تحقيق : شيماء أبو النصر
تبرع لدعم محتاج.. تبرع لدعم فقير.. تبرع لدعم مريض.. دعوات كثيرة للتبرع لجهات لا تعد ولا تحصى تطالعنا مع بدء شهر رمضان وحتى عيد الفطر المبارك، دون أن نستطيع تحديد الجهة التى يمكننا أن نوجه تبرعاتنا إليها دون خوف أو قلق من الطريقة التي سيتم توظيف هذه التبرعات بها فيما بعد، فهل ستشكل إضافة حقيقية لهؤلاء المستحقين أم أنها ستنفق فى أوجه لا تعود بالنفع على المجتمع هذا هو ما حاولنا بحثه فى رحلتنا التالية.
فى البداية تقول الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد: تنشط حملات التبرع للمؤسسات الخيرية والمستشفيات بشكل كبير فى شهر رمضان حيث تكثر الروحانيات والرغبة فى تقديم الخير، ويعد التبرع للجهات المستحقة من أهم الأعمال الخيرية التى يقبل عليها غالبية الناس ومنها المستشفيات التى تطلب تبرعات لعلاج المرضى خاصة الأطفال، وهى دعوة جيدة للتكاتف الإنسانى فى ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها المجتمع، لذا ينبغى أن نتعاون جميعا فى تقديم أوجه المساندة والدعم لبلدنا بتخفيف آلام المرض والعوز عن المرضى والمحتاجين، ويجب على القادرين ماديا أن يتبرعوا لهذه الجهات والمؤسسات ذات الثقة دون انتظار الإعلانات التى تستعطف المواطنين باعتبارهم أولى الناس بتقديم يد العون للمحتاجين لأن التخاذل عن تقديم المساعدة لتلك الجهات جريمة إنسانية ودينية وأخلاقية فى حق أبناء الوطن.
وأوضحت أن ثقافة التكافل الإنسانى والاجتماعى يجب النظر إليها باعتبارها مسئولية أخلاقية وتربوية واجتماعية ودينية يسأل عنها القائمون على الإعلام والتربية والتعليم والثقافة والخطاب الدينى، فنشر هذه الثقافة أهم مجالات عمل تلك الجهات المجتمعية، لافتة إلى أهمية إبراز النماذج الإنسانية المضيئة والرائعة لتقديم القدوة ونشر الإيجابية فى المجتمع، وإعلاء قيمة العمل التطوعى والجهود الإنسانية الراقية مثل د. مجدى يعقوب ود. محمد غنيم وغيرهما من النماذج التى يجب أن نراها أمامنا دائما لاستنهاض الروح الإيجابية داخل المصريين.
تنمية مجتمع
ومن جانبه طالب د. عصام فرج أستاذ الإعلام وعضو الهيئة الوطنية للصحافة جميع الجهات والمؤسسات بالتكاتف من أجل التبرع لأنشطة المؤسسات الخيرية القائمة على تنمية أوجه الحياة الاجتماعية فى مصر والتى تتبنى الكثير من المشروعات التنموية ومساندتها فى أداء مهامها على الوجه الأمثل.
وأكد على أهمية استمرار التبرع والعطاء لتلك الجهات وألا يرتبط بشهر واحد أو فترة معينة لأن التبرعات هى المصدر الرئيسى لتمويل المشروعات الخيرية وتغطية تكاليف إنشائها، والمواطن بطبيعة الحال يقبل على التبرع فى الجهة التى تقدم له بالأرقام ما تم إنجازه وليس مجرد استمالات عاطفية، مع الوصول لغالبية المواطنين، خاصة مع أهمية توافر عنصر الشفافية والاطمئنان ورقابة الدولة لأوجه الإنفاق ومدى الإنجاز فى الأهداف والمشروعات.
فائدة مزدوجة
من جانبها طالبت النائبة شادية خضير عضو مجلسى النواب المصرى والعربى، رجال الأعمال بالتبرع لتمويل المشروعات الخيرية كالتى يقدمها صندوق "تحيا مصر" وبيت الزكاة والصدقات المصرى لأنها مشروعات ذات طابع تنموى وتحتاج إلى أموال كثيرة للإنفاق عليها وإنجازها، مثل إنشاء المساكن وتوصيل المرافق وعلاج المرضى خاصة مع إمكانية خصم قيمة التبرعات من الضرائب المستحقة على أعمالهم ليحققوا بذلك فائدة مزدوجة بالتبرع والمشاركة فى بناء وتنمية مجتمعهم وأيضا تقليل الضرائب المستحقة عليهم، مؤكدة أن صندوق تحيا مصر على سبيل المثال يدعم العديد من المشروعات المهمة وفى مقدمتها تطوير العشوائيات والقضاء على فيروس سى وإعادة تطوير القرى وغيرها من المشروعات.
