتطوير العشوائيات أو التصوير فى المشروعات الجديدة الخاصة بهذا كالأسمرات الحضارى وغيط العنب وغيرهما، مؤكدا أن الرئيس السيسى قد سبق الجميع بإطلااقه عام المرأة المصرية ودعوته إلى خطاب إعلامى رشيد، وهو ما لم ل يترجمه الأدباء أو المبدعون، إلى أعمال فنية تعكس هذا.
خلف الكواليس
- طالبت د.وهاد سمير، عضوة المجلس القومى للمرأة بالجيزة، الفنانات المصريات الاعتزاز بالزى المصرى التقليدى فى ملابسهن خاصة فى أعمالهن الدرامية أسوة بالدراما التركية التى تهتم بإبراز الأزياء الشعبية، وتساءلت لمَ لا نستغل الدراما الرمضانية فى الترويج لمعالم بلدنا؟
- ناشدت الإعلامية حنان الشبينى المسئولين بعودة قطاعى الإنتاج وصوت القاهرة للصوتيات والمرئيات إلى إنتاج الأعمال الدرامية.
س . سؤال !
لماذا يحدث كل هذا الإسفاف فى الدراما المصرية؟
أجاب د. محمود علم الدين أن الدولة فى مرحلة الستينيات كانت تدار إعلامياً من خلال وزارة الإعام والتوجهات العامة وكان هناك رقابة حقيقية للدولة على دور النشر والإعام المرئى، ولكن فى ظل العولمة دخل العالم إلى مجموعة من الجزر المنعزلة، كل يعمل بمفرده ما يجعل من الرقابة عليه أمرا بالغ الصعوبة، وفرض المعاير الجيدة وتطبيقها على الجميع يكاد يكون مستحيلا.
هل نجحت الدراما الرمضانية هذا العام فى إبراز بعض القضايا الهامة للمرأة؟
أجابت د. ناهد عبد الحميد قائلة: يحسب للدراما المصرية أنها أبرزت هذا العام دور المرأة المهمشة مثل عاملات المنازل وغيرهن من أصحاب المهن البسيطة، تساؤلات ولكن ما زالت الدراما بشكل عام تظهر المرأة بصورة سلبية، لتقدم بهذا صورة سيئة عن المرأة المصرية للخارج .
هل إعادة إنتاج الأعمال الأدبية التى سبق وقدمت فى الستينيات يفيدالدراما؟
قالت د. ناهد: إن عرض الأعمال فى صورة جديدة يؤثر على الدراما بالإيجاب وليس بالسلب لأن المجتمع اختلف عما سبق ورؤيته بصورة جديدة يجعله أكثر ثراء للمشاهد من خال عرض جوانب اجتماعية مختلفة.
توصيات
اسفرت عدة توصيات يمكن إجمالها فى الآتي:
- التدخل بتشريعات تحدد الإطار والخطوط العريضة للرقابة على الأعمال الدرامية.
- تفعيل وتغليظ العقوبات لمن يسيء إلى صورة المرأة فى الدراما.
- التنويهات التى تصدر على الأعمال التلفزيونية والدرامية مثل + 12 و+ 18 يمكن أن تفيد فى السينما لكنها غير مجدية فى التلفزيون.
- المطالبة بوضع ميثاق شرف أعلى للإعلام يمثل ضمير المهنة.