رقابة الدولة ضامنة
وأكدت د. جميلة نصر، نائب رئيس الجمعية المصرية لأمراض القلب وعضو المجلس القومى للمرأة، على أهمية أن تسود ثقافة التبرع المجتمع بكل طبقاته وفئاته خاصة للجمعيات والمؤسسات المهتمة بتنمية القطاع الصحى وعلاج المرضى وتخفيف آلامهم مثل مستشفيات الأورام وجمعية أمراض القلب، موضحة أن حملات التبرع يجب أن تبنى على عدة مراحل تبدأ بالإقناع وهنا دور الإعلام الذى يوضح أولا حجم المشكلة التى تقوم الجهة بالتصدى لعلاجها وكيفية القيام بذلك بشكل واضح من خلال المتخصصين، وبيان تكلفة العلاج وطرقه والمدى الزمنى للإنجاز وبالتالى يشعر المواطن ويقتنع بأهمية تبرعه ليكون شريكا فى حل تلك المشكلة.
وشددت على أهمية توافر الرقابة من الدولة على جميع أنشطة الجهة أو الجمعية التى تتلقى التبرعات لضمان وصولها إلى مستحقيها وإنفاقها على الوجه الأمثل.
حملات تشجيع التبرع
ويرى د. أسامة عبد المنعم استشارى طب الطيران وخبير التنمية البشرية، أن الدعاية غير المباشرة من أهم طرق الترويج للجهات والجمعيات التى تتمتع برقابة كاملة من الدولة وتنشيط حملات التبرع لها من خلال إلقاء الضوء على المشروعات التى تتبناها ومدى إنجازها، فالمواطن لن يتبرع لمن يقول له فقط تبرع لكنه يريد أن يعرف أن تبرعاته تذهب للطريق السليم لتتشكل أمام عينه فى إنجاز ملموس، مثل مشروعات تحسين الصحة وجودة التعليم، وتطوير العشوائيات وغيرها.
وأوضح أن مجلة "حواء" من الممكن أن تلعب دورا مهما جدا فى تنشيط التبرع لصندوق تحيا مصر على سبيل المثال كأبرز المؤسسات التى تعتمد على التبرعات فى إنجاز الكثير من المشروعات التنموية من خلال التعاون مع القائمين عليه فى تجهيز حملات مشتركة تذهب إلى أماكن إنجاز المشروعات لإلقاء الضوء عليها وتقديمها للقارئ والمساهمة فى تثقيف المرأة بأهمية التبرع لهذه المشروعات، وعلى سبيل المثال يمكن أن تذهب المجلة لأهالى منطقة الأسمرات لتوعية السيدات هناك بطبيعة الحى والحياة التى انتقلوا إليها وكيف ينعكس ذلك على تربيتهن لأبنائهن والتى تختلف كليا عن العشوائيات وما ينتشر فيها من سلوكيات، مؤكدا أن معرفة المواطنين بمجالس أمناء المؤسسات الخيرية المختلفة يعطى الثقة خاصة مع الحرص على اختيار تلك المجالس من الشخصيات العامة والمتخصصين المشهود لهم بالنزاهة والمصداقية.
تحرى مستحقى الصدقة
من جانبه أكد الشيخ إسلام النواوى أحد علماء الأزهر الشريف، أن الإسلام جاء للمحافظة على علاقة الإنسان بربه ومجتمعه، ومن جملة تعاليمه الزكاة والصدقات بما يدل على عظمة هذا الدين الذى أحدث طفرة بين الأنظمة الرأسمالية والشيوعية، حيث يحافظ على ملكية الأشخاص مع مراعاة الفقراء والمساكين بفريضة الزكاة التى ترتبط بالغنى والفقر، كما شرع الصدقة وهى ما يخرجه الإنسان عن طيب خاطر للمحتاجين والمساكين، وهى عبادة تطوعية يقاوم فيها المسلم غريزة حب المال، وحثنا الرسول الكريم على الحرص على التصدق فى أحاديث كثيرة منها "داووا مرضاكم بالصدقة" و" اتقى النار ولو بشق تمرة" و" المسلم فى ظل صدقته يوم القيامة"، والتحلى بفضيلة الصدقة دليل على محبة الله لعباده، فالصدقات من أعظم النوافل التى يتقرب بها المسلم إلى ربه.
ويضيف الشيخ النواوى أن من الأمور الطيبة وجود جهات رسمية تجمع الصداقات، لتوصيلها إلى المحتاجين، وهنا يثاب المسلم بأجرين، أجر الصدقة، وأجر تحرى مستحقيها، ورسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والسلام كان حريصا على أن يجمع الصداقات من خلال عمال بيت المال لتكون تلك مهمتهم المحددة، وهى من الأعمال التى لا يحدها ميزان، كما أنها أيضا من الصالحات التى يتمنى أهل الآخرة أن يعودوا للدنيا لكى يفعلوها، مصداقا لقوله تعالى " وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصَّدق وأكن من الصالحين"، ويتفق العلماء على أن من يخرج ماله لتفريج كربات الناس لا يقل ماله أبدا، فلا ينقص مال من صدقة، فقد قال تعالى فى حديث قدسى "يا ابن آدم انفق، أنفق عليك"، فالذى سيتولى الإنفاق على المتصدقين هو الله الذى لا تنفذ خزائنه أبدا، فهنيئا للمتصدقين بالبركة فى الصحة، ووفرة المال، وصلاح البال.